اخر الاخبار

يلاحظ اليوم ازدياد اعداد الاطفال في سوق العمل وغياب الرعاية الحكومية لهم.

وتعتبر ظاهرة عمالة الاطفال ظاهرة قديمة، تعود خاصة الى فترة التسعينيات من القرن الماضي خلال الحصار الاقتصادي على العراق. ولكنها شهدت اتساعا كبيرا بعد عام 2003، واصبحت تهدد البنية الاجتماعية باعتبار ان الطفل هو الركيزة الاساسية لبناء المجتمع السليم.

ومن المؤكد ان الفقر يقف خلف زج الاطفال في العمل لمساعدة عوائلهم في مواجهة ضنك العيش نتيجة السياسات الاقتصادية المدمرة التي تعصف بالبلاد.

لا احصائيات دقيقة

ولا توجد احصائيات دقيقة لعمالة الاطفال في العراق. هناك احصائيات سابقة لوزارة التخطيط والتعاون الانمائي العراقي تؤكد ان “عمالة الأطفال للفئة العمرية البالغة 5 - 17 سنة بلغت نسبتها 4.9 بالمائة، إذ شكلت نسبة الذكور 7.1 بالمائة، ونسبة الإناث 2.5 بالمائة، وان اخر احصاء متوفر صدر عام 2018 حين  كانت النسبة 7.3بالمائة.

وتؤكد تقارير مفوضية حقوق الانسان في العراق ان “عمالة الاطفال بدأت بالازدياد بشكل كبير مع حلول صيف العام 2014، حين كان عدد العائلات النازحة بحدود الثلاثة ملايين ونصف المليون، وقد تضاعفت مع بدء المعارك ضد تنظيم داعش الارهابي وكان معظم تلك العوائل النازحة تواجه مشاكل في تأمين  مستلزمات  العيش، ما اجبرهم على الدفع بأبنائهم لمواجهة ظروف الحياة القاسية”

 احلام ضائعة لطفولة بريئة

 يعمل الطفل حسين (12 عاما) التلميذ في الصف السادس الابتدائي في ورشة لتصليح السيارات منذ اكثر من عام، وقد قال انه يعمل لمساعدة عائلته المكونة من خمسة افراد وهو الابن الاكبر فيها، حيث لا يكفي اجر والده الذي يعمل ايضا في ورشة لغسل السيارات لسد نفقات معيشتهم. وقال انه بسبب ضنك العيش وتوقف المدارس في ظل جائحة كورونا عمل مع صديق لوالده في هذه الورشة، حيث يبدأ عمله في الساعة الثامنة صباحا وينتهي في الرابعة عصرا. واضاف يقول ان العمل صعب جدا ومتعب وباجر زهيد يبلغ عشرين الف دينار اسبوعيا، تضاف اليها اكراميات الزبائن.

وقال ايضا: “انا تلميذ في الصف السادس الابتدائي وافكر بترك الدراسة والاستمرار في العمل لان والدي لا يستطيع التكفل بمصاريف الدراسة لي ولاخوتي اضافة الى مصاريف المعيشة”.

وبين مالك الورشة التي يعمل فيها الطفل حسين انه “بسبب الوضع المادي الصعب لعائلة حسين، طلب والده ان يعمل معي في الورشة، وبالرغم من صغر سنه الا اني ارى ان العمل افضل من بقائه في الشارع والانجراف الى اعمال اخرى خطيرة كالمخدرات، او تعرضه الى الاستغلال من قبل المجاميع المسلحة والعصابات، بالرغم من ان تشغيل الاطفال ممنوع في القوانين”.

مستدركا ان “على الحكومة ان ترعى الاطفال وان تعين العوائل الفقيرة ماديا، لكي لا تدفع باطفالها للعمل بسبب عوزهم”.

العوز هو الذي دفعني للعمل

وفي احدى زوايا ورشة اخرى  لتصليح السيارات تغطيها الزيوت وتنبعث منها روائح وقود البنزين وظروف مهنية قاسية، كان الطفل محمد سعد منهمكا بتنظيف احد المحركات، وهو يعيش ساعات من التعب والشقاء رغم انه في الرابعة عشر من عمره ومحروم من طفولته.

وعند الحديث عن طبيعة عمله بيّن انه يعمل منذ ثلاث سنوات في هذه الورشة في المنطقة الصناعية بعد تركه الدراسة،  ليكون المعيل الوحيد والمسؤول عن رعاية والدته وشقيقته بعد وفاة والده في حادث انفجار سيارة مفخخة، واستطرد انه “بالرغم من صعوبة العمل الا اني مجبر على ذلك لكي اوفر في اقل تقدير لقمة العيش لامي وشقيقتي، فلا راتب تقاعديا عندنا لان والدي كان يعمل في البناء، وراتب الرعاية الذي تتقاضاه والدتي لا يكفي لسد جوعنا. وعن اجره قال: “اتقاضى خمسة وعشرين الف دينار في الاسبوع، وهو مبلغ قليل جدا مقارنة بجهدي الذي ابذله، وقد طلبت من الاسطة ان يزيد اجوري الا انه هددني بالطرد من العمل اذا طلبت ذلك مجددا، وفي الحقيقة لولا الفقر والعوز لما عملت في هذه الورشة”.

قانون العمل نصوص دون تطبيق 

من جانب اخر تنص مواد قانون العمل 37 لسنة 2015 على حماية الاطفال من الزج في سوق العمل، الا اننا نرى هناك اعدادا كبيرة من ارباب العمل يشغلون الاطفال في مختلف الاعمال الصعبة وفي ظروف قاسية جدا غير ملتزمين بالقانون. علما ان المادة (11) منه تقول: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة اشهر وبغرامة لا تزيد على مليون دينار او باحدى هاتين العقوبتين كل من خالف احكام المواد الواردة في هذا الفصل والمتعلقة بمنع تشغيل الاطفال.