اخر الاخبار

دفعت الجرائم الأسرية المروّعة التي جرت خلال الاسبوعين الماضيين، في عدد من المحافظات، الجدل حول أهمية تشريع قانونٍ للحد من العنف الأسري، الى الواجهة؛ إذ يطالب ناشطون ومعنيون بضرورة الإسراع في تشريع القانون، الذي يواجه مصدات كثيرة داخل مجلس النواب ومن تيارات مختلفة.

ويرفض الناشطون أن يكون للحظر الوقائي أثر كبير في تصاعد حالات العنف الأسري، بل أن “الإعلام أخذ يسلط الضوء على جرائمه”، حسب قولهم.

وكان مجلس الوزراء صوّت في  4 آب من العام 2020  على مسوَّدة مشروع قانون الحماية من العنف الأسري، وأحاله إلى رئاسة مجلس النواب، لأجل تشريعه وإقراره.

وسجلت مدير حماية الأسرة والطفل من العنف الأسري في وزارة الداخلية، العام الماضي، 15 ألف حالة عنف منزلي في العراق، بحسب إحصائية لها.

جرائم مروّعة

وفي الاسبوع الماضي، أقدم أب على قتل أبنائه الثلاثة ‏شنقاً حتى الموت، ‏في محافظة ميسان، وقام شاب بحرق أبيه ليفارق الأخير حياته ‏متأثراً ‏بجروح الحرق، في المحافظة ذاتها.‏ وفي العاصمة بغداد، أقدم ثلاثة شبان على قتل والدهم، ‏بسبب ‏الخلافات حول الميراث.

في محافظة ذي قار، التي ‏تشهد وضعاً اقتصادياً متردياً، أقدمت فتاة تبلغ ‏من العمر على الانتحار بواسطة “الشال” داخل غرفتها. ‏

ومن قبل ذلك، قام رجل برمي زوجته من السيارة، عندما كان ‏يسير بسرعة كبيرة. وقد فارقت المرأة حياتها ‏على إثر الحادث.‏

وفي محافظة أربيل، أقدم رجل على قتل زوجته التي تبلغ من ‏العمر ‏‏30 عاماً،  فيما ألقت القوات الأمنية القبض عليه.

فقدان القيم

وقالت الناشطة في منظمة (لأجلها) المعنية بحقوق المرأة، مروة عبد، لـ”طريق الشعب”، أن حالات ‏العنف الاسري  لم “تعد موجهة من الرجال نحو النساء فقط”، وانما يطال العنف كل افراد الاسرة، ملاحظة أن اي شخص ضعيف ممكن ان يتعرض للعنف ‏داخل الاسرة “بغض النظر عن جنسه او عمره”.‏ وتؤشر عبد، أن بعض المواطنين لا يبالون للآداب ‏المجتمعية، “المجتمع فقد الكثير من القيم”.

وتشير الى “عدم وجود ‏قانون رادع للعنف الاسري”، كما يؤكد أن “هناك ضعفا في تطبيق القوانين الاخرى المتعلقة ‏بالقتل او الشروع بالقتل”، محذرة من أن هذا “يفاقم هكذا جرائم”. وتردف الناشطة، أن “تشريع القانون يواجه تحديات عدة”، مشيرة الى ان اطرافا كثيرة ترفض ‏تشريعه، لأنها تعد ذلك “تدخلا في أمور الاسرة والبيت”، حسب قولها.

وتجد المتحدثة، أن “العنف الاسري لم يزدد مؤخرا، ولا علاقة للحجر ‏الصحي بارتفاع نسبته، انما “الرأي العام بدأ يوجه يسلط ‏الضوء صوبه أكثر”.‏

بابل.. أنموذجا

وذكرت تقارير اعتمدت على إحصائية ‏رسمية لمحاكم التحقيق في ‏محافظة ‏بابل، أن المحافظة ‏سجلت خلال ‏الأعوام الثلاثة الماضية ‏‏113 حالة ‏قتل، توزعت بالتساوي على ‏الجنسين؛ 57 حالة قتل ضد ‏الرجال، ‏و56 ضد ‏النساء.

وأفادت الإحصائية في ما يخص حالات القتل ضد النساء، بأن ‏‏”عام ‏‏2018 ‏شهد قتل 20 ‏امرأة، بينما سجل عام 2019 خمس عشرة ‏حالة، ‏وذهبت ‏‏22 امرأة ضحية القتل في عام ‏‏2020”.‏ وبحسب التقارير، فإن المحافظة “سجلت في العام 2018، 15 حالة ‏ضد ‏الرجال، وفي العام 2019 أربعا ‏وعشرون حالة، فيما شهد العام ‏‏2020 ‏تسجيل 17 حالة قتل”.‏ وأشار التقرير الذي أعدته شعبة الإحصاء في محكمة استئناف بابل، ‏طالعته ‏‏”طريق الشعب”، الى “ارتفاع معدل حالات القتل التي حدثت داخل ‏نطاق ‏الأسرة، فقد ذهبت 34 ‏امرأة ضحية قتل كان وراءها أحد أفراد ‏العائلة”.‏ ووفقاً للتقرير فإن “34 من أصل 57 امرأة كانت ضحية قتل عائلي خلال ‏ثلاثة ‏أعوام في ‏محافظة واحدة”، ما يعني أن أكثر من نصف عدد ‏النساء ‏المقتولات جرت تصفيتهن عن طريق ‏أحد أفراد الأسرة.‏

أما في ما يخص الرجال، فقد تبين أن 17 حالة كانت على نطاق ‏الأسرة، ‏من بين 56 حالة قتل ‏حدثت خلال 3 سنوات.‏ وفي تفاصيل التقرير، أن “ست جرائم قتل ضد الرجال كان الأخ متسببا ‏بها، ‏وحالتان عن ‏طريق الأب، و3 حالات على يد ابن العم، و4 ‏حالات ‏تسببت بها الزوجة، و2 على يد ‏الطليقة”.‏

‏إشغال الرأي العام‏

من جانبها، تحدثت المحامية، هديل العزاوي، لـ”طريق الشعب” عن الاثار ‏الايجابية الذي يولده تشريع القانون في الحد من حالات العنف. وقالت انه ‏‏”لو شرع القانون لوضع حدا الى كثير من حالات العنف، بل لكان يمكن ان ‏يمنع الحالات التي تصل الى تشويه الجسد او القتل”. ‏

وأوضحت “شهدنا في الاشهر الماضية حملات كثيرة طالبت بتشريع ‏القانون ولكن انشغال الناشطين بقضايا اخرى مثل الانتخابات جعلتهم ‏ينسون موضوع تشريع قانون العنف الاسري”.  ‏

وبينت أن “في الوقت الذي كنا نضغط فيه، لأجل تشريع القانون طرحت ‏الحكومة قانون الجرائم المعلوماتية كمحاولة لإشغال الرأي العام عن العنف ‏الاسري”. ‏

وأشارت العزاوي الى ان “جزء كبير من الكتل لديها تحفظاتها على القانون وقد لا ‏تسمح بتمريره، وعندما طرح القانون على طاولة مجلس النواب تم تأجيله ‏الى اشعار اخر”.  ‏

ورجحت المحامية أن “تشريع القانون قد يؤجل الى دورة برلمانية ‏قادمة، وقد تضاف اليه مواد جديدة من قبل البرلمان القادم”. ‏