اخر الاخبار

لا تقتصر معاناة مرضى الأمراض السرطانية على إصاباتهم فحسب، بل تمتد لتشمل تكاليف العلاجات الباهظة وندرة أجهزة الفحص في القطاع الصحي الحكومي، مما يؤدي إلى وفاة العديد من ذوي الدخل المحدود.

الخوف لا يفارق نور صادق منذ وفاة والدتها بسرطان الثدي قبل عام، حيث يحاصرها كابوس أن تواجه ذات المصير، خصوصًا مع ارتفاع معدلات التلوث في البلاد.

قصص مأساوية

تقول نور لـ “طريق الشعب” إن والدتها، بعد إصابتها بسرطان الثدي، خضعت لعملية استئصال الثدي، بالإضافة إلى جرعات كيميائية كانت تتلقاها شهريًا، لكن معاناتها انتهت بالوفاة في مستشفى مدينة الطب.

وتضيف أن “تكاليف علاج والدتها ‘تجاوزت الـ 25 مليون دينار خلال عام واحد، حيث يُطلب من المريض الحصول على علاجات وفحوصات من المراكز الصحية الخاصة، نظرًا لعدم توافرها في المستشفيات الحكومية، وقد تصل أسعارها إلى أكثر من مليون دينار”.

وأكدت أن معاناة مرضى السرطان تنبع أيضًا من تكاليف العلاج المرتفعة جدًا وعدم توافره في كثير من الأحيان، مما يؤدي إلى تدهور حالتهم الصحية.

وتذكر نور أن “الأجهزة الطبية الخاصة بفحوصات مرضى الأمراض السرطانية محدودة، ويتوجب على المريض الانتظار لأيام، وقد تصل إلى عدة أشهر، حتى يحين دوره لإجراء الفحص الطبي المطلوب”.

وتنبه إلى أن “المعاناة لا تقف عند هذا الحد، فتعطل الأجهزة في المستشفيات الحكومية يزيد من معاناة المرضى بشكل عام، وليس مرضى الأمراض السرطانية فقط، مما يجبر الكثيرين على اللجوء إلى القطاع الخاص الذي يفرض أسعارًا مرتفعة بسبب ضعف الرقابة الحكومية على هذا القطاع”.

جلسات الاشعاع

المواطنة إلهام الكرخي، البالغة من العمر 55 عامًا، هي واحدة من المئات من النساء المصابات بسرطان الرحم. تذكر أن تشخيص إصابتها تأكد قبل خمسة أشهر، وهي الآن تتلقى العلاج عبر تناول الحبوب الكيميائية، على الرغم من خضوعها لعملية استئصال الرحم، وتخضع أيضًا لجلسات العلاج الإشعاعي بسبب انتشار المرض.

وتقول الكرخي لـ “طريق الشعب” إن “نتائج الفحوصات الأخيرة بعد آخر جرعة كيميائية كانت إيجابية، إلا أن جلسات الإشعاع التي خضعت لها في أحد المراكز الصحية الأهلية كانت باهظة الثمن”.

وتضيف: “هناك أجهزة فحص يحتاجها مرضى الأمراض السرطانية، تتوفر في مراكز القطاع الخاص فقط ومقابل مبالغ كبيرة جدًا، مثل جهاز الكشف عن الأمراض السرطانية (PET-CT) الذي تتجاوز تكلفته 900 دولار”.

وتتساءل: “إن تأمين الأدوية يشكل عبئًا ماليًا كبيرًا عليّ، ويستهلك الكثير من تفكيري، على الرغم من كوني أستاذة جامعية متقاعدة، فكيف هو الحال بالنسبة للمواطنين ذوي الدخل المحدود؟”

وتفيد أنه على الرغم من توفير مستشفى مدينة الطب لبعض العلاجات بأسعار رمزية، إلا أن مرضى الأمراض السرطانية بحاجة إلى المزيد من الدعم، موضحة: ‘أضطر لشراء أدوية أخرى للتعامل مع الأعراض الجانبية من القطاع الخاص، فضلًا عن تكاليف الفحص الدوري وزرع العينات التي تتجاوز المليون دينار في كل مرة’.

وتتساءل مرة أخرى: “لو أن عائلتي تعجز عن تأمين هذا المبلغ، فماذا أفعل؟” وتكمل تساؤلاتها قائلة: إن “تكاليف العملية الجراحية تتراوح بين 10 إلى 15 مليون دينار، فكيف يمكن توفيرها من قبل العائلات محدودة الدخل؟”

وترى الكرخي أن “هناك الكثير من العائلات التي تعجز عن علاج مرضاها المصابين بأمراض خبيثة، بسبب التكاليف المالية الكبيرة، فضلًا عن قلة العلاجات التي يعتمد عليها في شفاء المريض من مرضه”.

صعوبات في تأمين العلاج

تواجه غالبية مرضى السرطان صعوبة في تأمين العلاجات، نظرًا لارتفاع تكلفتها التي تفوق دخل الفرد الشهري، وعلاوة على ذلك، فإنها غير متوفرة في المراكز الحكومية.

يقول الدكتور إبراهيم علي، المختص في علاج الأورام السرطانية، لـ “طريق الشعب” إن “القطاع الصحي الحكومي يعاني من محدودية التخصيصات المالية المخصصة لمرضى السرطان”، محذرًا من “إهمال كبير في القطاع الحكومي فيما يخص توفير العلاجات، حيث تتوفر معظمها في القطاع الخاص، مما يؤدي إلى إرهاق الكثير من المرضى”.

بالنسبة لندرة أجهزة الفحص الطبية، يذكر أنها “تمثل واحدة من أكبر التحديات التي نواجهها”، مشيرًا إلى أن “عدد الأجهزة المتاحة في المراكز الحكومية محدود وغير كافٍ بالمقارنة مع عدد الحالات الجديدة التي تصل يوميًا إلى المستشفيات”.

ويؤكد الدكتور إبراهيم على أهمية الكشف المبكر في إنقاذ حياة المصابين، قائلًا: “يساعدنا الكشف المبكر على إجراء عمليات جراحية بسيطة وبتكاليف أقل، مقارنةً بتكاليف العلاج ومتطلباته ومستوى خطورته في المراحل المتقدمة من المرض”.

وينبه إلى “ضرورة ملحة لتحمل الحكومة كامل التكاليف المالية لعلاج مرضى السرطان، حتى في القطاع الخاص، خاصةً وأن الحالة النفسية للمريض تلعب دورًا كبيرًا في استجابته للعلاج، وأن الضغوط المالية على المريض قد تؤدي إلى نتائج سلبية”.