اخر الاخبار

مع ارتفاع الحرارة إلى قرابة نصف درجة الغليان، تتفاقم معاناة العراقيين مع الكهرباء التي تكرر مأساة الناس في كل موسم صيف، بينما تطلق الحكومة الكثير من الوعود بتحسين وزيادة ساعات التجهيز، لكنها تتبخر سريعا مع وصول درجة الحرارة الى نصف الغليان.

وبلغ إنتاج الوزارة خلال العام الماضي 24 ألف ميغاواط، بينما يبلغ حاليا 25 ألف ميغاواط، إلا أن التجهيز أسوأ بكثير من العام الماضي.

وتقر وزارة الكهرباء، على لسان متحدثها الرسمي، بأنّها «غير قادرة على معالجة الأزمة بشكل جذري»، لأن ذلك مرهون بتوفر محطات تحويل وشبكات توزيع جديدة في ظل الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية.

الحكومة تتحمل المسؤولية

وحمّل عضو لجنة الكهرباء والطاقة البرلمانية النائب وليد السهلاني، حكومة السوداني مسؤولية استمرار مشكلة الكهرباء في البلاد، مشيرا الى ان الوزارة تحتاج الى تخصيصات مالية، والى وقت لمعالجة هذه الأزمة المتراكمة.

وقال السهلاني في تصريح لـ»طريق الشعب»، ان النمو السكاني الكبير، والبطء في اتخاذ القرارات الخاصة بزيادة الانتاج الكهربائي، يشكلان سببين مهمين في تردي الكهرباء.

واضاف النائب، ان الاحصائيات الاخيرة تشير الى حاجة العراق لاكثر من 48 الف ميغا واط، وبالتالي نحن بحاجة لايجاد استراتيجية متوازنة وشاملة على مستوى الدولة، لتدارك أزمة الكهرباء.

وتابع السهلاني قائلا: ان لجنته كانت قد استضافت واجتمعت مرات عدة مع وزير الكهرباء والكادر المتقدم في الوزارة، وجرى استعراض خطة الوزارة لموسم الصيف الحالي، الا ان جميع تلك الحلول والخطط لم يلمس المواطن منها شيئا إيجابيا على أرض الواقع.

وطبقا للسهلاني فإن مشكلة الكهرباء لا يمكن حلها الا من خلال تكاتف كل الجهود على مستوى الحكومة.

الطاقة النيابية تحذر

زميلة السهلاني في اللجنة البرلمانية ذاتها، النائبة سهيلة السلطاني، حذرت من تفاقم الأزمة خلال الشهرين المقبلين، مؤكدة ان الوزارة لم تفِ بوعودها في تحسين ساعات التجهيز، وان تصريحات مسؤوليها لم تكن دقيقة.

وقالت السلطاني، إنّ لجنتها حددت الأسباب الحقيقية وراء الفشل في تحقيق ساعات التجهيز من خلال عمليات الإنتاج والنقل والتوزيع، مشيرة الى «قضية عدم توفير المغذيات الكافية التي تتحمّل الضغط الكبير على الطاقة الكهربائية».

لا مشكلة في التخصيصات

وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور نبيل المرسومي، ارتفاع حجم التخصيصات المالية لوزارة الكهرباء في موازنة 2024 بمقدار 3.277 ترليون دينار، وبمعدل نمو سنوي 21%، بالمقارنة مع موازنة 2023.

وقال المرسومي في تدوينة على حاسبه في منصة ميتا: ان تخصيصات الكهرباء قفزت من 15.5 ترليون دينار في موازنة 2023 الى 18.777 ترليون دينار في 2024 بمعدل نموي سنوي 21%.

واضاف، ان الكهرباء حازت ثاني اكبر موازنة بعد النفط، مشيرا الى أنها تتوزع بين النفقات الاستثمارية 7.811 تريليون دينار والنفقات التشغيلية 10.965 تريليون دينار.

ونبه المرسومي الى ان «التخصيصات الاستثمارية للوزارة في موازنة 2023 بلغت 3.890 تريليون دينار، ولم يصرف منها سوى 571 مليار دينار فقط، وبنسبة تنفيذ 15%، وهذا يعني ان مشكلة الكهرباء ليست في توفر الأموال، وإنما في الإدارة.

أربعة عوامل مؤثرة

من جانبه، حدّد الخبير في مجال الطاقة دريد عبدالله، أربعة عوامل تتعلق بمشكلة الكهرباء، وهي الفساد، نقص التمويل، تقادم الشبكات الكهربائية، وغياب الاستراتيجيات والتخطيط من قبل الوزارة.

وقال عبدالله، إنّ حل هذه المشكلة يستلزم تغييرا جذريا وحقيقيا في هيكلية وزارة الكهرباء، وفي الخطط الاستراتيجيات.

وأضاف عبدالله، أنه «خلال السنتين او الثلاثة الأخيرة لم تكن لدى الوزارة او الحكومة أية مشاريع حقيقية تخص قطاع الكهرباء، مضيفا أن «عملية التطوير تبدأ من قطاع الإنتاج ثم النقل فالتوزيع، وكذلك الجباية».

ملف سياسي 

المحلل السياسي هاشم الجبوري، عد قطاع الكهرباء بأنه ملف سياسي واقتصادي، تتحكم بمصيره القوى المتنفذة.

وقال الجبوري لـ»طريق الشعب»، انه «بالنسبة للأبعاد السياسية هناك ولاءات كثيرة واعتبارات عند القوى المتنفذة، هي ما تحدد طبيعة وشكل التعاقدات مع الشركات العالمية والدول، إذ أن هذا القطاع يشكل رافدا مهما تعتاش عليه تلك القوى والاحزاب المتنفذة».

وعلق المحلل السياسي على استضافة واستجوابات البرلمان للمسؤولين التنفيذيين بأنها تستهدف في غالبها «الابتزاز والمساومات والمشاركة في ملفات الفساد».

الكهرباء: لا يمكن حل المشكلة

وأقرّ المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى، بأن مشكلة الكهرباء تعاني منها جميع المحافظات، وان الوزارة حاولت إيجاد حلول لتلك المشكلة، إلا أنها لم تكن كافية، معللاً ذلك بأن «البنية التحتية وشبكات النقل والتوزيع في عموم البلاد قديمة، الأمر الذي يسبب خللا واضحا في ساعات التجهيز».

وقال موسى، إنّ وزارته غير قادرة على معالجة الأزمة بشكل جذري «لأن ذلك يحتاج إلى وقت طويل، خاصة أن العجز يصل إلى أكثر من 14 ألف ميغاواط، فضلاً عن الحاجة إلى محطات تحويل وشبكات توزيع جديدة، في ظل الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية.

وأشار موسى الى مشكلة التجاوزات على المنظومة الوطنية، التي تزيد الضغط على شبكات النقل والتوزيع المتهالكة في الأصل.