اخر الاخبار

أطلق عدد من الإدارات المحلية، للمحافظات حصصها التعاقدية “تشغيل الحد الأدنى” التي حددها قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي، بـ 1000 عقد لكل محافظة، الأمر الذي اثار استياء الخريجين والعاطلين عن العمل، الذين وصل عددهم بحسب تخمينات المراقبين الى 15 مليون عاطل، بينما للآن لم تتوصل الدولة الى خطط ناجعة تستوعب تلك القوى العاملة.

وفي هذا الصدد، يؤكد مستشار حكومي، أن الحل مرهون بتمويل المشاريع التي تشغل العاطلين عن العمل، عبر تغذيتها من مالية الإيرادات النفطية.

وطبقا للمراقبين فان نسبة عدد القوى العاملة الداخلة للسوق تقدر بحوالي 400 ألف يد عاملة سنويا.

أفضل من لا شيء!

وعلّق المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء، الدكتور مظهر محمد صالح قائلا: ان تلك التخصيصات “فقيرة” ولا تسد حاجة، معللا ذلك بسبب “عدم وجود موازنة عامة، انما عملية الصرف تتم بآلية 12/ 1 منذ موازنة العام 2021، ضمن قانون الإدارة المالية النافذ، وهو لا يسمح بتعيينات جديدة او تشغيل.. الخ، ويسمونها موازنات الحد الأدنى”.

وقال في تصريح لـ”طريق الشعب”، ان “قانون الدعم الطارئ يشمل فسحة اعتبرها صغيرة، لا بأس بها لخلق دعم جزئي للتشغيل، وهو لن يحل المشكلة بصراحة”.

ورهن صالح حل تلك المشكلة بايجاد بـ”تنمية كبرى واستراتيجية واضحة تمتص كل قدرة عمل موجودة”، مردفا ان “العقود الـ 1000 أفضل من اللا شيء”.

وذكر أن “واحدا من أهداف قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي هو خلق فرص عمل جزئية، أو ما نسميه تشغيل الحد الأدنى”، مكررا أن “الحل يكمن في توجيه مالية الدولة من الإيرادات النفطية نحو المشاريع، وتمويل أي مشروع يشغل العاطلين”.

وشدد على “ضرورة أن يؤطر العاملون بنظام الحماية الاجتماعية والتقاعد والرعاية الاجتماعية”.

ونفى المستشار المالي، قيام المحافظين بتخصيص بعض من هذه الدرجات للمسؤولين والنواب: “نعم هناك شهوة لدى المتنفذين وبكل تأكيد الكل يحاول ان يتدخل، لكن العدالة هو ان يتم الاختيار على اساس الكفاءة والحاجة الفعلية والابتعاد عن التحزب، وانا اعتبر هذه المسالة خطرا داهما وخرقا للعدالة الاجتماعية، ولا يجوز توزيعها على المتنفذين”.

5 آلاف مشروع

وطبقا للدكتور مظهر، فان قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، خصص “أقل من 500 مليار حسب ما أتذكر، لتمويل المشاريع، بينما هناك 5000 مشروع منفذ جزئيا ومتروك، الأمر الذي يكلف خسائر باهظة”.

وأكد صالح انه “عندما نعيد تشغيل تلك المشاريع فان الكلف تتضاعف، لكننا سنضمن تشغيل سوق العمل وتحريك دورة الاقتصاد بشكل صحيح، فالبطالة لدينا كبيرة وهذه فرص مناسبة”.

تساؤلات..؟

ويقول علي محمد، خريج كلية سياحة وآثار، ان العقود الوزارية التي اطلقتها ادارات المحافظات، شهدت تكالب مئات الالاف من العاطلين عليها، مؤكدا ان عدد المتقدمين على الـ1000 عقد في بابل، وصل اكثر من 45 الف متقدم.

ويضيف محمد في حديثه لـ”طريق الشعب”، ان التخصصات المطلوبة في الاستمارة لم تشتمل على تخصصه، بينما تعد بابل مهد الحضارات، مؤكدا انه اضطر الى التقديم على شهادته الإعدادية.

ويشكك محمد في نزاهة تعاطي المسؤولين مع المتقدمين على تلك العقود، التي انعشت حظوظ المسؤولين والنواب الجدد.

ويشير الى ان تشغيل الاف المعامل المندثرة يمكن ان يستوعب ملايين العاطلين ويخفف الضغط على القطاع العام، ويعزز إنتاجية الدولة والاقتصاد الوطني المرهون بالمستورد.

أرقام مرعبة

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي صالح الهماشي أن “الدولة العراقية لم تعد تستطيع استيعاب القوة العاملة، فتطلق هذه الوظائف، ولكن يتم استخدمها ضمن إطار المحسوبية من قبل المتنفذين والمسؤولين”.

وعن فائدتها قال الهماشي في حديثه لـ”طريق الشعب”، إنها “في الواقع ليس لها فائدة، لان نسبة البطالة في العراق عالية جدا، ونسبة عدد القوى العاملة الداخلة للسوق تقدر بحوالي 400 ألف يد عاملة سنويا، وهذا يعني اننا نحتاج على الاقل 400 ألف فرصة عمل سنويا لاستيعاب القوى العاملة”.

ووصف الهماشي الـ 1000 و5000 درجة وظيفية بأنها “إبرة في كومة قش، ولا تشكل شيئا ولن تؤثر، لأنها في واقع الحال قليلة، ويتم استخدامها كإعلان للدولة على أنها تقوم بالتوظيف وغيرها، لكن هذه الآلاف البسيطة من الدرجات لا شيء أمام 15 مليون عاطل عن العمل”، بحسب المتحدث.

وأشار الخبير إلى أن “هذه الدرجات يتم توزيعها لأصحاب الدرجات الخاصة، كنواب ومسؤولين بالدولة وأقاربهم، أما الذي يقدم على استمارة الكترونية من المواطنين، فلن يحصل على هذه الوظيفة، وربما أيضا يتم بيع الدرجات الخاصة من قبل المتنفذين، وهو طبيعي جدا”.

وأكد الهماشي أن هذه الإجراءات “تتعارض مع الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي والورقة الخضراء التي قدمتها حكومة الكاظمي، واللتين استندت فيهما على توصيات صندوق النقد الدولي، الذي كان يؤكد على ايقاف التوظيف وتقليل عدد الموظفين في الدولة العراقية”، مبينا ان “الحكومة اليوم تعمل عكس ما تبنته في الورقة البيضاء، وكان على الاقل يجب ان تضع شيئا لحماية القطاع الخاص في موازنتها المصغرة التي سميت بالأمن الغذائي”.

وخلص الخبير الاقتصادي إلى أن هناك استثمارا ترفيهيا واستثمارا في السكن، بينما على مستوى الخدمات والصناعة والزراعة والصحة والسياحة، فالاستثمار متراجع ومتوقف بشكل تام، ولو اهتمت الحكومة بهذه القطاعات لاستطاعت توفير فرص عمل”، لافتا الى ان “الدولة مهتمة بعملية التوظيف لمصالح بعض الفئات الحزبية، وأهملت إيجاد قوانين تحمي حقوق العاملين وتفعيل الضمان الاجتماعي، وكذلك التأمين وقانون العمل الذي يحتاج الى تطوير لتوفير بيئة قانونية تجعل العامل يستقر في وظيفته”.

عرض مقالات: