اخر الاخبار

تزامنا مع ذكرى مرور أربع سنوات على إعلان تحرير العراق من تنظيم “داعش” الارهابي، لا يزال ملف النازحين عصيا على الحل؛ إذ أن عشرات المخيمات في كردستان العراق وغربه، لم ترفع للآن، بينما ملّ قاطنوها العيش بهذه الطريقة.

وتبرر الجهات المعنية بقاء تلك الخيام واقفة على أعمدتها، لأسباب عديدة منها: الاوضاع الامنية غير المستقرة في مناطقهم الاصلية، أو عدم وجود أموال كافية لاعادتهم، أو تأهيل منازلهم والبنى التحتية في مدنهم، فضلا عن أزمة “الثارات العشائرية” التي بقي بعضها بلا تسوية حتى الان.

واضطر ملايين العراقيين للنزوح وترك منازلهم في محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين والأنبار وديالى وأطراف بغداد وأجزاء من محافظة بابل، بعد منتصف عام 2014 عقب توسع سيطرة ارهابيي تنظيم داعش، على مناطق واسعة ومختلفة من البلاد.

وتقول الأمم المتحدة: إن ما لا يقل عن 5.5 مليون عراقي اضطروا للنزوح إثر المعارك مع تنظيم داعش، لجأ بعضهم إلى دول الجوار مثل تركيا أو دول الاتحاد الأوروبي. وبحسب منظمة الـ un فان عدد النازحين في إقليم كردستان 210 ألف نازح.

اغلاق 50 مخيماً

وكان وكيل وزارة الهجرة والمهجرين كريم النوري أكد في تصريح صحفي، مؤخرا، اغلاق أكثر من 50 مخيماً، إضافة الى توفير الوقود لـ 26 مخيماً في إقليم كردستان ومخيم في الموصل، وآخر في الفلوجة خلال فصل الشتاء.

واضاف النوري انه “تنفيذاً للبرنامج الحكومي بعودة النازحين إلى ديارهم طوعاً، أغلقنا أكثر من 50 مخيماً خلال فترة حكومة الكاظمي، ولم يبق إلا 26 مخيماً في إقليم كردستان ومخيمان أحدهما في الموصل والآخر في الفلوجة”.

وعن الخطط التي أعدتها وزارة الهجرة والمهجرين لدعم النازحين خلال فصل الشتاء، أكد النوري أن وزارته “خاطبت وزارة النفط لتزويدهم بالوقود، لذلك سنوفر الوقود، وأيضاً الأغطية لكن العودة هي الحل الوحيد لإنهاء المعاناة”.

دور وزاري ضعيف 

وفي الحديث معاناة النازحين في مخيمات إقليم كردستان، يوضح الإعلامي والنازح ذياب غانم، الذي يسكن في مخيم (بيرسفي2) في اقصى شمال العراق، ان مخيمات النازحين تتوزع على محافظات الإقليم في دهوك واربيل وسليمانية، مشيرا الى ان دهوك تضم 16 مخيم. 

ويقول غانم في حديث لـ”طريق الشعب”، أنه “بطبيعة الحال هذا ليس اول شتاء يمر على النازحين في الإقليم. فمنذ 7 سنوات يتكرر هذا الحال”.

ويردف كلامه “وردتنا انباء تقول ان هناك 20 لترا من الكاز الأبيض تم تخصيصها لكل عائلة في المخيم”، متسائلا: “هل تكفي ذلك؟!”.

ويلفت في حديثه الى ان “وزيرة الهجرة والمهجرين صرحت سابقا، بان الوزارة انفقت 6 مليارات دينار لتوفير الثلج في فصل الصيف”، مجددا التساؤل: “لماذا لا نرى هذه الأموال الطائلة تصرف على أمور ومستلزمات ضرورية”.

ويزيد غانم “لقد اعتدنا على سماع تصريحات المسؤولين دون تطبيق على ارض الواقع. لأن وزارة الهجرة والمهجرين دائما ما تقرر لكن لا تنفذ”.

معرقلات العودة 

وعن المعرقلات التي تحول دون عودة النازحين من أهل سنجار الى مناطقهم، يوضح ذياب غانم بأنه “في سنجار لا يوجد قانون، ولا تعليم، ولا امن، ولا خدمات صحية، انما الصراع السياسي والعسكري والمكوناتي قائم على قدم وساق”. مبيناً ان “ انعدام الاستقرار في المنطقة وعدم قدرة الحكومة على فرض سيطرتها جميع هذه الأسباب تحول دون العودة”.

ويذكّر الناشط بالاتفاق بين بغداد وأربيل الذي نص على “تعيين 2500 شرطي من أهالي سنجار لحماية مناطقهم. لم يتحقق شيء حتى الان”.

“يحتاجون لكل شيء”

وعمّا يحتاجه النازحون، يؤكد غانم انهم “انهم بحاجة الى كل شيء. ما يقدم لهم من مساعدات تنفعهم كثيرا خصوصا وان الشتاء بدأ يقرس أجسامهم النحيلة”.

ويخلص الإعلامي النازح في حديثه الى: “انا نازح وأتمنى ان اعود الى بيتي. لدي أقارب شهداء في المقابر الجماعية. من حقي ان ادفنهم بشكل لائق احتراما واجلالا لهم. أطالب الحكومة المركزية بوضع حد لمأساتنا. نحن بحاجة الى الكثير من العمل. اعتقد ان الحكومة مجبرة على تقرير مصير سنجار. الطرف الوحيد الذي يعمل هو المنظمات. نحن نعتمد عليهم”.

مخيمات ام عشوائيات!

وبالنسبة للنازحين في المحافظات الغربية، فانها لا يختلف كثيرا عن وضع أقرانهم في مناطق الاقليم، فهم يقاسون المعاناة ذاتها، ويحلمون في العودة.

وفي هذا الصدد، توضح الناشطة المجتمعية كوثر المحمدي، رئيسة مؤسسة سقيا، في حديث لـ”طريق الشعب” قائلة: ان “النازحين موجودون في الانبار بصورة عشوائية؛ حيث ان هذه المخيمات أغلقت رسميا، لكن الى اليوم هي تؤوي بعض النازحين، الذين لا يستطيعون العودة الى مناطقهم، مثل جرف الصخر والعويسات”، مشيرة الى انهم “يسكنون بمنطقة بزيبز، وهو مخيم جدا كبير، واغلق منذ سنتين وتحول الى عشوائية”.

ومفردة “عشوائية” بحسب الناشطة، “تطلق على المخيمات التي اغلقتها الحكومة رسميا، لكن لا يزال هناك نازحون يسكنون فيها. وهذه مصنفة ضمن البرامج الخدمية لمنظمات المجتمع المدني.

خدمات معدومة

وتكمل المحمدي أن مخيمي العامرية والسياحية، مغلقان لكنهما يؤويان 75 اسرة، وعدد نازحيهما يصل من 200 الى 300 فرد.

وتشير الى وجود مدرسة ومركز صحي بالقرب من هؤلاء النازحين، لكنهما بلا خدمات، واصفة حديث الوزارة عن إعادة النازحين مجرد “دعاية اعلامية”، معتبرة أن “كل ما فعلته الحكومة هو اغلاق المخيمات، لكن مصير النازحين يبقى مجهولا”.

وتبين المحمدي ان “أهالي الانبار أعطوا للنازحين أراضي في مناطق صحراوية يسكنون فيها مؤقتا حتى يتحسن الوضع”، مخمنة ان عدد النازحين الموجودين في الانبار يصل تقريبا الى 2500 نازح.

وتختتم المحمدي حديثها بأن “الامراض تواصل الانتشار في المخيمات، بينما مناعة النازحين أصبحت ضعيفة جدا. هناك مصابون بالسرطان وبأمراض عديدة وفطريات لدى النساء والاطفال”.