اخر الاخبار

يعتبر موضوع معالجة النفايات الطبية التي تفرزها المستشفيات والمختبرات الخاصة والعيادات الطبية وغيرها، ازمة حقيقية تواجه العراق، في ظل عدم معالجتها بالطرق العلمية الصحيحة وانتشارها واختلاطها مع النفايات الاعتيادية.

أنواع النفايات

وتقسم النفايات الطبية التي تنتج عن مخلفات المختبرات ومراكز إنتاج الأدوية والمستحضرات الدوائية واللقاحات، ومراكز التمريض والعلاج البيطري والمؤسسات البحثية، الى قسمين: أولها هو نفايات غير خطرة، وتشتمل على مواد كالتي توجد في النفايات البلدية. وتخلف هذه النفايات الأقسام الإدارية وأعمال النظافة العامة داخل المنشآت الصحية. وتشكل الجزء الأكبر من إجمالي نفايات الرعاية الصحية. ويعامل هذا النوع معاملة النفايات البلدية.

اما النوع الثاني، فهو النفايات الخطرة التي تنتج من مصادر ملوثة أو محتمل تلوثها بالعوامل المعدية أو الكيماوية أو المشعة. وتشكل النسبة الأقل من إجمالي نفايات الرعاية الصحية، وتشكل خطرا على الفرد والمجتمع والبيئة أثناء إنتاجها أو جمعها أو تداولها أو تخزينها أو نقلها أو التخلص منها.

ومن هذه النفايات الأجزاء وبقايا الأعضاء البشرية والحيوانية التي تحتوي على الأنسجة، والأعضاء البشرية، والنسج الجنينية والمشيمية، وجثث الحيوانات، والدم ومشتقاته، والسوائل الجسمية، والنفايات المعدية  التي قد تنقل أيًّا من الأمراض المعدية نتيجة تلوثها بالبكتريا، الفيروسات، الطفيليات، والفطريات، والنفايات الكيماوية التي تشتمل على المواد الكيماوية الصلبة أو السائلة أو الغازية الناتجة من الأنشطة التشخيصية، العلاجية، المختبرية، أو المستخدمة في التنظيف وإجراءات التطهير أو التعقيم، النفايات الحادة التي تحتوي على الأدوات الحادة مثل أبر الحقن (التي بحسب منظمة الصحة العالمية تتسبب سنويا بحوالي 20 مليون إصابة بالالتهاب الكبد الفيروسي نوع C في العالم)، المشارط، المباضع الجراحية، المناشير، الشفرات، الزجاج المهشم، وأي أدوات حادة أخرى قد تسبب قطعا أو وخزا للجسم.

إضافة للنفايات الصيدلانية (الأدوية) الناتجة عن الأنشطة الوقائية أو العلاجية أو عن إنتاج وتحضير المستحضرات الصيدلية والعقاقير والأدوية التالفة أو منتهية الصلاحية، والنفايات الملوثة بالمواد المشعة التي تتضمن جميع المواد الصلبة والسائلة والغازية الملوثة بنويدات المواد المشعة الناتجة من استخدامها في فحوصات الأنسجة البشرية والسوائل، وفي إجراءات تشخيص وتحديد الأورام وعلاجها، فضلا عن نفايات عبوات الغازات المضغوطة وهي أسطوانات الغازات الفارغة أو التالفة والخراطيش (الكارترج) وعبوات التعقيم والبخاخات (أريسولات).

واخرها نفايات المواد السامة للجينات والخلايا، وهي مواد صيدلانية خاصة شديدة الخطورة ولها القدرة على قتل أو منع انقسام الخلايا أو مكونات الجينات، ويشمل هذا المواد المستخدمة في علاج بعض أنواع السرطان وحالات نقل الأعضاء، كما تشمل هذه النفايات أي لوازم مستخدمة في تحضير هذه المواد بالإضافة إلى إفرازات المريض الذي يتم علاجه بهذه المواد، وحتى أسبوع من تاريخ آخر جرعة أخذها المريض.

تشريعات غير ناضجة

وينظم عمل القطاع الطبي والصحي في العراق، تشريعات وقوانين مثل قانون الصحة العامة رقم 89 لسنة 1981، ونظام ممارسة المهن الصحية لسنة 1962، وشروط فتح مختبرات أهلية لسنة 1992، التي لم تُشر الى كيفية التعامل السليم مع النفايات الطبية الخطرة المعدية.

ودرجت العادة في العراق على ان تتخلص العيادات الخاصة والمختبرات من هذه النفايات عن طريق وضعها مع النفايات الاعتيادية التي تقوم ملاكات امانة بغداد بنقلها الى أماكن الطمر الصحي، ونتيجة لظهور شرائح اجتماعية تعتاش على النفايات (النباشة)، فهؤلاء الناس مهيؤون للإصابة في الامراض ونقل العدوى وغيرهم من الذين يفرزون النفايات قبل نقلها للبحث عما يمكن له بيعها؛ فهؤلاء يمارسون عملية نشر ونقل الجراثيم، اضافة الى اصابتهم مباشرة.

مقترحات جدية

يقول الدكتور باسم العضاض، مستشار شؤون البيئة في مجاس محافظة بغداد، والأستاذ المحاضر في كلية الطب/ الجامعة المستنصرية، إنه “لا بد من التعامل مع النفايات الخطرة بشكل خاص؛ فكل نوع منها بحاجة الى طريقة تعامل مختلفة مثل النفايات الحادة يجب جمعها في حاويات سميكة مقاومة. والنفايات السائلة في عبوات محكمة، وبقية المواد توضع في أكياس سميكة مخصصة لهذا الغرض، وتكون مانعة للتسرب، من اجل ضمان نقلها لاماكن المعالجة”.

ويضيف العضاض، ان “التشريعات العراقية النافذة لم تحدد كيفية التعامل مع هذا النفايات، كما ان المكتب الإقليمي لشرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية، التي تضم 21 بلدا من ضمنها العراق، تقول ان الكثير من الامراض التي تصيب أطفال العراق ناتجة عن طريق تلوث البيئة بهذه النفايات.

ويشير إلى ان “المحارق” المستخدمة باتت طريقة قديمة للتخلص من النفايات الطبية الخطرة، وتفرز غازات سامة، فالعالم يستخدم منذ سنوات الأوتوكلاف الثرامة Shredder Autoclave  التي تقوم بتعريض النفايات الى درجة حرارة 121 التي تقتل كل الجراثيم، بالإضافة للضغط والثرم ليحوّلها الى نفايات اعتيادية، يمكن للدوائر البلدية التعامل معها او تحويلها الى سماد عضوي طبيعي.

ويؤكد العضاض، ان هذا الموضوع كان الفكرة الأساسية لبوستر عرض في المؤتمر السنوي الرابع والستين لجمعية السلامة البيولوجية والامن الحيوي الامريكية نورث كارولينا في الولايات المتحدة الامريكية للفترة من 25 - 27 تشرين الأول 2021، وحاز موافقة المؤتمر على نشره.

الاهداف

ويهدف الاقتراح إلى تقدير كمية ونوع النفايات الطبية التي تنتجها المختبرات الطبية الخاصة والعيادات الطبية للمضمدين في بغداد يوميا، لمعرفة جوهر المشكلة، وبالتالي تطوير حل سلس لها. اما الهدف الثاني فهو تعديل القانون واللوائح لقانون الصحة العامة، لأن هذا القانون واللائحة مرّ عليها أكثر من اربعة عقود، ويجب مراجعتها في مجال المعالجة الصحيحة للنفايات الطبية، وضبط المخالفات القانونية، والحفاظ على الصحة العامة والبيئة. اما الهدف الأخير فهو إنشاء شركات خاصة تقوم بجمع النفايات الطبية ونقلها إلى منشآت مخصصة والتخلص منها وفقا للمعايير الدولية المعتمدة، بدلا من التعامل الحالي من قبل امانة بغداد؛ حيث ترمي النفايات الطبية مع النفايات العادية والتي تشكل خطرا جسيما على الصحة العامة والبيئة.

الإدارة السليمة

وحسب البوستر فإن بغداد تنتج يوميا 11 الف طن من النفايات الصلبة يوميا، وتشكل النفايات الطبية جزءا منها.

ويهدف البوستر إلى رسم خارطة طريق للإدارة السليمة للنفايات الطبية، من خلال إنشاء شركة بغداد الخاصة لإزالة النفايات الطبية.

ويقترح الدكتور العضاض تعديل القوانين والأنظمة المتعلقة بالتعامل مع النفايات الطبية والتخلص منها، وفرض عقوبات او غرامات على المُنْشآت المخالفة للقوانين، وإصدار تعليمات لمساعدة القطاع الخاص في انشاء شركات لإدارة وجمع ونقل النفايات الطبية والتخلص منها وتوعية العاملين في أماكن العمل هذه حول حماية الصحة العامة والبيئة.

وفي ختام حديثه، يتوقع العضاض أنه “في حال تطبيق مشروع تحسين معايير الصحة العامة، والحد من الإصابات العرضية، وفي نفس الوقت انشاء شركات خاصة محترفة للتعامل مع النفايات الطبية دون تكبد خزينة الدولة أموالا إضافية، وخلق فرص عمل، فضلا عن التأثير الإيجابي على الصحة العامة والبيئة وتقليل مخاطر انتشار الامراض المعدية”.

عرض مقالات: