اخر الاخبار

لمناسبة اليوم العالمي للأرامل (23 حزيران)، تزايدت الدعوات للنهوض بواقع هذه الشريحة، من خلال الاهتمام بتعليمهن، وتوفير فرص العمل لهن، وتعديل القوانين التي تضمن الحماية الاجتماعية والاقتصادية التي تؤهلهن للاندماج المجتمعي.

وتعاني أعداد كبيرة من الأرامل ظروفا قاسية، نتيجة العوز والتهميش والقهر الاجتماعي بعد فقدان المعيل. فيما يعجز بعضهن عن الحصول على راتب الرعاية الاجتماعية بسبب الروتين والإجراءات المعقدة المتبعة لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.

أعباء اقتصادية

وتقول فيان الشيخ علي رئيسة منظمة تموز: أن بعض الجهات اصدرت احصائيات تفيد بوجود أكثر من 3 ملايين أرملة في عموم المحافظات، وهذا يعني ان هناك 3 ملايين عائلة أو أكثر تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية.

وتضيف الشيخ علي في حديث مع «طريق الشعب»، أنه على الرغم من توفر بعض الحلول البسيطة لدعم شريحة النساء الأرامل إلا أنها لا تشمل الجميع، فضلا عن الروتين والتعقيدات الإدارية التي توضع أمام ترويج معاملات الاستفادة من رواتب الرعاية الاجتماعية.

وتوضح رئيسة المنظمة، أن «وزارة العمل وبغية شمول النساء المستحقات بالرعاية الاجتماعية تفرض عليهن دفع رسوم مالية يعجزن عن توفيرها، وأن بعضهن لا يملكن حتى الوثائق (المستمسكات) الرسمية».

وتطالب الناشطة المدنية بـ»تسهيل الإجراءات أمام النساء الفاقدات لمعيلهن».

ووفقا للشيخ علي، فإن «واقع الأرامل صعب جدا، نتيجة لضعف مشاركة المرأة في الحياة العملية»، مشددة على ان «اغلب النساء غير العاملات يعتمدن على الزوج، ما يزيد من الأعباء الاقتصادية في حال وفاته».

تهميش مستمر

وفي السياق، تتحدث سكرتيرة رابطة المرأة العراقية/ فرع بغداد عفيفة ثابت، عن نتائج الحروب والأزمات والملايين من ضحاياها الذين تركوا زوجاتهم وأطفالهم دون معيل.

تقول ثابت لـ»طريق الشعب»، أن «اعداد المتضررين بسبب الحروب والنزاعات هائلة. كما أن استمرار التهميش الحكومي للنساء يسهم في ايجاد نسوة عاجزات عن دعم عوائلهن بعد فقدان المعيل».

وتؤكد أهمية «إعادة افتتاح المعامل لاستيعاب نساء هذه الشريحة كعاملات، بغض النظر عن تحصيلهن الدراسي».

وعن هذه الشريحة الواسعة تبين سكرتيرة فرع بغداد في رابطة المرأة العراقية، أن «الأرملة تواجه بفقدان زوجها واقعا مريرا، حيث تصبح فيه الأم والأب والمعيل للأسرة في آن واحد. وأن أغلب هؤلاء النسوة لا يملكن وظيفة أو مصدر رزق. لقد طالبنا كمنظمة ومن خلال اللقاءات بمسؤولي وزارة العمل وغيرهم بتوفير فرص عمل لنساء هذه الشريحة وإعادة النظر برواتب الإعانة، كونها لا تغطي احتياجات الناس».

وتشير ثابت إلى أن «اغلب الأرامل من فئة الشابات القادرات على العمل والإنتاج، الا انهن يفتقرن الى وجود مؤسسات تحتويهن».

قهر اجتماعي

وتؤشر المديرة التنفيذية لشبكة النساء العراقيات أمل كباشي، غيابا للإحصائيات الرسمية الدقيقة عن اعداد الأرامل برغم وجود مؤسسات حكومية معنية بواقع نساء هذه الشريحة.

تقول كباشي لـ»طريق الشعب»، إنّ الأرامل يتعرضن إلى عقبات اقتصادية وصعوبة في تدبر أمور العيش، حيث يواجهن صعوبات اجتماعية، لأن غالبية المجتمع يعد المرأة كائنا بحاجة إلى وصاية، ولا يمكن أن تعيش من دون رجل، الأمر الذي يجبر بعضهن على الزواج من اخ الزوج المتوفى، بعد الخضوع لضغوطات التهديد بأخذ الاطفال منهن، أو ما يتعلق بقضية الميراث».

وترى كباشي أن ما يزيد معاناة الكثير من النسوة والأرامل على وجه الخصوص، هو «الأمية والجهل في التعاطي مع التكنولوجيا، فهذا يضاعف من معاناتهن بعد فقدان المعيل، ويجعلهن عاجزات عن الدخول إلى سوق العمل»، معتبرة المشاريع الصغيرة التي تطلقها الحكومة «غير مجدية ولا يعول عليها في تحسين واقع النساء الارامل».

وتشير المتحدثة إلى تقديم «الكثير من مقترحات العمل للجانب الحكومي، والتي تتمحور حول تحسين واقع حال الأرامل، ولا بد من التعاون بين الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني».

أرقام متضاربة

ولا تملك وزارة التخطيط إحصاءات دقيقة حول عدد الأرامل، إذ يقول المتحدث باسمها عبد الزهرة الهنداوي: إنّ «الأرقام التي نمتلكها قديمة، وهي لا تتطابق مع الواقع الحالي»، فيما يتوقع أن «عدد الأرامل يتخطى حاجز المليون أرملة خصوصا بعد جائحة كورونا».

تجارب نسائية قاسية

وتواجه حذام عبد الله (40 عاما) مع أطفالها الأربعة ظروفا حياتية قاسية بعد وفاة زوجها، اثر حادث سير، قبل عامين.

تقول حذام لـ»طريق الشعب»، أن «الفترة التي أعقبت وفاة زوجي كانت صعبة جدا حيث أضطر أهل الفقيد للتخلي عني وعن أطفالي بسبب العوز، الأمر الذي دعاني للعودة إلى بيت أهلي الذين تحملوا رعايتنا وإعالتنا من دخلهم المالي الشحيح القائم أساسا على ما يناله والدي من عمله كسائق أجرة».

مشاكل كثيرة

وبخصوص أحقية شمولها في منحة الرعاية الاجتماعية، تفيد عبد الله بأن «إجراءات المعاملة الخاصة بالرعاية معقدة جدا وتحتاج إلى دفع رشى ووساطات لتسهيل هذه العقبات»، لافتة إلى أن «الرواتب الممنوحة من قبل شبكة الرعاية الاجتماعية، هي مبالغ زهيدة ولا تسد الاحتياجات الأساسية للمعيشة».

وتكشف المتحدثة لـ»طريق الشعب» عن اضطرارها إلى «العمل في إحدى المدارس الأهلية كعاملة تنظيف مقابل الحصول على 250 ألف دينار شهريا»، وذلك لحاجتها الماسة الى راتب شهري من أجل تعليم أولادها.

وتسعى بعض الأرامل إلى تحسين أوضاعهن عبر الانخراط في سوق العمل. فالمواطنة ايمان محمد استطاعت كأرملة أن تشق طريقها بعد وفاة زوجها، وهي أم لـ3 أطفال.

وبحسب ما تكشفه محمد لـ»طريق الشعب»، فإنها غير قادرة على العمل خارج المنزل بسبب العادات الاجتماعية الخاصة بعائلتها، لذلك قررت استثمار تحصيلها الجامعي (بكالوريوس آداب في اللغة العربية) وتدريس أبناء منطقتها الشعبية ورعاية أطفال النساء الموظفات مقابل مبالغ مالية بسيطة.

عرض مقالات: