رغم إعلان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن انخفاض نسبة الفقر في الديوانية، لا تزال المحافظة تعاني من أزمات خدمية واقتصادية عميقة، تجعل هذه الأرقام موضع جدل بين ما هو مُعلن رسمياً وما يعيشه المواطن فعلياً. فالديوانية، التي تُعد ثالث أفقر محافظة في العراق بعد المثنى وبابل، ما تزال تواجه أزمات البطالة، تردي البنى التحتية، توقف المشاريع الحيوية، إضافة إلى تراجع القطاع الزراعي الذي يشكل عصب اقتصادها.
وبينما تؤكد الوزارة أن جهودها مستمرة بالتعاون مع منظمات دولية ومحلية للتخفيف من الفقر، يشدد مراقبون ونشطاء محليون على أن الواقع على الأرض لم يتغير، وأن الحل يكمن في خطط استراتيجية ومشاريع تنموية حقيقية تعالج جذور المشكلة.
وتضم محافظة الديوانية 13 قضاءً و3 نواحٍ، أما الأقضية فهي الديوانية، الشافعية، السنية، الدغارة، سومر، الشامية، غمّاس، المهناوية، عفك، آل بدير، الحمزة الشرقي، الشنافية، والسدير، والنواحي هي الصلاحية، نفر، والبسامية.
وتعد الديوانية ثالث أفقر محافظة بعد المثنى (في المركز الأول) وبابل (في المركز الثاني) بنسبة فقر تصل إلى 29%، بحسب نتائج المسح الاجتماعي والاقتصادي للأسرة في العراق التي تم إعلانها في شباط/ فبراير 2025.
يقول المتحدث باسم وزارة العمل، حسن خوام، أن وزارته "تبذل جهودا متواصلة لتقليل نسب الفقر في المحافظات العراقية، مشيرا إلى أن محافظة المثنى كانت على رأس أولوياتهم.
ويضيف خوام في تصريح لـ"طريق الشعب"، "نحاول قدر الإمكان، من خلال التعاون مع منظمات دولية ومحلية وإنسانية، وكذلك عبر برامج الحكومة العراقية ووزارة العمل، معالجة الفقر وتسجيل أفضل النتائج الممكنة".
ويشير الى أن "نسبة الفقر في محافظة الديوانية كانت سابقا تصل إلى 52 في المائة، وقد انخفضت حاليا إلى نحو 40 في المائة، مبينا أن "هذا الانخفاض ليس بالمستوى الطموح الذي تسعى إليه الوزارة، لكننا نحاول استغلال أي فرصة متاحة وفق الإمكانيات المتوفرة للوزارة، لتخفيض نسب الفقر في هذه المحافظة وغيرها من المحافظات".
تناقضات!
ويؤكد أمين محمد، اعلامي وناشط سياسي من ابناء المحافظة، أن المواطن الديواني لم يشعر بتحسن ملموس على الرغم من وعود الحكومة.
ويقول محمد في حديث لـ"طريق الشعب"، أن زيارة رئيس الوزراء إلى الديوانية، تضمنت وعوداً بتحويل المحافظة إلى واحدة من افضل المحافظات في القطاع الخدمي، إلا أن العديد من المشاريع، لم تنجز بعد حتى الان، وأصبحت تشكل عبئا ثقيلا على المواطن، لا سيما مشروع مجاري الديوانية الكبير، اضافة الى مشروع مدخل محافظة الديوانية من جهة النجف الأشرف، الذي أُحيلت ملفاته إلى هيئة النزاهة.
ويضيف أن هناك تراجعاً ملحوظاً في نسب الخدمات المقدمة مقارنة بالتقارير الحكومية، والصحفية الداعمة لعمل الحكومة، والتي تشير إلى تخصيصات ومشاريع عديدة، لكن بالواقع، لا شيء سوى التلكؤ.
ويشير الى ان غالبية مشاريع الماء والطرق والإعمار "متوقفة" برغم المبالغ المخصصة لها، بينما نفذت وزارة الاعمار والإسكان بعض المشاريع القليلة، التي لم تحدث فرقا ملحوظا في الواقع الخدمي، من بينها جسر الجمهورية الذي استمرت اعماله الانشائية لمدة 11 عاماً.
وينبه محمد الى ان معدلات البطالة والفقر في المحافظة "مرتفعة ومخيفة".
تحديات تساهم برفع نسب الفقر!
مصادر محلية، أكدت أن المحافظة تعاني من فقر مزمن نتيجة غياب المشاريع الاقتصادية الكبرى.
وقالت المصادر لـ"طريق الشعب"، إن الديوانية من المحافظات الفقيرة على مستوى العراق، نتيجة عدم وجود منافذ حدودية أو مشاريع بترودولار، بعكس بقية المحافظات الجنوبية.
وأضافت، أن القطاع الزراعي الذي يشكل العمود الفقري لاقتصاد المحافظة بنسبة تصل إلى 65 في المائة، يعاني هو الاخر من إهمال حكومي، كما تفتقر المحافظة الى خطط استراتيجية واضحة.
وتابعت ان "الديوانية بحاجة ماسة إلى اهتمام حكومي حقيقي، وتخصيص ميزانية طارئة لمعالجة المشاكل التي تعاني منها، مع وضع رؤية استراتيجية للتخفيف من نسب الفقر والبطالة في المحافظة"، مؤكدة ان معالجة هذه القضايا تتطلب جهودًا متواصلة من الحكومة المركزية، والعمل على توفير مشاريع تنموية تسهم في تحسين الواقع المعيشي والخدمي لسكان الديوانية.