اخر الاخبار

اخرجت منظمة (فاتف) العراق من لائحة الدول عالية المخاطر ( اللائحة الرمادية) بعد أن قدم الوفد العراقي تقريراً فنياً وموضوعياً  وصف بأنه عالي المستوى نال قبول الدول المصوتة، ورغم  ان العراق خارج هذه القائمة، ورغم الاجراءات المتخذة في هذا الصدد الا ان اصحاب الاختصاص اكدوا اننا لا نزال بعيدين جداً عن تحقيق المأمول، واننا بحاجة الى وقت وجملة من الاجراءات في هذا الصدد

و(FATF) هي اختصار لمجموعة العمل المالي (Financial Action Task Force)، التي تأسست في عام 1989 بمبادرة من مجموعة الدول السبع (G7) بهدف مكافحة غسل الأموال. وفي ما بعد، توسعت مهامها لتشمل مكافحة تمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل.

تقوم هذه المنظمة بوضع المعايير والإجراءات الدولية لتعزيز الأنظمة المالية لمكافحة هذه الجرائم، وتعمل أيضًا على تقييم مدى التزام الدول الأعضاء وغير الأعضاء بمعاييرها، وتصدر تقارير دورية حول التقدم المحرز والتحديات القائمة.

ماذا عن باقي القطاعات؟

الخبير التقني والمتخصص في مجال الحوكمة، علي انور قال: ان العراق بشكل عام متأخر ومتخلف في ما يخص الحوكمة.

وأضاف أنور في حديث مع «طريق الشعب»، انه برغم وجود مبادرات هنا وهناك الا اننا لا نزال متراجعين كثيراً في مجال الحوكمة، مشيرا الى ان مكتب مكافحة غسل الاموال الذي يرتبط بعدة جهات اهمها البنك المركزي العراقي، اتخذ اجراءات تعتبر جيدة، وفرض عددا من الاجراءات والسياسات على المصارف وشركات الدفع، اضافة الى شركات الصرافة.

وتابع، ان «مجلس القضاء الاعلى دخل على الخط وجهات اخرى، وبالتالي بدأ هذا الملف ينال اهتماما رسميا، بعد ان أخذت تداعيات هذا الملف تنعكس على حياة المواطنين وما يتصل بها، لا سيما قطاع العقار، الذي وصل لاسعار جنونية بسبب الأموال المغسولة.

وزاد بالقول: ان هذه الخطط والتدابير التي قام بها البنك المركزي ومجلس القضاء الاعلى، أسهمت في تقدم العراق وخروجه من منطقة الى اخرى افضل، لتحسين مستوى تصنيفه المالي.

ونبه انور الى ان «الحكومة اليوم ذهبت باتجاه فرض الدفع الالكتروني في الكثير من القطاعات لتتبع الاموال المشبوهة ومكافحة غسل الاموال»، مشيرا الى ان «الكثير من المشاريع لا يعرف مصدر تمويلها. هناك بذخ بالأموال من اجل غسلها ومن اجل ان تضييع مصدرها الحقيقي».

تساؤلات مهمة !

ونوه الخبير التقني بأهمية الحوكمة والتحول الرقمي، لان هذا يعزز من الشفافية ويسهم في ايجاد وتحقيق العدالة الاجتماعية، ويقلل من فرص الفساد وهدر المال العام، مؤكدا ان «ديوان الرقابة المالية اصدر الكثير من التوصيات والتقارير التي بينت ضعف وزارات المالية والصناعة والتجارة وغيرها في اعتماد نظام الاتمتة والحوكمة».

ويأمل أنور ان تعتمد الحكومة معايير دولية حقيقية تسهم في مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب، مردفا «نحن ماضون في هذا الاتجاه لكننا بحاجة الى خطوات اكثر فاعلية، تشمل تعميم التجربة على باقي القطاعات، لا ان تقتصر فقط على المؤسسات المالية، اضافة الى هذا اعتماد النظم الحديثة التي تساهم بملاحقة ومتابعة الاموال وحركتها».

تأثير سياسي

يقول عضو اللجنة المالية النيابية مصطفى الكرعاوي، إن هناك احترافية عالية في طرق غسل الأموال، حيث تتواصل هذه الجريمة في العراق منذ أكثر من عقدين، الامر الذي يحتم إيجاد رقابة حقيقية وأتمتة وطرق حديثة في متابعة حركة الاموال، ووضع معايير مشددة على التعاملات المالية والتجارية.

ويضيف الكرعاوي، في تصريح لـ»طريق الشعب»، ان الحكومة مطالبة بالبحث عن طرق واساليب سريعة ومجدية في موضوع الرقابة، تتعاطى بصورة صحيحة مع موضوع التعاملات التجارية والمالية. ويفترض ان تكون هناك مقترحات قوانين من الحكومة، يدعمها مجلس النواب بتشريعات معينة للحد من هذه الطرق، التي تتبعها الكثير من الجهات في جرائم غسل الاموال.

ويشير الى ان أصحاب الأموال المغسولة أخذوا يستغلون المشاهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي كأدوات في هذه العملية.

ويشير النائب الى وجود تعاون بين الحكومة ومجلس النواب وهيئة النزاهة في ملاحقة الأصول المالية المهربة من العراق، مشيرا الى ان مجلس النواب ولجنته المالية جاهزون لتشريع اي قانون يخدم الحكومة في مسألة محاربة وملاحقة الاموال واصحاب الثروات خارج العراق.

ورهن الكرعاوي تحقيق تقدم في ملف غسل الاموال بتوفر «ارادة سياسية وحكومية في تطبيق القانون وملاحقة الفاسدين وضبط الحدود والبحث عن المروجين وتجار المخدرات والسلاح، بعد تطوير انظمة المتابعة والرقابة، وتوفير المستلزمات لملاحقتهم».

ارتفاع كبير في العمليات

الى ذلك، قال المراقب للشأن الاقتصادي احمد عبد ربه: انه في زمن الحكومة السابقة حصلت عمليات غسل كبيرة، انعكست بشكل سلبي على الوضع الاقتصادي في العراق.

واضاف في حديث مع «طريق الشعب»، ان تداعيات غسل الاموال انعكست بصورة مباشرة على أسعار العقارات، مؤكدا ان تمكن العراق من تقويض تلك الجرائم المالية يمكن ان ينعكس على الوضع الاقتصادي، والقطاعات الانتاجية في البلاد.

وواصل حديثه بان «مهمة الحكومة الاولى في الوقت الراهن هي خلق قطاعات انتاجية يمكن ان تحقق إيرادا جديدا للبلاد، فعائدات النفط لم تعد تكفي لسد متطلبات الانفاق العام والاستثماري، في ظل اعتماد الخزينة العامة للدولة على الخام بنسبة تزيد على 96 في المائة.

وأشار عبد ربه الى ان «العراق خضع كثيراً لتقييمات كبيرة في عمليات غسل الاموال. واتخذ في هذا الصدد العديد من الاجراءات، كان اولها تطبيق قانون مكافحة غسيل الاموال رقم 39 لسنة 2015، وانشاء مكتب مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب».

وخلص الى القول ان السيطرة على الفساد تتطلب تفعيل قانون (من أين لك هذا؟)، لكنه يستعبد وجود إرادة سياسية لتطبيق القانون، الذي يمكن أن يدين الكثير من القوى الفاعلة والمتنفذة.

عرض مقالات: