اخر الاخبار

على الرغم من الإجراء الحكومي بتقليص ساعات العمل تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة، يواجه العديد من عمال النظافة وعمال المهن الحرة خطر الموت، تحت لهيب الشمس، في ظل تقاعس حكومي مستمر عن حمايتهم.

ويقول عامل النظافة حسين مرزة لـ”طريق الشعب” إنه في الوقت الذي تعلن فيه الحكومة تقليص ساعات الدوام بسبب ارتفاع دراجات الحرارة، توجه أمانة بغداد بتشديد العمل على عمال النظافة، بسبب عطلة عيد الاضحى والتي تزامنت بعدها عطلة عيد الغدير”.

ويذكر مرزة الذي يعمل في الوجبة الصباحية أن أجور العمل التي يتقاضاها شهريا “200 ألف دينار” على الرغم من تثبيته على الملاك الدائم منذ عامين، منبها إلى ان “عمال النظافة يفتقرون إلى كافة اشكال متطلبات السلامة خاصة خلال فصل الصيف”.

غياب متطلبات السلامة

وحول طبيعة عمله مع ارتفاع درجات الحرارة يفيد “لا يوجود أي شكل من أشكال الحماية لعمال النظافة باستثناء البدلة الفسفورية التي تحميهم من الحوادث المرورية إضافة إلى توجيهات بارتداء القبعات اثناء العمل”، منوها إلى أن “الكثير من زملائه خاصة العاملين في الوجبة المسائية تعرضوا إلى حالات إغماء بسبب الحرارة الشديدة”.

ولم تقتصر إصابات العمل على عمال النظافة بل يشتكي أيضا عمال المهن الحرة وضمنهم عمال تسليك المجاري من موجة الحر الشديد التي تتعرض لها البلاد.

ويقول لفته حسن خلف وهو عامل تسليك مجاري منذ 20 عاما إنه يعاني من صعوبة الشمول بالرعاية او الضمان الاجتماعيين على الرغم من محاولات التقديم، منبها إلى أن “هناك الكثير من المواطنين لم يتمكنوا من الشمول وذلك لعدة أسباب في مقدمتها أولوية القبول لمن يمتلك الواسطات ويدفع الرشوة المالية فضلا عن فرض رسوم مالية كبيرة يعجز العامل البسيط عن تسديدها”.

ويلفت المواطن إلى أن أجور عمله تتراوح يوميا بيـن 15- 20 ألف دينار وهناك أيام أخرج إلى العمل دون مقابل.

وينبه لفته وهو مسؤول عن تربية سبعة أطفال ويسكن في دار مؤجرة أن واقع حال المواطنين الذين لا يمتلكون مصدر رزق شهري صعبة خاصة من ارتفاع الأسعار.

وبخصوص عمله مع ارتفاع درجات الحرارة يذكر أن “هناك الكثير من عصابات التجارة يستغلون حاجة العمال إلى شراء متطلبات السلامة، يعملون على رفع الأسعار الأمر الذي تطلب توفير امكانيات مالية كبيرة، وأن ما أحصل عليه من أجور يومية بالكاد تسد متطلبات عائلتي”.

إهمال أقسام الصحة والسلامة

في هذا السياق يفيد رئيس المرصد العراقي لحقوق العمال والموظفين عباس كاظم رباط أنه “في ظل الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة هناك حاجة ملحة إلى إلزام شمول عمال المهن الحرة بالضمان الصحي”.

وعن عمال القطاع الخاص يقول لـ”طريق الشعب” إن “أغلب أرباب العمل لا يعيرون أهمية بتوفير متطلبات السلامة للعمال، فضلا عن عدم شمول الكثير منهم بالضمان الاجتماعي مستغلين في ذلك ضعف الرقابة التي تقع مسؤولية تحقيقها على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية”.

ويذكر رباط أنه بحسب رصد المرصد العمالي فان قطاعات العمل بصورة عامة لا تعير أهمية لسلامة العاملين، وأن أغلب مؤسسات العمل تتعامل مع قسم الصحة والسلامة المهنية على أنه قسم ثانوي”، موضحا في هذا الخصوص أن “اقسام الصحة والسلامة المهنية تتضمن كوادر غير كفوءة وغير متخصصة، وبعض الدوائر تعمل على توظيف من هم يعانون من ظروف صحية سيئة في قسم السلامة وبالتالي يكونون عاجزين عن تقديم المساعدة”.

دعوة لتنظيم حملات توعية

بدورها، دعت منظمة العمل الدولية، مؤخرا، الحكومة إلى اتخاذ خطوات فعّالة لتحديد ساعات العمل وتنظيم حملات توعية حول الإجهاد الحراري، بهدف التخفيف من تأثير الارتفاع الكبير في درجات الحرارة.

وأوضحت المنسقة القطرية للمنظمة في العراق مها قطاع، في بيان اطلعت عليه “طريق الشعب”، أن العراق يُعد واحداً من البلدان الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية في المنطقة العربية. وشددت المنظمة على أهمية تحديث الإطار القانوني المتعلق بالسلامة والصحة المهنية، وتطوير الإجراءات اللازمة لحماية العمال من ارتفاع درجات الحرارة الشديد خلال فصل الصيف.

وأكدت قطاع أن الحكومة العراقية يجب أن تقوم بنشر معلومات دقيقة حول المخاطر المرتبطة بالاجهاد الحراري، وتعزيز أهمية التدابير الوقائية، وتشجيع أصحاب العمل على توفير التدريبات للعمال حول إدارة الاجهاد الحراري وسبل التعامل معه.

وأضافت أن “العمال في القطاعات المكشوفة مثل البناء والزراعة يُعدون من أكثر الفئات عرضة للخطر، حيث يمكن أن ترتفع درجات الحرارة إلى مستويات تفوق الخمسين درجة مئوية، مما يتسبب في آثار صحية خطيرة”.

وفي سياق متصل، أشارت المنظمة العمل الدولية إلى أن قانون العمل العراقي والتعليمات المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية يوفران الإطار القانوني الضروري لحماية العمال من المخاطر المهنية، وتحدد مسؤوليات الحكومة والشركات في هذا المجال.

واختتمت منظمة العمل الدولية دعوتها إلى الحكومة العراقية وكافة الشركاء المعنيين بالعمل سوياً لتنفيذ الإجراءات اللازمة، من أجل حماية صحة وسلامة العمال في ظل التحديات المتزايدة المتعلقة بالاجهاد الحراري في بيئات العمل.