قبل انقضاء العام الحالي لا تزال التحديات والمصاعب شاخصة بوجه المرأة العراقية، وسط تنامي وتفاقم حالات العنف والابتزاز، وضعف التشريعات القانونية الخاصة بهن.

اضافة الى ذلك، شخّص معنيون ضعفا في أداء ممثلاتهن في البرلمان العراقي، وعدم معرفتهن بقضايا المرأة، وفشلهن بأن يكنَّ ممثلات عن هذه الشريحة الواسعة وان يكنَّ صوتا يعكس احتياجاتهن.

ارتفاع في معدلات الطلاق

وشهد العام الحالي أكثر من سبعة وثلاثين الف حالة طلاق، منها اربعمائة وثمانية وثمانون حالة خلال شهر كانون الثاني، وخمسة الاف حالة خلال شهر تشرين الثاني. بنحو تسع حالات كل ساعة، بحسب احصائيات أعلن عنها المجلس القضاء الأعلى خلال العام المنصرم.

ويذكر القانوني مرتضى الحسني، ان “المحاكم تسجل يومياً عشرات حالات الطلاق، بسبب سوء المعاملة والعنف الأسري، إضافة الى وجود حلات طلاق بنسب كبيرة نتيجة التعرض للخيانة او لعدم وجود تفاهم بين الطرفين”، مؤكدا ان “نسبب الطلاق في صعود لافت من عام الى اخر”. ويشير الحسني في حديثه الى ان “زواج القاصرات له نصيب في زيادة هذه النسب، وهذا يعود لعدم وجود نضوج فكري كامل لدى الطرفين في تحمل هذه المسؤولية”.

وعن حالات العنف الاسري يبين، أن “أحد أكثر الأسباب التي رصدت في الآونة الأخيرة وتدفع الزوج إلى تعنيف زوجته أو أطفاله، هو تدهور الأوضاع المعيشية في ظل غياب فرص العمل، وهذا له تأثير نفسي على النساء”.

تجارة في قضايا النساء

ونشرت وزارة الداخلية إحصائية لمعالجة سبعمائة وأربع وخمسين حالة تعنيف للنساء منذ مطلع العام الحالي، وحتى منتصف شهر كانون الثاني.

وعن ارتفاع معدلات العنف وحالات الطلاق خلال هذا العام، علقت الاكاديمية والناشطة في حقوق المرأة بشرى العبيدي قائلة: ان “عدم وجود إرادة سياسية حقيقية تعمل على إيقاف الانتهاكات التي تتعرض لها النساء، إضافة الى عدم وضع معالجات، يؤدي ذلك الى الاستمرار في الحديث عن ارتفاع وتفاقم هذا العنف”، وحملت خلال حديثها، منظمات المجتمع المدني بعضا من المسؤولية في تفاقم تلك الظاهرة، متهمة اياها بأن بعضها صار عملها تجاريا لا انسانيا.

وتتساءل خلال حديثها لـ”طريق الشعب”، عن “ملايين الدولارات التي تم صرفها على مشاريع إنسانية لم تحقق اغراضا حقيقية او تعود بالنفع كذلك على المرأة”.

النساء تحت قبة البرلمان!

وعند التطرق الى المشاركة النسوية في العمل السياسي داخل مجلس النواب خلال هذا العام، تقول العبيدي ان “القوى الموجودة في السلطة اليوم استغلت وجود الكوتا النسائية التي قاتلنا من اجلها سابقا، لأجل ان يكون هناك صوت نسائي يمثل هذه الشريحة، ويعكس تطلعاهم واحتياجاتهم، لكن هذه القوى جاءت بنساء لا يملكن معرفة بقضايا النساء”.

وعن دور النائبات تحت قبة البرلمان، اوضحت بالقول، انه “الى الان لم نشهد أداء حقيقيا وواضحا او دورا يقف بصف المرأة”، ملفتة الى وجود نائبة سعت الى جمع تواقيع بهدف إقرار مقترح مشروع قانون الغاء المادة السبعة والخمسين من قانون الأحوال الشخصية، التي تتعلق بإيداع حضانة الام الى اطفالها.

وفي ما يخص اداء لجنة المرأة البرلمانية قالت انه “الى الان لم نشهد عملا بارزا لدى اللجنة، فنحن اليوم لدينا قضيتان مهمتان؛ الاولى تشريع قانون الحماية من العنف الاسري. والثانية تعديل قانون العقوبات، من خلال ازالة النصوص التي تشكل عنفا ضد المرأة”، موضحة انه “الى الان لم نر مبادرات حقيقية وفعالة من قبل هذه اللجنة”.

نجاح من رحم المعاناة

وشهد هذا العام كما الاعوام السابقة صعوبات في مختلف الجوانب، التي قد تكون معرقلا كبيرا امام العديد من النساء والفتيات العراقيات، ورغم ذلك نجد هناك من اتخذن من هذه الحواجز تحديات استطعن التغلب عليها وحققن النجاح. ومنها شيلان كمال، الفتاة ذات 21 ربيعاً، التي سجلت اول مشاركة لها في مسرح لندن لبناء الاجسام ببطولة المانيا، حيث استطاعت تحقيق المركز الثاني لتعود من جديد منفردة بالمركز الثالث في بطولة لندن، بمشاركة ما يقرب 60 دولة لتكون أول لاعبة عراقية تشارك في هذه البطولات، وتبرز عضلاتها على مسرح اللعبة.

وقالت شيلان في تصريح لها بعد فوزها، انها “لم تتلقَ الدعم والرعاية من قبل الاتحاد العراقي للعبة والحكومتين المحلية والاتحادية، ما أدى الى تأخير قبول مشاركتها الأخيرة لعدم وجود ممثل عن الاتحاد العراقي، ما اضطرها الأمر الى التكفّل بتسوية الأوراق الرسمية واقناع الاتحاد الانكليزي بمفردها”.

وأضافت شيلان، أن” التحضير لبطولة لندن كان صعباً للغاية، لعدم توفير عوامل النجاح والأجواء الملائمة لتحقيق أفضل من النتيجة المتحققة”، وبينت انها” سعيدة جداً لحصولها على المركز الثالث بعد التنافس مع 146 لاعبة والمساهمة بتسجيل اسم المرأة العراقية بشكل رسمي في بطولة لندن وإعلاء اسم العراق في قاعة المنافسة “.

وتستعد شيلان للمشاركة في بطولة اسبانية مقبلة، كما انها تسعى لخطف المركز الأول، مُناشدةً الاتحاد العراقي ووزارة الشباب بتقديم الدعم المعنوي من خلال التواجد معها في المشاركات الرسمية”.

قصة ملهمة

وخطت طالبة القانون بجامعة البصرة الكفيفة رقية فايز، قصة ملهمة بتفوقها على زملائها لتكون مثلا للإرادة الصلبة في مواجهة التحديات .

عاشت رقية حياة قاسية بعد فقدان والدتها والعيش مع اب كفيف، وكان دخلهما المادي الوحيد راتب الرعاية الاجتماعية، لكن هذا لم يمنعها بان تكون متميزة بكل شيء وذات مستوى علمي يفوق بعضا من زميلاتها.

فقدان رقية بصرها لم يثنِها عن التفوق في مرحلة الإعدادية واحراز معدل يؤهلها لتحقيق حلمها في الدخول لكلية القانون والبدء برحلة تحقيق الحلم الاكبر بأن تكون محامية او اكاديمية في كلية القانون.

تقول رقية إن “دراسة القانون صعبة وترافقها صعوبة الحياة من ضعف المردود المادي، كون عائلتي تعتاش على راتب الرعاية الاجتماعية الذي نتقاضاه من وزارة العمل، ورغم هذه التحديات تمكنت من التفوق والتميز في هذه الدراسة “. وناشدت رقية وزارة التعليم العالي ومؤسسات الدولة بضرورة دعمها ونظرائها كون الشهادة هي السلاح الوحيد الذي ينقذهم من العتمة بعد فقدان البصر.

تنامي ظاهرة الابتزاز

وفي ما يخص قضية الابتزاز الالكتروني، فقد تنامت هذا الظاهرة في العراق، حيث كشف جهاز الأمن الوطني في وقت سابق، عن إلقائه القبض على واحد وثلاثين متهما بقضايا ابتزاز إلكتروني خلال شهرين فقط، وهو رقم يعتبره مراقبون ومدافعون عن حقوق المرأة مفزعا وقد يدل ربما عن وجود مئات الحالات غير المكتشفة.

ووفق بيان لجهاز الأمن الوطني العراقي فإن: “بعد ورود شكاوى من المواطنين بخصوص تعرضهم لحالات ابتزاز إلكتروني، تمكن جهاز الأمن الوطني خلال شهري يونيو ويوليو من تنفيذ عمليات عدة، بعد استحصال الموافقات القضائية، ونصب كمائن محكمة أسفرت عن الإطاحة بواحد وثلاثين مبتزا حاولوا استغلال الضحايا عبر مساومتهن بمبالغ مالية، هذا وقد تم تقديم جميع المتهمين إلى الجهات القضائية المختصة لينالوا جزاءهم العادل وفقا للقانون”.

ورغم أن حالات الابتزاز الإلكتروني تتعدد أشكالها وتطال مختلف فئات المجتمع، لكن النساء هم الضحايا الأكثر عرضة لهذه العمليات وفق الإحصائيات والبيانات الرسمية الحكومية، وكذلك تلك الصادرة من قبل المنظمات والهيئات الحقوقية والمدنية غير الحكومية على حد سواء.

وينجم عن تصاعد حالات الابتزاز الإلكتروني هذه، جملة مشكلات وأزمات اجتماعية وأمنية وفق خبراء رقميين وحقوقيين، حيث تتسبب مثل هذه العمليات بحوادث وجرائم تصل للقتل والخطف والتشويه الجسدي، وتفكك الأسر وارتفاع معدلات الطلاق.

عرض مقالات: