اخر الاخبار

تُعَد إساءة استخدام المواد المخدرة واحدا من أخطر المشكلات التي تواجه المجتمعات، حيث تمتد آثارها السلبية لتشمل جميع مناحي الحياة، وتتنوع المواد المخدرة بين أدوية طبية تُستخدم بشكل غير مشروع، ومخدرات صناعية، وأخرى طبيعية، ما يجعل التصدي لهذه المشكلة أمرًا بالغ التعقيد.

وبموجب القرار 42/112 المؤرخ 7 كانون الأول 1987، قررت الجمعية العامة الاحتفال بيوم 26 حزيران، يوما دوليا لمكافحة اساءة استخدام المخدرات والاتجار غير المشروع بها، بهدف زيادة الوعي بالمشكلة الرئيسية التي تمثلها المخدرات غير المشروعة في المجتمع.

التزامات دولية

تجدر الإشارة الى ان العراق عضو في عدة اتفاقيات دولية تهدف إلى مكافحة المخدرات وتنظيم تداول المواد المخدرة، ومن أبرز هذه الاتفاقيات هي الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لعام 1961 التي تهدف إلى الحد من تصنيع وتداول المخدرات وتحقيق توازن بين توافر الأدوية للاستخدام الطبي وتقليل مخاطر تعاطي المخدرات غير المشروع.

وكذلك اتفاقية المؤثرات العقلية لعام 1971، والتي تركز على تنظيم تداول المواد ذات التأثير العقلي، بما في ذلك العديد من الأدوية التي تُستخدم بشكل غير قانوني كمخدرات، بالإضافة الى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية لعام 1988، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي لمكافحة تهريب المخدرات وتنظيم تداولها، وتشديد العقوبات على الجرائم المتعلقة بالمخدرات.

اكثر أنواع الإدمان شيوعاً

وقال عضو مجلس نقابة الاطباء سعد الخزعلي، ان «مصطلح الادمان يقصد به حالة التعود الفسلجية للجسم تجاه المادة الدوائية او غير الدوائية، والتي تسبب اعراضا في حال فقدان هذه المادة من قبل الجسم بعد تعوده عليها، وابسط امثلتها هي ادمان النيكوتين والكحول وكافيين القهوة».

واضاف قائلاً لـ»طريق الشعب»، ان «مصطلح ادمان المواد المخدرة غير دقيق، فهناك الكثير من المواد التي يدمن عليها الفرد، لكنها ليست مخدرة. وبالنسبة للمواد الطبية التي تسبب الادمان فهي ليست مخدرة بالمجمل، انما هناك مواد منبهة، لكن يساء استعمالها».

وبين المتحدث انه «تحت هذا البند تندرج قائمة طويلة من المواد الكيماوية والادوية، التي تخضع لتقييدات قانونية عالمية، والتي تكون مقننة بغية منع اساءة استخدامها من قبل المدمنين».

وتابع الخزعلي حديثه بالقول: ان «المواد التي تسبب الإدمان، والتي نتحفظ على تسمياتها وتفاصيلها، تشمل ايضاً مواد دوائية تقسم الى مهدئة تسبب الشعور بالراحة المؤقت والنشوة، والى مخدرة تؤدي لتسكين الألم.. والقائمة طويلة جداً».

وذكر ان «اكثر انواع الادمان شيوعاً، هو ذلك الذي يتعلق بإساءة استخدام الادوية الطبية، واسباب الادمان مختلفة، احدها مثلاً اعطاء المادة في بعض الحالات بشكل علاجي للمريض وللاستشفاء، ويدمن المريض على هذا العلاج»، مضيفا انه «بعد وصول الحالة الى الادمان، يعاني المتعاطي من الاعراض الانسحابية، والتي تشمل التوتر العصبي والهلوسة والعصبية المفرطة واختلاجات عصبية».

وواصل حديثه «قد يتعرض المريض للإغماء، وفي بعض الحالات تصل الى الموت. وهذا نتيجة ادمان بسبب جرعة او ربما جرعتين»، مشيرا الى ان هناك بيئة قانونية مشددة تمنع صرف الادوية بشكل عشوائي، وهي تشمل كل الادوية التي تندرج ضمن هذا البند.

وخلص الى القول: «اننا بحاجة الى التذكير بهذا اليوم وباهميته، واستغلاله بالتوعية من مخاطر اساءة استخدام المواد المخدرة، فهو موضوع خطر جداً. لذلك ينبغي التوعية واخذ الحيطة والحذر والعمل على مكافحة هذه الآفة».

غالبيتهم مراهقون

وضمن هذا السياق، قالت رئيس منظمة عراق خال من المخدارت ايناس كريم، ان «المخدرات التي نعاني منها، تنقسم الى نوعين: الأول، هو المخدرات المعروفة. والثاني، المؤثرات العقلية الدوائية التي يفترض ان تصرف من الدوائر الحكومية استنادا لوصفة الطبيب والتي تعالج أمراضا معينة، سواء كانت نفسية ام عصبية ام السكري وغيره».

وأضافت كريم في حديث مع «طريق الشعب»، ان «هذه الادوية هدفها تسكين آلام المريض، وتصرف بوصفة طبية لمدة زمنية وتتوقف»، مشيرة الى ان هناك صيدليات ومذاخر واشخاصا نعتبرهم اخطر من تجار المخدرات، كونهم يعملون على هذه الادوية الى المراهقين والشباب من دون وصفة طبية. وبالنتيجة يستهلكها المراهق الذي لا يدرك حجم مخاطرها.

وقدرت كريم نسبة المرضى الذين يتعاطون مادتي الكريستال والحشيش بـ30 في المائة، بينما نسبة من يتعاطون الادوية والمهلوسات بدون وصفة طبية تبلغ 70 في المائة.

وتابعت ان «تلك النسب تضعنا أمام مشكلة كبيرة تتمثل بتجارة المخدرات وبيع الادوية بدون وصفات طبية»، مردفة «هناك جهود تبذلها نقابتا الصيادلة والأطباء، ووزارتي الصحة والداخلية، لكنها غير كافية، لأننا بحاجة الى مضاعفة الحملات الرقابية على الصيدليات والمذاخر، لأن واحدا من أبرز دوافع تعاطي هذه الادوية هو سهولة الحصول عليها».

معطيات وإحصاءات

وطبقا لتقارير رسمية وغير رسمية فإن عدد المدمنين على المخدرات في العراق يتراوح بين 500,000 إلى 700,000 شخص، مع تزايد مستمر في أعداد الشباب والمراهقين المتعاطين.

وتوثق تلك التقارير أنواع المخدرات المنتشرة، التي تشمل «المواد المخدرة الشائعة في العراق الحشيش، الأفيون، والميثامفيتامين، بالإضافة إلى أدوية طبية مثل الترامادول والكبتاغون، ويُعد الحشيش والأفيون من أكثر المواد انتشارًا».

وتشير الى ان «الوفيات المرتبطة بالمخدرات، تزايدت في السنوات الأخيرة، وتشير بعض التقديرات إلى مئات الوفيات سنويًا بسبب الجرعات الزائدة ومضاعفات الإدمان».

ويرتبط انتشار المخدرات بزيادة في معدلات الجريمة، لا سيما ان هناك عصابات منظمة تتورط في تهريب وتوزيع المخدرات. وتسجل الأجهزة الأمنية ارتفاعًا في عدد القضايا المتعلقة بالمخدرات، مع ضبط كميات كبيرة من المخدرات بانتظام.

نسبة غير قليلة 

من جهته، قال د. فاضل المندلاوي طبيب باطنية وقلبية ان «ادمان الادوية بشقيها المخدرة والمهدئة، هو احد اشكال ادمان المواد المخدرة شيوعاً، وهو البديل عن  المخدرات المعروفة وانواعها»، عازيا اسباب تناميها الى «عدم التزام بعض الصيادلة بضوابط صرف مثل هذه الادوية».

وأضاف ان «التساهل وعدم الالتزام بالضوابط، هو الذي يشجع المدمنين على ان يلتجئون الى هذه الأدوية لإرواء عطشهم وإدمانهم»، داعياً نقابة الصيادلة ووزارة الصحة الى تشديد المراقبة على الصيدليات والمذاخر».

وتابع حديثه لـ»طريق الشعب»، ان «قانون نقابة الصيادلة يلزمها بمتابعة كيفية صرف الادوية بصورة عامة، والالتزام بصرف الادوية المخدرة، وهذا يندرج ضمن واجبات نقابة الصيادلة وضمن واجبات دائرة التفتيش في وزارة الصحة».

ودعا المندلاوي الى «زيادة جهد التفتيش والمتابعة من قبل وزارة الصحة»، معللا سبب اللجوء الى هذا النوع من الادمان لكون هذه الادوية متوفرة وبمتناول اليد، ويجري تعاطيها بدون خوف من القانون.

واختتم حديثه بالقول: ان هناك مراكز علاجية في بغداد والمحافظات لمعالجة كافة انواع الادمان، ومن ضمنها ادمان الادوية المخدرة، مبيناً أن «اي حالة مرضية ترغب في العلاج الطوعي تعفى من الملاحقة القانونية».

عرض مقالات: