سببت أرقام عدد المتعاطين والمتاجرين بالمخدرات خلال العام الحالي 2021، والتي كشفت عنها وزارة الداخلية مؤخراً، حالة من الفزع لدى العراقيين، رغم أنها لم تشكل سوى 10 في المائة من حجم المخدرات الموجودة على أرض الواقع، مما دعا المختصين إلى المطالبة السريعة بتشديد العقوبة أولاً وتشكيل جهاز لمكافحة المخدرات ذي صلاحيات عالية ثانياً.
أرقام مفزعة
مدير عام دائرة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في وزارة الداخلية، اللواء مازن كامل منصور، أكد في تصريحات صحفية أدلى بها على إلقاء القبض على 11907 متهماً بترويج المخدرات منذ بداية العام وحتى تاريخ 17 كانون الأول الجاري من بينهم 156 امرأة. ووفقاً للواء منصور فإنّ “من بين هؤلاء 328 حدثاً تحت 18 عاماً، و6327 ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة، 3874 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 31 و40 سنة و1035 من الذين تتراوح أعمارهم بين 41 و50 عاما”.
وبحسب الأرقام التي أوردها اللواء منصور فقد “تصدّرت العاصمة بغداد محافظات العراق في مشكلة المخدرات، بنحو ألفي متورّط بالترويج لها في جانبي الكرخ والرصافة، تلتها البصرة بواقع 1871 متورطاً، وبابل بـ 1617 متهماً، ثم جاءت محافظات أخرى مثل المثنى وكربلاء والنجف وذي قار وديالى وصلاح الدين وميسان وواسط ثم الأنبار والقادسية وكركوك ونينوى”. وأكّد على أنّ بغداد والبصرة وبابل، تعتبر أكثر ثلاث مناطق في العراق جرى إلقاء القبض فيها على متهمين ومتورطين بالإتجار في المخدرات. وفي تأكيد جديد على أنّ جميع المواد المخدّرة تصل إلى البلاد عن طريق التهريب من دول مجاورة، أشار اللواء منصور إلى أنه “لم تسجل أية حالة زراعة أو صناعة للمخدرات داخل العراق حتى الآن”.
تمثل 10 في المائة من الواقع
ومن جهته، قال الباحث في شأن المخدرات، خالد حنتوش، إن “هذه الأرقام التي طرحتها وزارة الداخلية لا تمثل سوى 10 في المائة من العدد الكلي للمتعاطين والمتاجرين، لأن حجم المواد المخدرة المضبوطة لدى المتاجرين وفقاً للإحصائيات العالمية لا تتجاوز نسبتها الـ 10 في المائة من الكمية الكلية الموجودة لديهم”. وأضاف في تصريح لـ”طريق الشعب” أنه “بقدر ما تعد الأرقام مرعبة فهي لا تعطي الصورة الحقيقية عن واقع التجارة والتعاطي في البلاد”.
وتابع السيد حنتوش قوله إنه “منذ تشكيل لجنة لمتابعة ملف المخدرات في فترة حكومة حيدر العبادي، كنا نوصي بتعديل قانون مكافحة المخدرات”، بحيث تتعامل الحكومة مع ملف المخدرات مثل التعامل مع ملف التنظيمات الإرهابية”.
وأوضح أن اللجنة المشكلة طالبت “بتشكيل جهاز لمكافحة المخدرات وان يكون بذات الصلاحيات والقوة التي يتمتع بها جهاز مكافحة الإرهاب، وأن يكون لديه سجون ومحاكم ومراكز تأهيل للمتعاطين”. واستطرد الباحث قائلاً “إن قانون مكافحة المخدرات لا يختلف عن القوانين الموجودة في الكثير من الدول، لكن هناك بعض الملاحظات المسجّلة عليه تكمن في أن القانون أعطى حق الوصاية لمتابعة ملف المخدرات إلى وزارة الصحة في حين انها غير مؤهلة لمتابعة هكذا ملف”!
تشديد العقوبة
وفي ذات السياق يقول السيد أحمد عبد الستار، القاضي في محكمة تحقيق الكرخ الأولى، في لقاء متلفز إنّ “أغلب المتعاطين يتحوّلون في غضون سنة إلى متاجرين، وللأسف فالقانون الحالي الخاص بالتعامل مع جرائم الحيازة والتعاطي والمتاجرة بالمخدرات رقم 50 لسنة 2017، يحتوي على عقوبات خفيفة قياساً بحجم الجريمة، مما يتطلب تشديد العقوبات”. ولفت السيد القاضي إلى أنّ “الفقرة 28 أولاً، تنصّ على الفترة الزمنية للعقوبات بالنسبة للمتاجرين، وتنصّ على السجن المؤبد والمؤقت حسب الجرم، والفقرة 28 سادساً، تتعامل مع نوعية المادة المخدرة وتصل إلى مستوى جنحة وعقوبتها السجن لخمس سنوات وهذه عقوبة مخففة”. وأكّد أنّ “محكمة الكرخ الأولى تستقبل 20 موقوفاً بتهمة المتاجرة أو حيازة المخدرات كمعدل أسبوعي، وهذا عدد كبير لو قسنا الأمر على مدى عام”.
وتعقيباً على ذلك، قال نقيب المحاميين العراقيين، ضياء السعدي، لـ “طريق الشعب”، “ أن لا خيارات هناك سوى تشديد العقوبات بحق المتعاطين والمتاجرين، بالإضافة إلى ضبط طريقة بيع الأدوية المخدرة الموجودة في البلاد”. وأضاف السيد السعدي “ أن الردع القانوني لظاهرة تعاطي المخدرات أصبحت غير كافية وانما تتطلب المسألة توفير عدة طرق وأساليب علاجية أخرى، أهمها خلق ثقافة مجتمعية رافضة لمثل هذه المظاهر”.
ورأى السيد النقيب السعدي، ان “القانون الحالي سمح بزيادة حالة التعاطي، كون أن الاحكام خفيفة بحق المتعاطين”. وحذّر من “تفاقم حالة تعاطي المخدرات داخل السجون”، مؤكداً أن “الكثير ممن دخلوا السجن لأنهم متعاطون لمرة واحدة خرجوا منه مدمنين على المخدرات”. واقترح أن “تكون السجون تابعة لجهة واحدة على عكس ما هو معمول به الآن فهي موزعة بين وزارة العدل والداخلية” مطالباً ان “تكون السجون مؤسسات إصلاحية حقاً”.