على الرغم من الاعداد الهائلة للخريجين العاطلين عن العمل، تقول خريجات وناشطات إن عدد النساء اللاتي أكملن الدراسة الجامعية وبقين خارج سوق العمل، أكثر بكثير من عدد الذكور.
وتشكو النساء من حملة الشهادات قلة فرص العمل سواء في القطاع العام أم الخاص واضطرار بعضهن إلى تقبل أعمال بعيدة عن التخصصات أو بمرتبات ضئيلة من أجل توفير متطلبات المعيشة.
عراقيل تواجه النساء
وتتحدث المدافعة عن حقوق الإنسان، انتصار الميالي، عن أسباب عديدة تقف عائقا أمام الخريجات وتجعل فرص العمل امامهن قليلة رغم ظروف العيش الصعبة.
وتقول الميالي خلال حديثها مع “طريق الشعب”، أن فرص العمل المتاحة في السوق، تفرض صعوبات على المرأة ومنها مثلا في القطاع الخاص: “المواصفات التي يضعها أصحاب العمل والشركات، لا تتعلق بالمهارة بل بالشكل والمظهر، وكذلك فرص العمل التي تتطلب من النساء البقاء حتى ساعات متأخرة كما في (المولات) والمجمعات الطبية ومراكز التجميل وغيرها، فضلا عن انتشار المحسوبية وسوء الأوضاع الأمنية وبعض الظواهر السيئة مثل التحرش فهي عوامل تقلل من حظوظ المرأة بالحصول على فرص عمل”.
وتضيف الميالي قائلة: “بعض الأرقام التقديرية التي تصدر عن الجهاز المركزي للإحصاء أو منظمات المجتمع المدني توضح أن نسبة مساهمة الخريجات العاملات في الوظائف العامة أو الخاصة تكون اقل من الخريجين الذكور. ومن ضمن أسباب ذلك هو الفرص الأوسع للعمل بالنسبة للذكور كالانخراط في سلك الشرطة والجيش مثلا أو غيرهما، لذلك نرى أن مساهمة النساء الخريجات في سوق العمل أقل بكثير من الذكور”.
وفي آخر مسح أصدرته وزارة التخطيط عن القوى العاملة في العراق لسنة 2021 أوضح أن “معدل مشاركة النساء بالقوى العاملة هو 10.6 في المائة مقابل 68 في المائة للذكور” وهذه نسبة واضحة كفاية بخصوص قلة النساء المشاركات بسوق العمل.
أما لمياء أحمد، وهي مهندسة ميكانيك تخرجت عام قبل 12 عاما فتقول أن “سوق العمل يعاني من بطء شديد ويقتصر نشاطه على مجال الخدمات”.
وتوضح أحمد لـ”طريق الشعب”، أن التخلف ضرب قطاعات واسعة منها “الصناعة والزراعة وهما قطاعان يمكن أو يوفران اعدادا هائلة من فرص العمل للخريجات لكن تعطل الزراعة والصناعة وغيرهما حال دون ذلك. أنا نموذج للخريجات العاطلات فنحن ننتظر منذ أكثر من 10 اعوام دون جدوى”. وتلفت إلى أن التعيين أو العمل بالقطاع الخاص بات عرضة إلى “الابتزاز والمساومة نتيجة الفساد وغياب الرقابة وهذا ما جعل نساء كثيرات دون عمل”.
لا عدالة
وتمثل قلة فرص العمل للنساء الخريجات ظاهرة تفاقمت خلال السنوات الماضية. وعلى الرغم من أهمية الخريجات الأوائل نظرا لمستواهن العلمي وقدراتهن فالبطالة جعلتهن ضحية جديدة ولم تأبه بالاستفادة منهن.
وتقول رسل مهدي (الأولى على دفعة كلية الادارة والاقتصاد عام 2016) أنها لم تحصل على فرصة عمل في مجال اختصاصها رغم تفوقها.
وتبيّن مهدي لـ”طريق الشعب”، أن “الحكومة فشلت في توفير فرص العمل للخريجات، وحتى اللاتي أتين بترتيب الأوائل في كلياتهن لم ينلن الفرصة. بعد أن عجزت عن الحصول على فرصة عمل ضمن اختصاصي توجهت للعمل في مجالات أخرى كشركات السياحة والسفر والتدريس الخصوصي الذي تضاءل بسبب كورونا”.
وكذلك الحال مع الخريجة نور محمد (ضمن أوائل كلية التربية/ جامعة بغداد) التي تقول أنها “عاطلة عن العمل منذ 9 سنوات ولم تتوفر لها فرصة عمل ضمن التخصص الاكاديمي”.
وتؤكد محمد لـ”طريق الشعب”، أنها اضطرت للعمل في “الأجور اليومية بوزارة الموارد المائية مقابل مرتب ضئيل ومن ثم احيلت على الاجازة الاجبارية (بدون راتب) لأسباب التقشف التي طرأت على الوزارة”.
الكثير من الخريجات اضطررن للعمل في مجالات بعيدة عن تخصصاتهن الدراسية ومنهن من رضيت بأقل القليل نظرا لشحة فرص العمل.
وضمن هذا المشهد، تشير نيران عبد الحسين (خريجة معهد ادارة) إلى أنها تخرجت منذ 12 عاما، ولم تجد فرصة عمل مناسبة.
وتشدد على أنها بدلا من ممارسة تخصصها أصبحت “محاضرة مجانية أملا بالحصول على فرصة عمل في وزارة التربية، لكنها وبعد سنوات طويلة من الخدمة المجانية لم تحظ بذلك”.
وتؤكد لـ”طريق الشعب”، ان “الفرص تكون قليلة بالنسبة للخريجات وذلك لأن سوق العمل غالبا ما يعتمد على الرجال، ولأن أكثرهن لا يجدن وظائف تناسبهن في القطاع الخاص”.