اخر الاخبار

يُحيي العراقيون يوم غدٍ، الذكرى الرابعة والثلاثين للهجوم الكيماوي الاجرامي الذي شنه النظام الديكتاتوري المقبور على مدينة حلبجة، مخلفا الآلاف من الشهداء والمصابين. 

ويقول حقوقيون نجوا من هذا الهجوم، إنّ القوانين التي صدرت بعد عام 2003 أقرت بالجريمة، لكنها لم تنفذ أي تعويض لذوي الشهداء والجرحى والنازحين، وما زالت المدينة منسية. 

أسر الضحايا: حقوقنا مُهملة

بعد تغيير النظام عام 2003، توقع أهالي المدينة تعويض جزء بسيط مما جرى بحقهم، لكنهم يقولون أن ذلك لم يحصل.

وعادة ما تُحيي وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين في حكومة إقليم كردستان ذكرى هذه الفاجعة الأليمة، لكن «جمعية ضحايا حلبجة» تقول أن المنظمة والناجين وأسر الشهداء «سيقاطعون الفعالية الحكومية هذا العام، احتجاجا على إهمال حقوقهم».

ويتحدث عضو الجمعية، حاج طاهر كريم علي، وهو أحد المصابين الناجين من القصف وينتمي لعائلة خسرت 8 شهداء، عن «غضب المتضررين من التجاهل الحكومي لحقوقهم. بعد سنوات طويلة لم تحظ حلبجة سوى بالوعود»، مضيفا «سنقاطع الفعالية الحكومية في الإقليم. لدينا فعالياتنا الخاصة».

ويقول علي خلال حديثه مع «طريق الشعب»، أن حقوق أهالي حلبجة «هُمشت بعمد. حاولنا لسنوات أن نأخذ حقوقنا التي يكفلها القانون ولكن بلا جدوى. من ضمن هذه الحقوق هو ما يتعلق بقانون رقم 35 الصادر في سنة 3013 من قبل مجلس النواب العراقي، والذي يسمى (امتيازات السجناء السياسيين) وهو خاص باللاجئين بعد انتفاضة آذار 1991، حيث أضاف البرلمان فقرة أخيرة للقانون تشمل أهالي حلبجة الذين هرب حوالي 30 الف مواطن منهم إلى الأراضي الإيرانية وبقوا لفترات طويلة في مخيمات اللجوء، لكن إلى الآن لا يتم تفعيل هذه المادة القانونية ولم نحصل على التعويض». 

تمييز في التطبيق!

ويضيف المتحدث: «كنت ضمن حوالي 200 مواطن من حلبجة دخلوا إلى معسكر رفحاء، ورغم أن القانون ينص على شمولنا بالتعويض لكن لم نحصل عليه»، متسائلا «ما الفرق بيني وبين من حصل على التعويض؟».

ويشير الى تعرضه للكيماوي «وتلفت شبكة عيني بنسبة 95 في المائة، فضلا عن مشاكل التنفس والآثار الجانبية».

ويلفت علي إلى أن القانون ينص على «تخصيص رواتب شهرية تقاعدية للمتضررين من قصف حلبجة، وإعطاء قطع أراض ومنح للبناء. كل هذا بقي حبرا على ورق»، مردفا «نوجه سؤالنا إلى رئاسة مجلس الوزراء العراقي، لماذا لا يتم إنفاذ جميع مواد القانون والابتعاد عن الانتقائية في تطبيقه. وهل أنتم المسؤولون عن ذلك أم المسؤولون في الإقليم؟».

وبحسب الناشط الناجي من القصف الكيماوي، فأن «حلبجة لم تنصف بكل الأشكال، فلا الذي هرب إلى المناطق الإيرانية أو السعودية تم تعويضه. كما أن أسر الشهداء والمصابين لم ينصفوا وهذا يوضح السلوك المطاطي بالتعامل مع القضية». 

أما بخصوص هذه المدينة فأنها «في وضع خدمي مزرٍ»، والتطور بحسب قول المتحدث «توقف في حلبجة عند عام 1991».

ويتابع قائلا: «الجريمة مستمرة بحقنا من قبل نظام المحاصصة والفساد نتيجة للتهميش والإقصاء والانتقائية».

خلل قانوني

وفي السياق ذاته، يقول المحامي المستشار، نجم الدين حمه سعيد، إن آثار جريمة القصف الكيماوي ما زالت شاخصة: هناك آثار صحية ونفسية، فضلا عن التداعيات الأخرى كالولادات المشوهة.

ويوضح سعيد، وهو أحد ضحايا السلاح الكيماوي، أن الجريمة «أخذت الحكم في المحكمة الجنائية العراقية العليا التي كنت في حينها أحد محاميها، وتم الحكم على المجرمين بحسب قوانين المحكمة وأعتبر الفعل كجريمة إبادة جماعية، لكن جميع الإدانات لم تترجم إلى فعل لإنصاف المتضررين، وبقيت العائلات بدون أي تعويض».

ويقدم المتحدث مثالا آخر عن الخلل القانوني في التعامل مع هذه القضايا، ويقول لـ»طريق الشعب»، أن «منطقة باليسان القريبة من أربيل، قصفت بالسلاح الكيماوي قبل جريمة حلبجة بشهور قليلة، وبعد أن رفعنا أوراق القضية حكم القضاء بتعويض مجزٍ لأسر الضحايا واكتسب القرار الدرجة القطعية منذ سبع سنوات ولكن لا يتم صرف أي تعويض». 

أما بالنسبة لمدينة حلبجة، فيؤكد سعيد أنها «بدون أي رعاية وهنالك بيوت ما زالت ركام منذ لحظة قصفها قبل أكثر من ثلاثة عقود، وأن حكومة الإقليم لم تصرف الاموال اللازمة لمحو مخلفات الماضي».

ولفت المحامي إلى أن «النظام بعد عام 2003 لم يقم بإدانة رموز النظام السابق على جميع جرائمه، وعجّلوا بإغلاق المحكمة المعنية بمحاسبتهم نتيجة صفقات سياسية، وكان لنا موقف وبيانات بخصوص ذلك. على الأقل بقيت 14 قضية لجرائم كبرى ارتكبها النظام السابق في مناطق الشمال والوسط والجنوب، جميعها لم تناقش. أن جميع القرارات التي صدرت لإنصاف الضحايا كانت بلا روح».

عرض مقالات: