اخر الاخبار

لا تزال مفوضية حقوق الإنسان تعاني من قرار البرلمان السابق بحل مجلس المفوضين، الذي أثّر سلباً على مكانة العراق الدولية في مجال حقوق الإنسان.

وكانت لجنة نيابية شكّلها مجلس النواب المنحل في آب 2021، اتخذت قراراً بحل مجلس المفوضين، بعد انتهاء المدة القانونية للمجلس.

غياب الإرادة السياسية

يقول المستشار الإعلامي لمرصد حقوق الإنسان في العراق وسام الملا: إن «حقوق الإنسان في العراق يطالها الكثير من الانتهاكات»،

ويضيف الملا في حديث مع «طريق الشعب»، أن «أداء المفوضية في السابق كان جيداً؛ حيث عمل أعضاؤها على توثيق ورصد الانتهاكات التي تعرض لها متظاهرو تشرين، ما أدى إلى رفع مستوى عمل المفوضية على الصعيد الدولي، الى التصنيف (A)».

ويؤكد أنّه «بعد إنهاء فترة عمل المفوضية من قبل السلطات ومجلس النواب، قبل أكثر من ثلاث سنوات، لم يتم اختيار بديل لأعضاء المفوضية. هذا الأمر خلق فراغا قانونيا؛ حيث يبدو أن هناك من لا يريد للمفوضية أن تعمل وأن تكون مرتبطة دولياً وترفع تقاريرها السنوية، الأمر الذي أدى إلى تراجع تصنيف العراق دولياً إلى B».

وفيما يشير الملا الى أن هناك مساعي حكومية وبرلمانية لاختيار أعضاء جدد للمفوضية، يردف كلامه بأنها «محاولة لإطفاء دور المفوضية وعملها عبر إخضاعها للمحاصصة الحزبية».

ويجد أنه «من الصعب إعادة تفعيل مفوضية حقوق الإنسان مرة أخرى بسبب الإرادة السياسية التي تعرقل هذا الأمر»، وعبر الملا عن اسفه لتراجع حالة حقوق الإنسان في العراق دون أي تقدم.

 مراقبة الحكومات

يقول العضو السابق في مفوضية حقوق الإنسان علي البياتي: أن «المفوضية تختلف في عملها عن بقية مؤسسات الدولة»، مشيرا الى ان هناك «مبادئ دولية تلزم الدول بتأسيس مؤسسات تعنى بحقوق الإنسان».

ويضيف البياتي في حديث مع «طريق الشعب»، أن «تصنيف المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان إلى تصنيفات C وB وA يهدف إلى مراقبة عمل هذه المؤسسات ودعمها؛ إذ كلما تقدم التصنيف كانت المفوضية أكثر دعماً وموثوقية واحتراما على المستوى الدولي»، مبينا أن «المفوضية تأسست في عام 2012، لكنها لم تكن قادرة على أداء مهامها بسبب عدم توفر المكاتب والموظفين وحتى الميزانيات. لذا كان تأسيسها شكليا فقط».

ويشير الى انه «في عام 2017، وخاصة بعد تشكيل مجلس المفوضين الثاني، وتخصيص ميزانية مالية ووجود مكاتب وفريق عمل في كل المحافظات، ساهمت المفوضية بفاعلية في أداء دورها في مراقبة وضع حقوق الإنسان بالعراق».

ويؤكد أن «السر الحقيقي في عمل مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية هو مراقبة الحكومات والمساهمة في مساءلتها عن انتهاكات حقوق الإنسان»، مؤكداً أن «المفوضية سعت بكل جهدها لأداء هذا الدور برغم تعقيدات الواقع العراقي، وكانت موجودة على كافة المستويات: الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية».

وينبه إلى أن «الدور الأكبر الذي لعبته المفوضية كان خلال فترة تظاهرات تشرين، حيث يعتبر حق التظاهر وحرية التعبير من الحقوق المدنية والسياسية التي يجب احترامها وحمايتها»، موضحا أن «المفوضية قامت بمراقبة أداء الحكومة تجاه التظاهرات، وتوثيق الانتهاكات والتعامل معها بشفافية من خلال تقارير رسمية وكشفها للإعلام، والتواصل مع الجهات الدولية بهدف القيام بواجبها والمساهمة في كبح جماح الانتهاكات ضد المواطن العراقي الذي يسعى لممارسة حريته وحقوقه».

تقييد عملها

ويعتقد، أنّ فترة التظاهرات كانت حاسمة، حيث دفعت العديد من القوى السياسية إلى التفكير جدياً في تقييد عمل المفوضية ومعاقبة العاملين فيها. بعد هذه الفترة، شهدت المفوضية تجميداً سياسياً غير دستوري وغير قانوني في حزيران 2021، وفقا لكتاب من نائب رئيس البرلمان آنذاك حسن الكعبي، من دون تصويت برلماني أو أمر نيابي أو تعيين مجلس مفوضين جديد.

ويتابع، أنّ حكومة الكاظمي قامت على أثر ذلك بتشكيل لجنة داخلية من مدراء الأقسام لإدارة عمل المفوضية، وهو إجراء غير دستوري وغير قانوني، حيث تجاوز مجلس المفوضين، وأعطى صلاحيات للموظفين ذوي المراتب الأدنى. ثم تمت إحالة إدارة المفوضية إلى رئيس جهاز الرقابة المالية بقرار من مجلس الوزراء في فترة حكومة السوداني، وهو إجراء غير دستوري أيضاً. ثم تمت إحالة إدارة المفوضية إلى وزير العدل، ما يدل على وجود رغبة واضحة في شل دور المفوضية، وتحويلها إلى جهة حكومية لا تختلف عن وزارة حقوق الإنسان السابقة، وهو انتهاك دستوري ودولي.

ويخلص البياتي قائلاً: إنّ «أحد أسباب فقدان التصنيف (A) بسبب ترشيح أشخاص غير معروفين في المجتمع المدني لتمثيلهم في لجنة الخبراء الوطنية المعنية بتشكيل مجلس المفوضين، مع السيطرة على تلك اللجنة من قبل أحزاب سياسية متورطة بانتهاكات حقوق الإنسان».