اخر الاخبار

بعد حوالي 8 أشهر من توقيع العراق اتفاقًا مع تركمانستان لاستيراد الغاز المطلوب في تشغيل المحطات الكهربائية، وقعت إيران اتفاقية مع الدولة ذاتها، لمد شبكة الانابيب لتوريد الغاز التركمانستاني اليها، في اتفاق سيدفع العراق بموجبه لشراء الغاز التركمانستاني لكن دون ان تدخل ذرة واحدة من هذا الغاز الى المحطات العراقية.

تفاصيل العقد

وكان وزير الكهرباء زياد علي فاضل، وقع في 6/ 10/ 2023، مذكرة تفاهم مع وزير الدولة التركمانستاني لشؤون الغاز، لتوريد الغاز التركمانستاني إلى العراق.

وقال فاضل، إن مفاوضات جارية مع الجانب الإيراني لاستعمال شبكاتها لنقل هذه الكميات، التي من شأنها تأمين تغذية مستمرة في حال توقُّف الغاز الإيراني. وفي حال موافقة طهران يمكن الاستعانة بالغاز القادم من تركمانستان خلال فصل الصيف.

ولفت إلى أن كمية الـ20 مليون متر مكعب من الغاز التركمانستاني، التي يسعى العراق إلى الحصول عليها، من الممكن الاستعانة بها عند تقليل التدفقات من الجانب الإيراني.

ويستورد العراق الكهرباء والغاز من إيران بما يتراوح بين ثلث و40% من احتياجاته من الطاقة، وهو أمر بالغ الأهمية، خاصة في أشهر الصيف عندما تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية، ويبلغ استهلاك الطاقة ذروته.

ويواجه العراق صعوبة في سداد ثمن تلك الواردات، بسبب العقوبات الأمريكية التي تسمح لإيران فقط بالحصول على الأموال، لشراء السلع غير الخاضعة للعقوبات؛ مثل: الغذاء، والدواء.

وأعلن الجانبان التركمانستاني والإيراني قبل حوالي 3 أيام، توقيع اتفاقية توريد 10 مليار متر مكعب من الغاز من تركمانستان الى ايران، وهو ما يعادل اكثر من 25 مليون متر مكعب يوميًا.

لفائدة من؟

وتعادل هذه الكمية بالضبط ما يستورده العراق بالمتوسط من الجانب الإيراني، بالرغم من ان حاجته تصل لاكثر من 50 مليون متر مكعب يوميا في أوقات الذروة، لكن عمومًا أن هذا العقد سيؤدي لحل معضلتين في آن واحد.

تتمثل المعضلتان اللتان سيتم حلهما في نفس الوقت، هو ان العراق سيتخلص من الانخفاضات المفاجئة في الغاز الإيراني المورد الى محطاته بسبب تصاعد حاجة شمال ايران للغاز احيانًا، ما يؤدي الى قطعه عن العراق، كما انه سيحل بنفس الوقت مشكلة تسديد أموال الغاز المستورد الى ايران، وهو ما يمكن وصفه باستراتيجية “التفاف” على تطلعات واشنطن التي ما زالت تنتظر ان يعلن العراق اخيرا إيقاف استيراد الغاز الإيراني.

لكن هذه الاتفاقية “ثنائية الفائدة”، تحمل الكثير من المفارقات وعلامات الاستفهام والتساؤلات، الأول أن الغاز التركمانستاني سيشتريه العراق لإيران، أي انه سيدفع أمواله الى تركمانستان، لكنه لن يتسلم هذا الغاز ابدا، بل سيذهب الى الشمال الإيراني، بالمقابل تعطي ايران غازا بنفس الكميات ربما الى العراق من غازها المحلي بنفس الوقت. وهنا سيقوم العراق بتسديد اثمان الغاز الإيراني لكن دون تسليم ايران الأموال بل تسليمها الى تركمانستان، مما سيؤدي الى تجاوز مسألة العقوبات.

تساؤلات مشروعة

اما التساؤلات الأخرى، فتتعلق بسعر الغاز التركمانستاني، فهل سيشتري العراق غاز تركمانستان بنفس سعر الغاز الإيراني ام انه سيدفع أموالا اكبر ل‍تركمانستان مقابل الحصول على نفس الغاز الإيراني الذي يستورده؟ كما أن السؤال الثالث هو هل سيتحمل العراق كلفة الانبوب الممتد من تركمانستان الى ايران؟ باعتبار ان ايران غير محتاجة لانشاء هذه الشبكة واستيراد غاز تركمانستان بل انها أقدمت على هذه الخطوة لصالح العراق فقط، انما هي تستطيع الاكتفاء بغازها المحلي وتوقفه عن العراق وتستخدمه للاستهلاك الداخلي. كما ان التساؤل الثالث والخطير في الوقت ذاته، هل ستتعامل ايران على ان الغاز القادم من تركمانستان والذي يدفع العراق أمواله، هو ليس غازا للمقايضة تأخذه ايران مقابل منح العراق جزءا من غازها؟ أي بمعنى اخر هل ستعتبر ايران نفسها انها “ارض مرور” للغاز التركمانستاني نحو العراق وبالتالي تأخذ رسوم عبور إضافية؟ بالرغم من ان ما سيحدث ليس كذلك فالغاز التركمانستاني لن يصل الى العراق ابدا بل ستتم مبادلته، أي تأخذه ايران وتمنح العراق جزءا من غازها المحلي الذي تزوده للعراق منذ سنوات. ولم تقدّم حكومة تركمانستان أيّ تفاصيل بشأن الأسعار أو التوقيت أو الإعدادات اللوجستية، لكنها قالت إنها تخطط لمدّ خط أنابيب غاز جديد إلى إيران.

ومن المقرر أن تنفّذ شركات إيرانية خط أنابيب جديدًا بطول 125 كيلومترًا (77 ميلًا) إلى إيران لتوسيع قدرة تركمانستان على توصيل الغاز، حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس.