اخر الاخبار

لم تعد أهوار العراق ـ المدرجة على لائحة التراث العالمي كمحميات طبيعية ـ تشكل حاضنة آمنة للطيور المهاجرة، بسبب ما ينتظر هذه الطيور من مجازر يكون أبطالها صيادون جائرون. 

كما أنها لم تعد بيئة مثالية بسبب الجفاف، الذي يهدد التنوع الإحيائي في الأهوار.

الاهوار تقلصت

يقول مدير قسم الابحاث والدراسات في مديرية زراعة البصرة جاسم المالكي: ان مساحات الاهوار كانت تتجاوز 20 ألف كيلومتر مربع، لكنها تقلصت بشكل كبير.

ويضيف المالكي لـ “طريق الشعب”، ان نقص الحصة المائية أثر بشكل كبير على التنوع الاحيائي، الذي يشمل النباتات والاسماك والطيور، مشيرا الى انه “في العام 2019 كانت هناك فترة انتعاش، حيث رصدنا 13 نوعا من الأسماك، خصوصا في هور الحويزة”.

ويردف المتحدث كلامه، “إذا لم تكن لدينا بيئة نقية ومتكاملة فلن نحصل على تنوع احيائي متكامل”، منبها الى أن “الكثير من الحيوانات المسجلة في العراق هي موجودة على القائمة الحمراء للحيوانات المهددة بالانقراض”.

ويشير الى أن الصيد الجائر الى جانب الجفاف يهدد الثروة السمكية بالانقراض تمام: “تشتمل عمليات الصيد على نثر السموم، او الصيد بالكهرباء، فهذا يسبب لها العقم، كذلك يلجأ بعضهم الى استعمال المتفجرات”.

قوانين لا تطبق

ويزيد المالكي أن تلك الاساليب أدت الى تقويض الثروة السمكية في محافظات الجنوب “أضحت لا تسد 5 بالمئة من احتياجاتنا”، بحسب تقديره.

ويشير المالكي الى ان هناك قوانين يمكن ان تكون رادعة فيما لو تم تفعيلها “لكنها غير مطبقة، وبالتالي أضحت أهوارنا وأنهارنا خالية من الاسماك”.

مهنة الصيد غير منظمة

ويؤكد مرتضى العقابي ـ الذي يقول انه لا يعتمد الجور في اصطياد الطيور ـ ان “الصيد بالبندقية موجود بكل دول العالم، لكنه منظم من ناحية عدد الطيور المسموح باصطيادها وتلك الممنوعة من الصيد”.

ويقرّ العقابي في حديث لـ “طريق الشعب”، بأن “مهنة الصيد غير منظمة بالعراق؛ فعمليات الصيد تجري بوقت التكاثر، واصطياد الطيور المهاجرة يكون بكميات كبيرة”.

ويول العقابي ان “صيد الطيور بواسطة “بالدوشة” ـ الفخاخ صيداً جائراً. وهو مصطلح يطلق على الية صيد معينة، حيث يتم وضع الشباك قرب البحيرات وتنثر فوقها الحنطة.

ويقول ان الصيادين الجائرون ينصبون شباكهم قرب البحيرات الواقعة بين هور المديفر الذي يقع بين قضاء الصويرة ومحافظة ديالى، وبين هور الشويجة الواقع قرب المناطق الحدودية.

ففي تلك البحيرات، بحسب العقابي، تنصب اكثر من مائة دوشه، حيث تتجمع أنواع معينة من البط في هاتين المنطقتين تحديدا. هناك تلتقط الشبكة الواحدة اكثر من 200 طير، انما في موسم العام 2020 تمكن احدهم من اصطياد 500 طير، بحسب ما يذكر المتحدث.

ويحصي العقابي الصيد اصطادوا بالواحدة منها 200 طير، وفي نهاية موسم ٢٠٢٠ اصطاد أحدهم أكثر من ٥٠٠ طير، والمحصلة تكون عشرات الالاف الطيور”.

ندرة الطيور

ويشير الى انه كان قد زار هور الدلمج العام الماضي، فشاهد نصب عشرات الشباك في محافظة واسط من جهة قضاء النعمانية، وبقرب الصيادين كانت هناك مئات الطيور، لكنه صار يلاحظ ندرة تلك الطيور في اعماق الهور.

وينوّه العقابي بأن الصيد بطريقة الدوشة يتم عن طريق تأجير مساحات واسعة من المسطحات المائية او شرائها، موضحا ان أسعارها تصل الى 200 او 300 مليون دينار، من اشخاص بعضهم لديهم علاقات بأحزاب سياسية متنفذة. 

ويزعم العقابي ان “هور الدلمج ـ على سبيل المثال ـ هو الآخر يسيطر عليه ثلاثة اشخاص يتبعون جهات سياسية متنفذة، إذ يتم تقاسم الأموال المتحصلة من هناك بينهم وبين الأحزاب التي تدعمهم”.

وبحسب مهتمين بالبيئة، فان الطيور المهاجرة عندما تزور العراق يفترض ان يستوطن ثلثها البلاد، لكن الصيد يحول دون ذلك، ما يدفعها للبحث عن أماكن آمنة بعيدا عن الاهوار.

دور ضعيف

وهناك اكثر من 250 نوعا من الطيور تزور العراق موسمياً، لكنها تتأثر سلبيا بسبب الصيد الجائر، وفقا لتأكيد كامل حسن، عضو مجموعة رصد وحماية الطيور.

ويشير حسن في حديث لمراسل “طريق الشعب”، الى ان قانون حماية البيئة “يمنع اصطياد حوالي 60 نوعا من الطيور”، مضيفا ان “دور الشرطة البيئية ضعيف جدا”.

احتجاجات امام الوزارة  

ويقول رضا السلطاني، وهو يترأس مجموعة مهتمة بالحياة المائية والثروة السمكية ومحاربة الصيد الجائر، ان هناك “اسماك انقرضت مثل الكطان المرقط، والبني الأصفر المنتشر في نهري دجلة والفرات منذ سنتين”. 

ويضيف السلطاني أن الجهات المسؤولة في وزارة الزراعة دائما ما تعمل على حفر البزول والانهار في وقت تكاثر الأسماك، وبالتالي فان ذلك يدمر بيوضها، ومن ثم انقراضها.

وكان السلطاني قد التقى في وقت سابق بوكيل وزارة الزراعة للشؤون الإدارية مهدي سهر الجبوري، والوكيل الفني للوزارة الدكتور ميثاق الخفاجي، لإيجاد حلول تسهم في الحفاظ على الثروة السمكية ومحاربة الصيد الجائر. وأكد اقامة دعوى قانونية ضد الصيادين غير الملتزمين. 

وعلى أثر تلك التحركات، قام وزير الداخلية عثمان الغانمي بتعميم كتاب على المحافظات يقضي بتجريم استغلال الحياة المائية، لكن السلطاني يؤكد “لم تكن الإجراءات حازمة، انما يتم إطلاق سراح المخالفين، من قبل الشرطة”.

ويؤشر المتحدث “دورا ضعيفا” للشرطة النهرية، مبينا ان “عدد القوارب في الانهار الممتدة بين محافظتي بابل والديوانية هي قاربان فقط، لتغطية مسافة تقدر بـ 40 كيلومترا”، بحسب قوله.

وأكثر انواع الصيد الجائر في تلك الاماكن هي الصعق بالكهرباء، الذي يقتل بحدود 8 متر مكعب، موضحا ان “السمكة التي لا تموت فانها لن تستطيع التكاثر”.