بالإضافة إلى دورها الأساس في مجالي التربية والتعليم، تعد المدرسة هيئة اجتماعية مهمة. فهي تساهم في ترسيخ قيم المجتمع وتحقيق أهدافه.

وللمدرسة دور كبير في إصلاح المجتمع وتطوره وتقدمه، على اعتبار أن بينها وبينه ارتباطا وثيقا وتفاعلا كبيرا، من خلال تعديل سلوكيات التلاميذ. ولا يمكن أن ينجح هذا الإصلاح ويكون مثمرا إلا إذا وعاه الناشئون وعيا تاما في ظل واقع تربوي – تعليمي متكامل.

وبالرغم من أهمية المدرسة كمؤسسة تربوية – تعليمية – اجتماعية، إلا انها تعاني في العراق جملة من المشكلات التي يتوجب الوقوف عندها ومعالجتها في سبيل الارتقاء بواقعنا التربوي والتعليمي. لذلك ارتأت “طريق الشعب” استطلاع آراء عدد من التربويين حول هذا الشأن. 

بناية مدرسية متكاملة

ترى التربوية المتقاعدة هديل حسن فؤاد، أن “أول ما يجب أن نبدأ به للارتقاء بواقعنا التربوي، هو تطوير بناية المدرسة وأثاثها ومستلزماتها من سبورات ومقاعد ودورات مياه، فضلا عن الحانوت المدرسي. فكل هذه الأمور تشجع التلميذ وتحثه على الدراسة”. 

ويؤيدها في ذلك التربوي المتقاعد سمير عادل حنتوش. إذ يرى أن “وجود صفوف دراسية مريحة لا تتطلب من التلميذ افتراش الأرض أو الجلوس على مقاعد مكسورة، محور أساسي لاستقرار العملية التربوية”، مضيفا أنه “ليس من المعقول أن يجلس أكثر من 100 تلميذ في قاعة دراسية واحدة، فهذا يعيق عملية التعليم. فالمعلم لن يستطيع في هذه الأجواء، مهما أوتي من قدرة، إيصال المادة الدراسية لتلاميذه. كما يتوجب الاهتمام بالنظافة المدرسية والتركيز على التفتيش اليومي لنظافة التلميذ وكتبه وأدواته، وتعزيز ذلك بمسابقات شهرية لاختيار أنظف التلاميذ وأرتبهم”. 

معلم فعّال

من جانبه، يقول محمد سلوان فهمي (مدير مدرسة)، أن “مدارسنا الابتدائية بحاجة إلى معلم فعال مدرب ومؤهل للتعليم. فأساس نجاح العملية التعليمية هو وجود معلم قادر على اداء هذه المهمة”، مستدركا “لكن المشكلة هي أن مهنة التعليم في العراق باتت لا تجذب العناصر الجيدة القادرة على تحمل مسؤولياتها تجاه التلاميذ”. 

فيما تشير ريم محمد غالي، وهي مديرة مدرسة أهلية، إلى ان “إعداد مديري المدارس وتدريبهم واختيارهم وفق أسس وشروط معينة، كل ذلك له أثر فعال في حيوية المدرسة الابتدائية”، متابعة قولها: “لذلك يتوجب عزل المديرين الفاسدين والمرتشين، بالإضافة إلى قليلي الخبرة في الادارة التربوية، كالذين يتبعون طرائق التدريس التقليدية (التلقين) التي لا تعطي اهتماماً للفروق الفردية بين التلاميذ من حيث القدرات العقلية والميول”.

بيئة تعليمية آمنة

يرى المعلم رياض محمود عذاب، ان “وجود بيئة تعليمية آمنة وجو دراسي مريح، كل ذلك يساعد على نجاح العملية التعليمية وتحقيق اهدافها. اما اذا شاب هذه العملية العنف واللامبالاة من قبل الادارة والمتعلمين، فإنها ستتعثر”، لافتا إلى أن “المعلم صار يستهلك الكثير من الجهد والوقت في سبيل المحافظة على انضباط الصف اثناء الدرس، ما يهدر جزءا كبيرا من زمن المحاضرة”. 

ضعف الوسائل التعليمية

في السياق، تؤكد المعاونة المدرسية جيهان علي يوسف، ان “عدم توفر الوسائل التعليمية الحديثة والمختبرات المتكاملة داخل المدارس الابتدائية، له آثار سلبية على العملية التعليمية برمتها. فالمختبرات مثلا لها دور مهم في تطوير اداء المتعلمين ولا يمكن الاستغناء عنها بأي حال، وبالرغم من ذلك نراها اليوم تتحول إلى صفوف دراسية بسبب اكتظاظ أعداد التلاميذ”. 

تغذية مدرسية ومرشد تربوي

إلى ذلك، يقترح التربوي المتقاعد سالم محسن حسون، تخصيص تغذية للتلاميذ داخل المدارس، مشيرا إلى أن لهذا الأمر أثرا فعالا في إنجاح المهمة التربوية والتعليمية، كون الكثيرون من التلاميذ هم من أبناء عائلات فقيرة غير قادرة على توفير نفقات الطعام لأبنائها خلال ساعات الدوام. لذلك ان توفر التغذية يساعد التلاميذ على التركيز والانتباه ويحد من قلقهم ويشدهم إلى الدرس”. 

أما التربوية حنان مسلم كاظم، فهي ترى أن التواصل بين المدرسة والاسرة يشكل عاملا مهما لتشخيص السلوكيات السلبية بين التلاميذ، ومعالجتها. وهذا لا يتم إلا بوجود مرشد تربوي متخصص”، مؤكدة أن “مدارسنا بحاجة إلى هذه الكوادر، في الوقت الذي يوجد فيه الكثيرون من خريجي علم النفس والارشاد التربوي غير معينين، ما يتطلب تعيينهم لإشغال هذه الوظيفة”.

عرض مقالات: