اخر الاخبار

تولي دول العالم أهمية كبيرة للتبادل التجاري بين البلدان، من اجل توفير المستلزمات والحاجات الاساسية لمواطنيها، من خلال مراقبة هذه العملية بشكل صارم لمنع تهريب العملة الصعبة الى خارج البلاد، ما يؤثر بشكل سلبي على احتياطيات العملة الاجنبية، ويلقي بظلاله على الوضع الاقتصادي، بشكل عام.

وبسبب ريعية الاقتصاد، تستورد الدولة اغلب الاحتياجات والسلع والمواد الغذائية “ بعضها متوفر محلياً” من خارج البلاد، ما يفتح الباب على مصراعيه أمام المستفيدين من تهريب العملة الصعبة، مستغلين ضعف الرقابة، والتسهيلات التي يعاملون بها من قبل المسؤولين عن الملف الاقتصادي في البلاد.

 

نفقة الاستيرادات 

وأثار إعلان وزارة التخطيط، تراجع الاستيرادات خلال العام الماضي، تساؤلات عديدة حول حجم الاموال المهربة الى خارج العراق، وعدم توافق الارقام المعلنة مع مبيعات البنك المركزي من العملة الصعبة.

وذكرت الوزارة في بيان طالعته “طريق الشعب”، ان “إجمالي الاستيرادات لسنة 2020 للمواد السلعية والمنتجات النفطية بلغ  (15.4) مليار دولار، مسجلاً نسبة انخفاض مقدارها (25.9 في المائة) عن سنة 2019 حيث بلغ حجم الاستيرادات (29.9) مليار دولار”.

وأضافت ان “نسبة الانخفاض بالمقارنة مع عام 2018 بلغت ( 58 في المائة)؛ اذ بلغ (37) مليار دولار”، مبيناً أن “وباء كورونا بدأ منذ نهاية عام 2019 ، في حين بلغ إجمالي الاستيرادات لسنة 2020 للمواد السلعية غير النفطية (13.8) مليار دولار، مسجلاً نسبة انخفاض مقدارها (23.2 في المائة) عن سنة 2019 حيث بلغ (18.1) مليار دولار أي ما يعادل (21.5) تريليون دينار عراقي بسعر الصرف الحالي للتصريحة الجمركية”.

وتابع ان “إجمالي الاستيرادات لسنة 2020 للمنتجات النفطية بلغ (1.6) مليار دولار، بنسبة انخفاض مقدارها (43.3 في المائة) عن سنة 2019 حيث بلغ (2.8) مليار دولار”.

 

مليارات الدولارات مفقودة 

من جانبه، طرح الخبير المالي محمد فرحان، تساؤلا مهما عن الفرق بين حوالات البنك المركزي، وبيانات وزارة التخطيط، مبينا ان المركزي “قام بتحويل 40 مليار دولار خلال 2020 إلى خارج العراق لأغراض استيرادية, لكن بيانات وزارة التخطيط تتحدث عن استيراد سلع بقيمة 15 مليار دولار فقط!”.

وهنا يستنتج فرحان في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “هناك 25 مليار دولار مفقودة بين حوالات البنك المركزي وبيانات وزارة التخطيط. أين ذهبت هذه الاموال؟”.

وتابع الخبير، ان “حوالات البنك المركزي العراقي لغرض الاستيراد في عام 2019 بلغت حوالي 49.5 مليار دولار، فيما تشير بيانات وزارة التخطيط الى ان قيمة الاستيرادات بلغت حوالي 21 مليار دولار، داعيا الحكومة للتحقيق في الكشوفات المقدمة من قبل المستوردين ومعرفة اين ذهب تلك الاموال الطائلة”.

 

اساسيات التبادل

بدوره، يعرّف الخبير الاقتصادي احمد خضير، التبادل التجاري بانه مجموعة سلع ومواد تقوم الدولة بتصديرها أو استيرادها من وإلى دول العالم، بهدف الحصول على احتياجات اسواقها ومواطنيها.

وذكر خضير لـ”طريق الشعب”، ان “هدف التبادل الرئيسي هو تأمين احتياجات السوق والمستهلكين من السلع والمواد، وتقوية العلاقات الاقتصادية بين الدول من اجل تنشيط حركة الاسواق وتشجيع المصانع والشركات على تطوير منتجاتها”.

وزاد خضير ان “التبادل التجاري السليم يوفر محفزات للاقتصاد، ويخلق فرص عمل اضافية، ويرفع من مستوى الرفاهية للمستهلكين من خلال التنافس بين الشركات المحلية والاجنبية على تقديم سلع جيدة للمستهلكين من ناحية الاسعار والنوعية”.

 

عبودية اقتصادية

وبيّن الخبير، ان “التبادل التجاري بين العراق ودول الجوار منذ عام 2003، يشوبه الكثير من الشبهات وعمليات الفساد نتيجة لغياب الرقابة، وغياب الارادة السياسية بإيقاف عملية تهريب العملة الصعبة الى خارج البلاد”، مشيرا الى “قيام التجار والشركات بتقديم وصولات مزورة (الصكوك الطيارة) الى البنك المركزي من اجل اتمام عملية تحويل الاموال”.

واشار الى ان “التبادل التجاري مع دول الجوار احدث ضررا كبيرا للاقتصاد العراقي، ورغم اهمية توفير السلع الاساسية للمواطنين، لكن يجب ضبط ومتابعة هذا الملف من خلال تدقيق الاجراءات المصرفية والوصولات واعتماد نظام مصرفي موثوق، واتمتة الاجراءات من أجل الحد من عمليات الفساد وتهريب العملة الصعبة”.

وحذّر خضير من “انهيار الوضع الاقتصادي في البلاد في حال استمرار تهريب العملة الصعبة”، واصفا التبادل التجاري بين العراق وعدد من الدول بـ”التهريب المنظم للأموال العراقية الى جيوب الفاسدين والمنتفعين”. 

وطالب الخبير بـ”إحداث توازن تجاري بين الصادرات والاستيرادات من اجل احداث نوع من الاستقرار الاقتصادي”، مشيرا الى ان “ما حدث الان يمكن ان يخلق عبودية اقتصادية للعراق، بسبب استمرار استيراده لكل شيء”.

 

منافسة شرسة

وخلال الايام الماضية، تحدث المستشار الاقتصادي لإيران في العراق  عبد الأمير ربيهاوي، عن تزايد المنافسين التجاريين لإيران في السوق العراقية.

وقال ربيهاوي في لقاء مع رجال أعمال في محافظة كرمانشان عبر الإنترنت، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية “إرنا”، إنه في السابق كانت تركيا والصين فقط منافستين تجاريتين لإيران في العراق، أما الآن فإن الدول العربية في المنطقة، مثل الإمارات والسعودية والأردن، انضمت الى منافسي ايران في السوق العراقية.

وأردف بالقول إن وضع قوانين مقيدة واستعداد صناع القرار العراقيين للتعاون مع الدول العربية في المنطقة “من العوامل التي تعزز المنافسة في السوق العراقية”.

واكد ضرورة استيراد البضائع من العراق لإيجاد التوازن في ميزان التبادل التجاري بين البلدين، مشيرا إلى أن الميزان التجاري مع العراق يبلغ الآن 9 مليارات دولار لصالح الصادرات. 

وبلغ حجم التبادل التجاري بين بغداد وانقرة خلال العام الماضي 20 مليارا و666 مليون دولار، وفقا للسفير التركي لدى العراق، فاتح يلدز. 

فيما تحدثت نائبة وزير الاقتصاد، لجمهورية أذربيجان، سيفينج حسنوفا، عن نمو التبادل التجاري بين العراق واذربيجان خلال الـ 6 اشهر الماضية الى اكثر من 35 في المائة.

 

ارقام 

ويعلق الناشط المدني زيد شبيب، على اعلان عدد من الدول ارقام المبالغ التي تحصل عليها نتيجة تصدير السلع والمنتجات الى العراق قائلاً: ان “الامر مخيف جدا، كون البلد يستورد مواد بمبالغ ضخمة، تصل الى ملايين الدولارات، ومن الممكن ان تتوفر محليا وبسهولة، لكنه يرمي اللوم على القوى المتنفذة المستفيدة من هلاك الوضع الاقتصادي”.

واضاف ان “ما يحصل الآن هدفه استفادة هذه القوى المتنفذة، التي وضعت يدها على كل شيء. وبالتالي لا يمكن للمعامل والمصانع العراقية ان تنتج مواد بسبب عدم توفر الكهرباء وارتفاع اسعار المواد الاولية المستوردة، ومنافسة المنتج المستورد”. 

وزاد شبيب، “اصبحنا نستورد القداحات واعواد تنظيف الاسنان وعلك الماء، وكل ما يتحاجه البيت العراقي”.

عرض مقالات: