أفادت الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي في العراق، الأحد الماضي، بتسجيل ارتفاع خطير في مؤشّر الأشعة ما فوق البنفسجية في عدد من المحافظات، وسط تحذيرات من التعرّض لها في وقت الظهيرة، خصوصا عندما تكون أشعة الشمس عمودية، الأمر الذي قد يسبّب حروقاً في الجلد وأضراراً في شبكية العين.
وأشارت الهيئة إلى أنّ ارتفاع الحرارة في الشهرَين الأخيرَين تجاوز أحياناً نصف درجة الغليان. فيما تحدثت عن رصد حالات إغماء متكرّرة بسبب حرارة الجو، معظمها في مخيمات النازحين. وأوضحت في بيان صحفي، أنّه “في الأيام التي يكون فيها الإشعاع الشمسي مرتفعاً، تعلو مستويات الأشعة ما فوق البنفسجية بدورها، الأمر الذي يزيد من خطر الإصابة بحروق في الجلد، وبالسرطان أيضا”، مشددة على “ضرورة اتّخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية العينَين”. ولفتت الهيئة إلى أنّ مستوى الإشعاع الشمسي يكون مرتفعاً جداً في محافظات بغداد والأنبار وصلاح الدين وبابل وواسط.
أضرار خطيرة
ويحذّر أهل الاختصاص من خطورة الأشعة ما فوق البنفسجية على صحة الإنسان، لا سيّما على الجلد والشفاه والعيون. وفي هذا الإطار يقول الطبيب المتخصص في الأمراض الجلدية مهنّد علي، ان “التعرّض للأشعة ما فوق البنفسجية يسبّب أضراراً خطيرة، من بينها ما يؤثر على الحمض النووي والجلد ويسبب تلف خلايا البشرة، وصولاً إلى السرطان”، مشددا في حديث صحفي على “أهمية تجنّب تلك الأشعة قدر المستطاع من خلال عدم التعرّض للشمس، خصوصاً وقت الظهيرة”. ويضيف قائلا أنّ “ثمّة أضراراً مباشرة تسبّبها الأشعة ما فوق البنفسجية على شبكية العين”، داعياً إلى “وجوب الابتعاد عن أشعة الشمس ووضع نظّارات لحماية العين منها”. فيما يلفت إلى انه “من الضروري استخدام مستحضرات واقية من الشمس عند الخروج من المنزل في هذه الأيام”.
عمّال تحت الشمس
في سياق متصل، يرى ناشطون في مجال حقوق الإنسان أنّه من الصعب للعمّال الذين يشتغلون تحت الشمس تجنّب الأشعة ما فوق البنفسجية.
ويقول الناشط علي العبيدي في حديث صحفي، ان “الكادحين لا يمكنهم تجنّب تلك الأشعة. فظروفهم المعيشية الصعبة تحتّم عليهم الخروج إلى العمل لكسب قوتهم اليومي، من دون الاكتراث لأشعة الشمس الحارقة”، مضيفا قوله أن “الموظفين أيضا ينهون دوامهم وقت الظهيرة، وبالتالي يتعرضون لأشعة الشمس”.
ويلفت إلى أنّ “الحكومة تمنح عطلاً رسمية للموظفين في أيام الحرّ الشديد، لكن هذا الأمر لا يشمل عمال القطاع الخاص.
ومن هنا لا بدّ أن تُلزم الحكومة أرباب العمل في المؤسسات الأهلية بالالتزام بتلك العطل، وبعدم إجبار العمال على الخروج مباشرة تحت أشعة الشمس”.
ويتحدّث العبيدي عن حالات إغماء كثيرة سُجّلت في تموز المنتهي، بين عمّال يشتغلون في أوقات الظهيرة.
وقد أصدرت الحكومة أخيراً توجيهات بتقليص ساعات الدوام الرسمي في عموم الدوائر الحكومية، وحتى المؤسسات الأهلية، بسبب ارتفاع درجات الحرارة. كذلك منحت الحكومات المحلية صلاحيات تعطيل الدوام الرسمي في حال تسجيل ارتفاع في الحرارة يلامس نصف درجة الغليان.
تجدر الإشارة إلى أنّ مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، كان قد أفاد في آب العام الماضي، بأنّ حرارة الصيف الشديدة والتلوّث في جنوب العراق الذي كان يزوره، يشيران إلى أنّ “حقبة الغليان العالمي” قد بدأت.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة، فإن العراق يُعَدّ من بين أكثر الدول عرضة لتغيّر المناخ في العالم.
منظمة الصحة العالمية: هذه أضرار الأشعة فوق البنفسجية
وبينما تفيد منظمة الصحة العالمية بأنّ التعرّض لنسب قليلة من الأشعة ما فوق البنفسجية مفيد للصحة، إذ إنّ ذلك يؤدّي دوراً أساسياً في إنتاج فيتامين دي، فإنّها تشير في المقابل إلى عواقب سلبية للتعرّض المفرط لتلك الأشعة، لا سيّما أنّها عامل مسبّب للسرطان.
وتوضح المنظمة أنّ الآثار الحادة للأشعة ما فوق البنفسجية تشمل تلفاً في الحمض النووي وحروق شمس وتفاعلات ضوئية سامة وتفاعلات حساسية ضوئية، وتثبيط للجهاز المناعي، مبينة أن التثبيط المناعي يُعَدّ من عوامل الإصابة بالسرطان، ومن الممكن أن يتسبّب كذلك في إعادة تنشيط فيروسات.
أمّا الآثار المزمنة للتعرض للأشعة ما فوق البنفسجية على الجلد والشفاه، فهي بحسب المنظمة، الورم الميلانيني الجلدي (ميلانوما).
وهو سرطان الجلد الخبيث الذي يهدّد الحياة، وسرطان الخلايا الحرشفية الذي يُعَدّ مرضاً خبيثاً إنّما أقلّ انتشاراً من سرطان الجلد عموماً، واحتمالات تسبّبه في الوفاة أقلّ، وسرطان الخلايا القاعدية. وهو سرطان جلدي ينمو ببطء ويصيب كبار السنّ في الأساس.
كذلك تأتي شيخوخة الجلد المبكرة من تلك الآثار المزمنة، ومن خلالها يفقد الجلد مرونته في سنّ مبكرة مع تدنّي قدرة الجروح على الالتئام.
وفي ما يخصّ الضرر المترتّب عن الأشعة ما فوق البنفسجية على العيون، توضح المنظمة أنّ الآثار الحادة تشمل التهاب القرنية الضوئي والتهاب الملتحمة الضوئي على التوالي، مشيرة إلى انه بالإمكان الوقاية من هذه الأضرار بسهولة، من خلال استخدام النظّارات ذات العدسات الواقية. وتلفت إلى ان الالتهابَين المذكورَين لا يرتبطان عادة بأيّ ضرر طويل المدى، لكنّهما يسبّبان ألماً ويتطلبان علاجاً. وبخصوص الآثار المزمنة للأشعة ما فوق البنفسجية على العيون، تذكر المنظمة “مرض السادّ”، الذي يصيب العين فيؤدّي إلى إعتام العدسة بصورة متزايدة، الأمر الذي يتسبّب في ضعف البصر والعمى في نهاية المطاف، مضيفة إلى ذلك “مرض الظُفرة”، أي نموّ الأنسجة اللحمية التي من الممكن أن تغطّي جزءاً من القرنية.