اخر الاخبار

تقول منظمة اليونيسيف أنه لا ينبغي أن يخشى أي أحد الذهاب إلى المدرسة. ومع ذلك، يتعرض طلبة كثيرون إلى أنواع عديدة من العقاب الجسدي والنفسي ظهر بعضها في مواقع التواصل الاجتماعي وأثارت الرأي العام. وخلال العام الحالي، رصدت الكثير من هذه الانتهاكات، كان أبرزها ما حدث في مطلع العام الجاري بعد وفاة طفلة نتيجة طردها من المدرسة بسبب عدم ارتدائها الحجاب، وصولا إلى نهاية العام والحادثة التي أثارت الرأي العام بقص شعر تلميذة في إحدى المدارس، وما رافق ذلك من تفاصيل أخرى.

أصل الفكرة

وبغض النظر عن نتائج التحقيق التي ظهرت أو ستظهر بشأن هذين النموذجين، إلا أنهما أثارا الكثير من الحديث عما يجري أحيانا في بعض المدارس والإساءة التي تبدر تجاه التلاميذ والطلبة رغم أن الجهود التي تقدمها الكوادر التعليمية لا تقدر بثمن. وعلى النقيض من ذلك تماما، يتعرض في أحيان كثيرة اساتذة في المدارس الابتدائية والثانوية إلى الاعتداءات أيضا، بينما لم تنته هذه المشكلة رغم التهديدات القانونية بفرض العقوبات الرادعة. وبشأن ذلك، يقول صباح محسن، وهو معاون في إحدى مدارس العاصمة المتوسطة، أن “سنوات طويلة من تدمير الإنسان والقطاع التعليمي، أصبحت تعطي نتائج خرابها الآن والطلبة واساتذتهم يكونون ضحية دائما مع كارثة ضعف القانون”.

العنف لم ينتهِ

ووفق وجهة نظر محسن، فإن “العنف لم ينته داخل المدارس بل هنالك حالات متصاعدة تكشفها أحيانا مواقع التواصل الاجتماعي أو بعض الوسائل الإعلامية، حيث ان ذلك مرتبط بمشاكل نفسية واجتماعية ومؤسساتية كثيرة”، مضيفا أن “العراق بلد يتعرض إلى الحروب والحرمان وأصبحت مظاهر العنف فيه مألوفة، أما الجانب النفسي فهو من أسوأ ما يكون في ظل هذه المعطيات بالتأكيد، فضلا عن قلة أعداد الكوادر التعليمية مقابل أرقام هائلة للطلبة والتلاميذ يتوجب على الاساتذة تعليمهم وتربيتهم بنفس الوقت، وفيهم من يأتي من مناطق فقيرة جدا أو بيئات اجتماعية ليست سليمة من حيث التعامل مع الاساتذة أو الالتزام”.

ويوضح المعاون لـ”طريق الشعب”، أن القضية “مركبة ومتداخلة مع بعضها البعض. هذا لا يعني أن الطالب بريء ومنزه من الأخطاء والسلوكيات السلبية، ولكن في كثيرٍ من الأحيان تكون العقوبة والردع مبالغ فيه وهذا ما نرفضه. من الواجب أن يتم تأهيل الكوادر التربوية نفسيا أو تدريبهم على التعامل مع هذا الجانب”، مشددا على وجود “جانب آخر من التعنيف وهو (معنوي) فهنالك سلوكيات سيئة جدا مثل منع بعض الاساتذة طلبتهم من شرب الماء في الدرس وخصوصا للصغار منهم. أن شرب الماء هو حق أساسي من حقوق الإنسان، ويعادل حرية الإنسان في استنشاق الهواء، ولا يحتاج إلى أذن، هناك من يمنعه بسبب مفاهيم خائطة وعقد نفسية، ولا يجب أن يحصل مثل هكذا نوع من السلوكيات داخل المدارس”.

ويتابع المتحدث أن “اساتذة كثيرين يتعرضون إلى اساءات لا حصر لها، وهنالك خلل واضح من قبل الجهات المعنية في توفير الحماية لهم من الاعتداءات المتكررة”.

حادثة “اعتداء” جديدة

وقبل يومين، أثار ما أعلنته الشرطة المجتمعية جدلا واسعا بعدما قالت إنها “توجهت إلى متوسطة الحضارة للبنات ضمن منطقة بوب الشام واللقاء بمديرة المدرسة والمُدرّسة وبحضور الإشراف التربوي ووجهاء المنطقة وفندت المدرسة قصها لشعر الطالبة “غدير عبد الأمير” الطالبة في صف الأول متوسط وذلك بشهادة الكادر التعليمي وبعض الطالبات وبعدها تم التوجه الى منزل الطالبة ضمن قرية الاصلاح واللقاء بها وبحضور والديها والتحدث معها، قالت الطالبة: إن مدرّسة المادة هي من قامت بقص شعرها بدون سبب وبشهادة بعض الطالبات وصاحب الخط”. وبالرغم من العقوبات القانونية لمرتكبي العنف ضد الطلبة والتلاميذ في المدارس، إلا أن هذه الظاهرة تتفاقم يوماً بعد آخر، لكن الحقّ أحيانا يضيع بين الجانبين، وكثيرا ما يكون أولياء الأمور غير متعاونين أو يبررون اساءات أبنائهم وبناتهم خلافا لما كانت عليه التقاليد الاجتماعية قبل عقود من الزمن، بحسب ما يقول المهتمون بهذا الجانب.

ارقام صادمة

ويتحدث الأستاذ حازم أحمد (مشرف تربوي متقاعد) عن أرقام صادمة بخصوص العنف الذي يطال الأطفال بشكل عام في العراق. ويقول لـ”طريق الشعب”، إن “خبرة العمل والتماس المباشر مع الأطفال داخل المدارس يتبين بوضوح أن الغالبية منهم تعرضوا في مرحلة ما من حياتهم إلى العنف سواء كان جسديا أم نفسيا”، مشيرا إلى أن “البعض يذهب إلى أن الضرب ينسجم مع حق التأديب المقرر شرعا وقانونا، خصوصا في المادة 41 من قانون العقوبات العراقي والتي نصت على: (لا جريمة اذا وقع الفعل استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون، ويعتبر استعمالا للحق تأديب الآباء والمعلمين ومن في حكمهم للأولاد القاصرين) وأن ذلك تشريع قانوني يتيح هكذا نوع من العقوبات وهو يدمر التعليم ولا ينفعه بشيء”.

وضمن أول دراسة شاملة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، منذ 7 سنوات عن وضع الأطفال في العراق، قالت في عام 2018 أن “81 في المائة من الأطفال العراقيين تعرضوا للتعنيف الجسدي أو النفسي. وأن الأسر تميل لضبط سلوك الأطفال من خلال معاقبتهم، عندما يسيئون التصرف والسلوك”. وبحسب قول المشرف فأنه لا بد من الحذر من تبعات العنف المتمادي ضد الأطفال في المدارس، ولا بد أيضا من “مواجهة الظاهرة عبر التعاون المشترك بين الأهالي والمعلمين بشكل مدروس وتوفير الأجواء المدرسية الصحيحة والمتابعة المستمرة بين الجانبين، وقبل كل ذلك، يتوجب أيضا حماية الكوادر التربوية من التجاوزات لأنها أصبحت مسألة موجودة ويمكن ملاحظتها بوضوح، الأمر الذي دعا جهات قضائية وأمنية كثيرة لأن تصدر مواقف عدة بهذا الخصوص”.

عرض مقالات: