تعد واسط من أبرز محافظات البلاد في إنتاج المحاصيل الزراعية الإستراتيجية، نظرا لما تمتلكه من مساحات واسعة صالحة للزراعة.
ومن اهم المشاريع الزراعية في المحافظة، مشروع ري الشحيمية الذي تبلغ مساحته 35 الف دونم، ومشروع ري كصيبة، ومشروع الدملج، ومشروع الدجيلة، ومشروع مزرعة الجوت، فضلا الكثير من المساحات المستصلحة، وبساتين النخيل والحمضيات وفاكهة الصيف. وخلال السنوات السابقة شكل إنتاج واسط من المحاصيل الاستراتيجية كالحنطة والشعير والذرة الصفراء، ما يقدر بنصف إنتاج العراق من تلك المحاصيل.
ورغم الأهمية الزراعية لهذه المحافظة، لكنها اليوم، شأن غيرها من محافظات البلاد، تواجه تحديات كثيرة، أبرزها التغير المناخي وأزمة المياه وارتفاع تكلفة الإنتاج، ما يستدعي وضع خطط لإدارة ملف المياه بالشكل الأمثل، ودعم المزارعين بمستلزمات الزراعة، ومحاصيلهم بالتسويق.
ويشكو فلاحو محافظات الوسط والجنوب، من تدهور البنية التحتية للقطاع الزراعي، لا سيما خلال السنوات الأخيرة، وهذا الحال يشمل أيضا واسط التي كانت تعتبر من المحافظات الزراعية المتقدمة والمهمة من حيث كميات المحاصيل التي تنتجها، والتي تدعم فيها جانبا كبيرا من السلة الغذائية.
تراجع المساحات الزراعية إلى النصف
وكان التحدي الأساس في واسط هو شح الإيرادات المائية المستمر منذ سنوات سابقة وإلى الآن، ما تسبب في تراجع المساحات الزراعية إلى النصف. حيث وصلت في السنوات الثلاث الأخيرة إلى 700 ألف دونم داخل وخارج الخطة الزراعية، بعد أن كانت تبلغ أكثر من مليون دونم في السابق، ما أنعكس سلبا على المنتج الزراعي وأضر اقتصاديا بالمزارعين – وفقا لمدير زراعة واسط أركان مريوش. إذ يوضح في حديث صحفي ان “واسط فقدت الكثير من ميزاتها الزراعية بسبب الجفاف وتدهور الأراضي وتوقف مشاريع الاستصلاح، فضلاً عن الظروف المناخية المتطرفة التي يمر بها العراق، والتي تسببت في زيادة المساحات المتصحرة، ناهيك عن ارتفاع الأملاح بسبب التبخر الناتج عن ارتفاع حرارة الجو”.
ويتابع قائلا: “كذلك تفقد المحافظة سنوياً الكثير من الأراضي الزراعية المنتجة سواء الواقعة داخل المدن، أم التي تقع على تخومها، وذلك بسبب التوسع السكاني”.
مشكلات في البنى التحتية
ويشير مريوش إلى أن “جهود الحكومات السابقة في القطاع الزراعي لم تكن بالمستوى المطلوب. لذلك يعاني هذا القطاع حالياً مشكلات في البنى التحتية والجانب الفني. وعلى مستوى البنى التحتية، فإن صلاحية التربة والمياه في تدهور مستمر، ولم يتم لغاية الآن إيجاد البيئة المناسبة لخلق قطاع زراعي ناجح سواء على مستوى الإمكانيات أم على مستوى إعداد المزارعين. أما من ناحية الجانب الفني، فإن وزارة الزراعة تراجعت في دعم المزارعين بالمكننة والآليات والتقنيات الحديثة”.
ويشدد على “أهمية جعل دعم القطاع الزراعي من أولويات الحكومات. فالمطلوب اليوم هو زيادة تخصيصات وزارة الزراعة ومديريات الزراعة في المحافظات، وتوفير بنية تحتية على مستوى المباني والعجلات الزراعية والأثاث. إذ ان الأموال المخصصة اليوم للقطاع الزراعي غير كافية ولا تغطي الحاجة الفعلية لتلك المستلزمات”.
ويضيف قائلا: “كذلك على الدولة التحكم بالسوق لدعم المنتج المحلي. إذ يُلاحظ أن المنتجات المستوردة تنافس المنتجات الوطنية، سواء في الإنتاج الزراعي أم الحيواني. لذلك يجب أن يكون هناك اهتمام كبير بالقطاع الزراعي الذي يؤمن الغذاء وفرص العمل والاستقرار الاجتماعي في الريف”.
الوضع المائي لا بأس به!
من جانبه، يلفت الخبير الزراعي عادل المختار، إلى أن “واسط من المحافظات الزراعية المتقدمة والمهمة من حيث كمية إنتاجها من المحاصيل الاستراتيجية، خاصة بالنسبة للحنطة. كما أن الوضع المائي في هذه المحافظة لا بأس به”.
ويبيّن في حديث صحفي أن “الخزين المائي هذا العام بلغ نحو 20 مليار متر مكعب - حسب تصريحات وزارة الموارد المائية – وهذا الرقم يصل إلى ضعف ما كان عليه في الصيف الماضي (11 مليار متر مكعب). لذلك لا توجد مشكلة مياه في ظل وجود هذا الخزين المرتفع، خاصة في نهر دجلة. فسد الموصل ارتفع منسوبه إلى 323 مترا، كذلك ارتفعت المناسيب في سدي دوكان ودربندخان وبحيرة حمرين. أما مسألة عدم اطلاق الإيرادات المائية فهذه تعود إلى الإدارة المائية في وزارة الزراعة”.
تحديات كثيرة
إلى ذلك، تقول نائبة رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار البرلمانية، سوزان كوجر، أن “الواقع الزراعي في العراق يواجه تحديات كثيرة، رغم أن القطاع الزراعي مهم لتنمية اقتصاد البلاد والحفاظ على الأمن الغذائي، إلى جانب كونه مصدر عيش للكثير من المواطنين”، مشيرة في حديث صحفي إلى ان “من التحديات التي تواجه هذا القطاع، التطرف المناخي الذي أدى إلى حصول تراجع في الإنتاج الزراعي وإنتاج الثروة الحيوانية”.
وتتابع قولها: “أما التحدي الثاني فيتمثل في أزمة المياه، وهذه الأزمة تعود إلى قلة الواردات المائية. وكان الخزين المائي دون 5 مليارات متر مكعب خلال السنوات الماضية، لكن اليوم وصل إلى 20 مليار متر مكعب بسبب الهطول الجيد للأمطار وذوبان الثلوج”.
ومن التحديات الأخرى التي تواجه القطاع الزراعي اليوم – حسب كوجر – هي “تكلفة الإنتاج، سواء من ناحية الزراعة أم الثروة الحيوانية. ما يؤكد الحاجة إلى الدعم الحكومي من خلال توفير المستلزمات المطلوبة، ووضع خطة مدروسة لتسويق المنتج المحلي ودعمه ليستطيع منافسة المستورد”.
وتشدد على “أهمية وضع خطة استراتيجية وسياسة مدروسة لملف المياه، من خلال خزن المياه والاستفادة منها في المستقبل مع استخدامها بشكل علمي وعدم هدرها. كما يجب وضع برنامج لمعالجة مياه الصرف الصحي والاستفادة منها في الصناعة والزراعة، وأيضاً وضع برنامج للحفاظ على المياه الجوفية”.
وتشدد كوجر أيضا على “ضرورة التعاون ما بين الوزارات المعنية، كالزراعة والموارد المائية والبيئة، للمحافظة على القطاع الزراعي. كذلك يجب التنسيق ما بين وزارتي التجارة والزراعة لوضع آليات ناجحة لتسويق المنتج المحلي”.