اخر الاخبار

قبل أسابيع، عاد الأربعيني أحمد سعيد إلى منزله الكائن في منطقة السرجخانة في مدينة الموصل القديمة، بعد سنوات من النزوح. لكن فرحته بالعودة إلى دياره لم تكتمل. فقد عثر على مخلف حربي غير منفلق قرب منزله أثناء تنظيفه الركام، ما أثار في نفسه مخاوف شديدة على سلامة أفراد عائلته، خصوصاً أطفاله الذين يحبون اللعب في الزقاق.

يقول سعيد في حديث صحفي: “صرت أخشى على أولادي من الخروج للعب في الزقاق، بعد ان اكتشفت مقذوفا حربيا بين ركام منزل مهدّم مقارب لمنزلي، فربما هناك مقذوفات أخرى غير مكتشفة”، مضيفا قوله ان “الأمر يثير قلقنا. فنحن لا نخاف فقط من عبث الأطفال بتلك المقذوفات، بل أيضا من انفجارها وحدها جراء ارتفاع درجات الحرارة”.

قلق جماعي

سعيد ليس وحده من يعيش هذا القلق، إنما جميع أهالي الموصل. فلا تزال المدينة، خاصة منطقتها القديمة، تعاني وجود كميات كبيرة من الألغام والعبوات الناسفة غير المنفلقة، وسط ركام المباني المهدمة. حيث يجري اكتشاف عدد من تلك المخلفات بين فترة وأخرى.   

ويرى الكثيرون من السكان العائدين من النزوح إلى منازلهم، أنه من غير المستبعد أن تحتوي أنقاض المباني المهدمة، التي لا تزال كميات كبيرة منها متراكمة في أزقة المدينة القديمة، على ألغام وعبوات ناسفة لم تنفجر بعد، مشيرين إلى ان وجود هذا الركام يجعل اكتشاف تلك المخلفات أمرا صعبا.

من جانبه، يوضح سالم عبد، وهو أحد سكان الموصل القديمة: “عدنا إلى منازلنا بعد فترة طويلة من النزوح، ولكن كل خطوة نخطوها هنا محفوفة بالمخاطر. إذ لا نعرف أين يمكن أن نجد عبوة ناسفة أو لغما”.

ويضيف في حديث صحفي قائلا أنه “على الرغم من مرور أكثر من 7 سنوات على تحرير الموصل من تنظيم داعش الإرهابي، إلا أن الأنقاض ما زالت متراكمة في المدينة، وتخفي تحتها مقذوفات حربية بكل تأكيد”.

جهود رفع الألغام متواصلة

تبذل فرق الدفاع المدني إلى جانب شركات أمنية، جهودا كبيرة لإزالة الألغام والمخلفات الحربية في مناطق مدينة الموصل. ولا تزال هذه الجهود مستمرة حتى اليوم.

وتعمل تلك الفرق بجدية على اكتشاف الألغام وإزالتها، لكن المهمة ليست سهلة ولا يمكن إنهاؤها في وقت قصير، خصوصا في ظل وجود كميات كبيرة من ركام المباني.

وتنقل وكالة أنباء “شفق نيوز” عن أحد أعضاء فرق نزع الألغام، قوله ان “العمل هنا معقد وخطير. علينا أن نكون حذرين جداً في كل خطوة نخطوها. بين فترة وأخرى نكتشف المزيد من الألغام والعبوات الناسفة”.

ولا يزال البعض من مناطق الموصل يحتوي على لوحات تحذيرية تشير إلى مخاطر الألغام.

وتذكّر هذه اللوحات الأهالي والزائرين بخطورة المناطق التي لم يتم تطهيرها بعد. ورغم مرور سنوات على انتهاء الحرب ضد إرهاب داعش، إلا أنه لم يُعلن بعد عن خلو الموصل من الألغام بشكل كامل.

الحياة غير طبيعية!

ويعيش أهالي الموصل باستمرار، حالة من التوتر والقلق، بسبب وجود تلك المخلفات الحربية. ويقول علي حسين، وهو أب لثلاثة أطفال انه “لا نستطيع أن نعيش حياة طبيعية. الأطفال يخافون من اللعب خارج المنزل، ونحن نخشى من حدوث أمر سيء في أي لحظة”. ويضيف في حديث صحفي قوله: “نأمل أن يتم تطهير منطقتنا بشكل كامل قريباً، لكي نعيش حياتنا بشكل طبيعي دون خوف أو قلق على سلامتنا وسلامة أطفالنا”.

وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة، تتزايد مخاطر المخلفات الحربية. فالحرارة العالية يمكن أن تؤدي إلى انفجار الألغام أو العبوات الناسفة غير المنفجرة، ما يزيد من خطورة الوضع.

لذلك، يطالب الأهالي بتكثيف الجهود لتطهير المناطق المتأثرة في أسرع وقت ممكن.

ورغم كل هذه التحديات، إلا أن الأهالي يعيشون على أمل أن تتحسن الأوضاع تدريجياً. فجهود رفع المخلفات التي تواصل بذلها فرق الدفاع المدني والشركات الأمنية، تعطي بعض الأمل في أن يتم تطهير المدينة بشكل كامل قريباً.