اخر الاخبار

بعد الدور المهم الذي لعبته النساء في انتفاضة تشرين تعزز اليقين في صفوفهن بضرورة الارتقاء بهذا الدور من اطار المشاركة العامة الى اطار المشاركة السياسية الفاعلة في صنع القرار ، وبما يضمن حقوقهن ويوفر لهن آليات الحماية التي تتناسب مع حجم الاخطار التي يتعرضن لها. فتوجهت النساء للانخراط في الاحزاب المدنية ذات الباع السياسي المشهود، اضافة الى الاحزاب الفتية التي تشكلت بعد الانتفاضة.

 لكن هذه المشاركة اتسمت بالضعف ولم تعكس الاسهام الفاعل للنساء في الانتفاضة، بفعل القيود المجتمعية المعروفة، وحملات التشويه التي طالت الناشطات في الحراك الاحتجاجي، فضلا عن التهديد الامني للناشطين وللنساء منهم خصوصا، كون الوصول اليهن اسهل في ظل غياب الحماية الضرورية وسيادة ظاهرة الافلات من العقاب وانتشار الجماعات المسلحة  واستشراء الفساد في مؤسسات الدولة.

وقد تصدت النساء لهذه الظاهرة بقيادة امهات الشهداء غالبا وبحملات شعبية طالبت بالكشف عن قتلة المتظاهرين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان، الذين تجاوزت اعدادهم 600 شهيد، إلا ان الحكومة لم تستجب لهذا المطلب، متجاوزة الوعود في منهاجها الوزاري، مما عمق عدم ثقة الشعب بها والشك بضمان البيئة الآمنة للانتخابات القادمة ونزاهتها.

وبالرغم من دور النساء هذا فان نسبة التمثيل النسوي القيادي في الاحزاب الفتية عند بدء تشكيلها غداة الانتفاضة لم تتجاوز 2 في المئة، وفي بعضها كان التمثيل معدوما. علما انه حتى ما تحقق كان شكليا، كون المفروض رسميا ان توجد امرأتان من اصل 9 اشخاص في القيادة، كشرط للموافقة على تشكيل الحزب .

ثم ان اغلب قيادات هذه الاحزاب واجهت تحديا كبيرا عند ممارستها نشاطها السياسي في المحافظات، يتمثل في التهديد من قبل جهات منفلتة. فكيف يمكن للنساء والحال كذلك ان تخوض العمل السياسي؟ وفعلا تعرضت ناشطات الى التهديد فاضطررن للجوء الى محافظات الاقليم، وتحملن الكثير من الاعباء للمضي في مسيرتهن السياسية.

وهكذا ظلت النساء بعيدات عن المشهد السياسي، محرومات من فرص التمكين والتطوير لتبني القضايا النسوية والتصدي لها، فيما لم تسع تلك الاحزاب الى اشراك النساء بشكل جوهري وفاعل. فلم يكن لهن مثلا حضور في المؤتمر الاول لقوى تشرين للتغيير، الذي عقد في بابل خلال نيسان 2021 ، ولم نلاحظ صدور بيانات من هذه التشكيلات دعما لقضايا النساء ودورهن السياسي، او توضيحا للمصاعب التي يواجهنها عند المشاركة السياسية، بل وغابت النساء حتى عن المفاوضات والتنسيقات وتشكيل التحالفات.

 وهذا يؤشر استمرار وجود من يعتبرون المشاركة السياسية للنساء قضية ثانوية وليست من ضمن الاولويات، ويؤكد الحاجة الى فرض هذه المشاركة بارادة سياسية حقيقية تتضافر فيها الجهود الحكومية والدولية جميعا.

عرض مقالات: