اخر الاخبار

تشهد شريحة المشردات في العراق واقعا مؤلما، صنعته أسباب اقتصادية واجتماعية، جعلت من الشارع مكانا يلتجئْن له، يقابله اهمال واضح من قبل مؤسسات الدولة المعنية.

ويرجح حقوقيون، أن هذه الشريحة هي أكثر عرضة للاستغلال من قبل عصابات الإرهاب، مؤكدين وجود انتهاكات يتعرضون لها داخل دور الدولة سواء بالحرمان من التعليم والتأهيل النفسي وغيرها الكثير من الانتهاكات التي جعلت الفتيات يتخذن من الانتحار وسيلة للتخلص من الواقع المر الذي يعشن فيه.

الشوارع تكتظ بهم

وتذكر الحقوقية راقية الخزعلي، ان “ملف العناية بدور المشردات الخاصة بالفتيات، يجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية”، مضيفة ان معالجة هذا الملف تقضي على “حالة التسول والتشرد وبقية المشاكل الاجتماعية”.

وعدّت الخزعلي في حديثها لـ”طريق الشعب”، ان التشرد “مظهر غير حضاري، يدل على عدم وجود احترام لحقوق الإنسان التي ضمنها الدستور العراقي، إضافة إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

وتشير إلى أهمية “إيداع المشردات في دور خاصة وآمنة تحت حماية الدولة، بضمان توفير معيشة لائقة بهن من ناحية المستلزمات والاحتياجات كافة”، لافتة إلى وجود حوالي مليوني متشرد في الشوارع العراقية.

وحثت الخزعلي، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية على تعزيز الاهتمام بهذا الملف الذي بات يشكل حالة تدل على اليأس، مطالبة الحكومة بـ “توفير فرص عمل للشباب من اجل القضاء على ظاهرة البطالة مع زيادة دخل الأفراد، كونها عوامل تساهم في تقليل نسب التشرد”.

هل عالج قانون الأحداث ظاهرة التشرد؟

ويعرف قانون الأحداث رقم 76 لسنة 1983، (المشرد)، بأنه “كل حدث لم يتجاوز الـ15 من العمر ويعثر عليه من دون مرافقة ولي أمره وهو يتسوّل في الاماكن العامة، او يمارس متجولا مهنة مثل صبغ الأحذية او بيع السكائر، او اية مهنة اخرى تعرضه للجنوح. كما اعتبر القانون الحدث (مشردا) اذا لم يكن له محل إقامة معين او اتخذ الأماكن العامة مأوى له ولم تكن له وسيلة مشروعة للعيش، او ترك منزل وليّه من دون عذر مشروع”.

وتعلق الخزعلي على قانون الاحداث، ان “هناك الكثير من الانتقادات وجهت اليه، حيث لم يجر عليه تحديث في نصوصه منذ عام 1983 والى اليوم”، مشيرة الى انه “لم يتضمن معالجات فعالة تستطيع حل هذه الظاهرة”.

هجمة ضد حقوق المرأة

من جانبها، تؤكد الناشطة الحقوقية صابرين السرّاي، أن السبب الرئيس وراء ارتفاع ظاهرة العنف ضد النساء والفتيات الصغيرات يعود إلى عدم وجود قانون يجرّم هذه الأفعال ويردعها بشكل قاطع، قبل الحديث عن العوامل النفسية والاقتصادية والاجتماعية.

وتوضح السرّاي لـ”طريق الشعب”، أن “هجمة شرسة يقودها البعض داخل السلطة التنفيذية والتشريعية ضد حقوق المرأة، مستخدمين بعض العادات البالية والخطابات الدينية المتطرفة التي تدعو إلى تقويض دور المرأة وجعلها أداة أو سلعة لا أكثر”، داعية إلى “إيجاد دور للإيواء بعد غياب الأمان عن الكثير من النساء والمعنفات في بلد أصبحت هذه المظاهر فيه يومية ومألوفة”.

وتضيف “رصدنا حالات مريعة تتمثل بقتل نساء كثيرات بسبب التعنيف وسوء المعاملة، وتتعرّض كثيرات منهنّ إلى اعتداءات بالضرب تحت عنوان (الشرف، أو غسل العار) أو أحيانا بسبب قضايا اجتماعية بسيطة”، مضيفة أن “هناك جهودا كثيرة من منظمات نسوية ومدنية وديمقراطية للدفاع عن قضايا المرأة، والمطالبة بتوفير دور إيواء لحماية الشابات”

فقدن المعيل

ويقول رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان، فاضل الغراوي، ان “ملف دور المشردات من الملفات المهمة التي يجب لفت النظر لها ومعالجة ما تشهد من انتكاسات، كون ان هذه الفئة تحتاج الى رعاية خاصة، بسبب حجم الانتهاكات التي تعرضوا لها من فقدان المعيل والسكن والحقوق”.

ويضيف في حديثه لـ”طريق الشعب” ان “الدور الآمنة يجب ان تتعامل بمبادئ حقوق الإنسان”، لافتا الى ان واقع الحال يتطلب جهودا مكثفة وحقيقية تتناسب مع الخدمات المقدمة لهم، بالسماح بالخروج من الدار وتحفيزهم على الاستمرار في التعليم ومحاولة إعادة الروابط الاسرية.

وطالب بـ”ضرورة إعادة النظر في الإجراءات المتبعة من قبل الجهات المسؤولة عن الدور”.

للحروب نصيبها في الظاهرة

وتذكر رؤى خلف (وهي ناشطة في مجال حقوق المرأة)، ان “أهمية وجود دور الايواء للفتيات والصبيان توازي أهمية وجود المؤسسات التعليمية او مؤسسات حماية الافراد”، مشيرة الى ان “هذه الدور تكمن أهميتها في حماية الافراد من الآفات الموجودة كالاتجار بالبشر واللجوء الى إدمان المخدرات والتسول وغيرها”.

وبحسب ما ترى خلف فإن “اهميتها تظهر بالتزامن مع تفاقم الازمات في البلد، كالحروب والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية، حيث خلفت نسبا كبيرة من حالات التشرد والنزوح الداخلي او الهجرة الخارجية”.

معاملة السجون

وتردف أن “هناك ضبابية في طريقة تعامل ادارة الدور مع الفتيات”، مضيفة “اننا غير قادرين على معرفة ماذا يواجهون او بأي طريقة يتم التعامل معهم، كونهم يعاملون معاملة السجون”.

وتحذر خلف من أن هذه العوامل والضبابية في التعامل ولدت مؤشرات خطرة، حيث تقول ان “هناك حالات انتحار بين فترة واخرى تحدث داخل دور الفتيات، اغلبها لا تؤدي للموت”.

وفي ختام حديثها، طالبت رؤى خلف بـ”تفعيل القوانين والتعليمات النافذة بما يتناسب مع الوقت الحالي، خاصة تلك التي تخص موضوع التعليم والتمكين الاقتصادي، إضافة الى توسيع دور الايواء، مع ضرورة فرز الاعمار، وليس جعلها كالسجون المختلطة بجميع الاعمار والفئات”.

عرض مقالات: