اخر الاخبار

تشهد غالبية المحافظات العراقية في الوقت الراهن احتجاجات مستمرة، خاصة في مناطق الوسط والجنوب، نتيجة نقص الخدمات وتقاعس المؤسسات الخدمية عن تحسين الأوضاع؛ إذ لا تزال مشكلة الكهرباء في البلاد قائمة من دون حل منذ أكثر من عشرين عاماً.

وأشرّت لجنة الخدمات النيابية وجود عجزٍ واضح عن تقديم الخدمات للمواطنين من قبل الكثير من المؤسسات الحكومية الخدمية المختلفة، برغم تخصيص مئات المليارات التي لم تنعكس إيجابا على حياة الناس.

وتدفع المزيد من المشاريع بالمواطنين الى ميادين الاحتجاج، بسبب تلكؤها وسوء تنفيذها، إن نفذت أصلا.

وقال اللجنة النيابية، ان كثيرا من المؤسسات والدوائر الخدمية لا يحدث فرقا وجودها من عدم وجودها، بل هي مجرد عبء يقل ميزانية الدولة.

تأييد لكلام اللجنة النيابية

وقال عضو لجنة الخدمات في مجلس محافظة الديوانية اياد الميالي لـ”طريق الشعب” أنه يؤيد ما ذكرته اللجنة في ما يتعلق بعجز المؤسسات الحكومية الخدمية عن تقديم الخدمات، راهنا ذلك بـ”طريقة إيصال الخدمة عن طريق القطاع الحكومي أو الموظف الحكومي، فهي طريقة خاطئة للغاية”.

وأردف الميالي كلامه، أن “الحكومة لا يمكن لها أن تقدم كافة الخدمات للمواطنين، كما كان يحدث في الثمانينات عندما كانت الشركات الحكومية ـ مثل شركة حمورابي وشركة المعتصم ـ تتولى تنفيذ المشاريع”، مضيفا “اليوم يتم إسناد هذه الأعمال إلى شركات من القطاع الخاص تحت إشراف حكومي. على سبيل المثال، لا يمكن لمجموعة من 100 إلى 150 موظفا في بلدية الديوانية تنظيف المدينة بأكملها ورفع النفايات عن الشوارع الرئيسة والأزقة والأحياء. هذا مستحيل ويتطلب التوجه نحو إشراك القطاع الخاص في كافة المجالات بما في ذلك الكهرباء والماء والتنظيفات”.

وفي مقابل ذلك، شدد المسؤول المحلي على أهمية إيجاد حلول لمشكلة العجز لدى الدوائر الخدمية عن تقديم الخدمة، من خلال تحول هذه الدوائر إلى إشراف وتخطيط ومتابعة وتقييم لشركات القطاع الخاص، التي ننصح بإسناد مهام تقديم الخدمات اليها، لضمان تقديم خدمات ذات جودة عالية للمواطنين، وتحمليها مسؤولية أي تقصير”.

غياب الرؤية

وقال عضو لجنة الخدمات النيابية السابق جعفر الموسوي، أن موضوع الخدمات هو “الشغل الشاغل في الوقت الحاضر”، مردفا ان هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى عدم تقديم الخدمات بالمستوى المطلوب”.

وأضاف الموسوي لـ “طريق الشعب”، أن “من بين هذه الأسباب عدم وجود رؤية حقيقية وتخطيطية لموضوع الخدمات، ما يؤدي إلى ضعف في تقديمها”.

وأشار الموسوي إلى أن “المحاصصة تعد أحد العوامل الرئيسة التي تحول دون اختيار الشخصيات ذات المؤهلات المطلوبة لإدارة المؤسسات”، مبينا أن “الفساد وغياب المتابعة الحقيقية يؤديان إلى تداخل الصلاحيات، حيث ينشغل أغلب أعضاء المجالس بالتنفيذ بدلًا من الرقابة، ما يسهم في الترهل الوظيفي وقلة الاختصاص”.

وتابع، أن “غياب المشاريع الاستراتيجية والتنسيق مع المحافظات في اختيار الشركات المنفذة للأعمال يزيد من تدهور الوضع”، مشيرا إلى أن بعض القطاعات تحتاج إلى تعاون من قبل القطاع الخاص”.

وواحدة من المشكلات التي طرحها الموسوي تتعلق بشح وانعدام المياه في الأنهار الفرعية، ما يؤدي إلى توقف العديد من مشاريع المياه عن العمل، خصوصًا في فصل الصيف.  وفي ما يخص قطاع الكهرباء، أشار الموسوي إلى نقص المحطات الثانوية وتهالك الشبكات ورداءة المواد المستخدمة في الصيانة، بالإضافة إلى قلة الكوادر والآليات والمتابعة، حيث لا توجد عمليات صيانة استباقية في فصل الشتاء استعدادًا لفصل الصيف، وإن وجدت فهي دون المستوى المطلوب.

وانتقد الموسوي “عدم الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال”.

وذكر أيضا، ان نقص التشريعات يسهم هو الآخر بتردي وغياب قطاع الخدمات، إلى جانب غياب معامل تدوير النفايات والطمر الصحي وغيرها من المشكلات البيئية.

وأشار إلى “غياب ملحوظ” لدور المؤسسات الرقابية، حيث لا توجد مؤسسة رقابية تطالب الحكومة المحلية أو الدوائر الخدمية بخططها السنوية. وتبقى الخطط مجرد أوراق على الرف، عدا بعض الحلول الترقيعية التي لا تجد ملموسية لدى المواطن، بسبب أن العديد من المسؤولين ليسوا أصحاب اختصاص، ومع ذلك يتم منحهم إدارة أقسام ودوائر دون أية متابعة لعملهم.

وخلص الموسوي إلى ضرورة إعادة النظر في كافة التفاصيل الخدمية من خلال مجلس الوزراء ووزارة التخطيط وبقية الوزرات ومجالس المحافظات، لافتاً إلى أهمية وجود عوامل تحفيز للعاملين في هذه القطاعات، والاهتمام بمستحقاتهم وسلامتهم.

اتهامات حكومية متبادلة بالتقصير

وقال الخبير الاقتصادي همام الشماع، أن “العراق شهد خلال الـ 21 عاماً الماضية موازنات غير مسبوقة، نتيجة لارتفاع أسعار النفط”، ومع ذلك، فإن الدولة لم تقم بدورها المطلوب، وأن الأجهزة الحكومية لم تؤدِ واجباتها كما يجب، ما أدى إلى تفكك هذه الأجهزة وانهيار الترابط في ما بينها.

وذكر الشماع لـ “طريق الشعب”، أن وزارتي النفط والكهرباء تتبادلان الاتهامات، حيث تلقي الاولى اللوم على الثانية بعدم دفع تكاليف الغاز، ما يعني الفشل في التنسيق بين الوزارات. وأوضح الشماع، أن الوزارات تُدار وكأنها مملوكة للوزراء الذين يمثلون أحزاباً وقوى سياسية، حيث يؤسس كل منهم “مملكة” خاصة به، ويعمل بما يخدم منفعته الشخصية والحزبية، والتالي فان تقديم الخدمات يتم بناء على ما يمكن ان تحققه من مكاسب اقتصادية للأحزاب، وليس من اجل خدمة المواطنين.

وزاد بالقول: ان “حكومة السوداني تدعي أنها حكومة خدمات، لكن أي حكومة يجب أن تقدم الخدمات للشعب، سواء كانت أمنية، اقتصادية، صحية، تعليمية وغيرها. كل حكومة تقع على عاتقها مسؤولية تقديم الخدمات وتملك ميزانية تشغيلية لتحقيق ذلك”.

واختتم الشماع حديثه بأن “الحكومة تُلهي الشعب بأمور جانبية، لتغطي على تقصيرها”.