اخر الاخبار

يدفع الفقر العديد من النساء إلى الجلوس طيلة النهار على الأرصفة وتحت أشعة الشمس الحارقة، لبيع البضائع المعروضة أمامهن، رغم المردود المالي القليل والتعب الجسدي.

وتعتبر ناشطة نسوية، انتشار النساء البائعات على الأرصفة تعبيرًا عن الارتفاع الشديد لنسب الفقر، وعدم كفاية رواتب الرعاية الاجتماعية.

قصص يومية

وعلى الرغم من بلوغ المواطنة تهاني أم علي الرابعة والخمسين من العمر، إلا أنها تضطر إلى الجلوس يوميًا على رصيف الشارع التجاري مقابل مول زيونة، لتبيع أعمالًا يدوية الصنع، وأدوات تجميل، إضافة إلى السجائر.

أم علي التي ترغب في حياة هانئة وهي في متوسط العمر، لم تستطع تحقيق ذلك، بعدما فقدت زوجها وهو معيلها الوحيد مع بناتها في حادث سير.

جهدت أم علي في الحصول على مصدر رزق ثابت من الجهات المعنية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، لكن ذلك لم يسفر عن نتيجة إيجابية، وما زال طلبها الرسمي من دون جواب.

وتقول لـ “طريق الشعب” إن “الوارد المالي من عملي على الرصيف قليل بسبب الانتشار الكبير للدكاكين والبسطيات، كما أن السيطرات الأمنية هي الأخرى تلاحقنا وتعمل على تهديدنا برفع البسطيات التي هي مصدر رزق الكثير من العوائل دون توفير البديل”.

وتتحدث المواطنة أم علي عن واقع حالها وتذكر أن “فرص العمل قليلة على الرغم من محاولتي، وأن إيجاد بديل عمل غير البسطية بحاجة إلى إمكانيات مادية كبيرة أعجز عن توفيرها، فإيجارات المحال التجارية تتجاوز الدفعة الأولى 3 ملايين وأيضًا تلحقها متطلبات الكهرباء والضربة”.

استغلال بشع

ويستغل البعض من أصحاب المحال التجارية حاجة الكثير من النساء إلى العمل بفرش بسطياتهن أمام محالهم التجارية، عبر ابتزازهن بدفع مبالغ مالية شهرية أو منحهم نسبة من الأرباح اليومية مقابل الموافقة على فرش البسطية أمام محالهم.

وفي هذا السياق، تقول أم شيماء لـ “طريق الشعب”، وهي إحدى بائعات الخضار في السوق، إن لكل سيدة مكانًا معلومًا “ويجري الاتفاق عليه مع أصحاب المحال، الذين يسمحون لنا بافتراش الرصيف أمام محالهم، شريطة ألا تضايق بضائعنا الزبائن، ولذا نحاول تقليص المساحة التي نشغلها”.

وتضيف “بعض أصحاب المحال التجارية يطلبون أجرةً للموافقة على افتتاح بسطيات أمام متاجرهم، لكن هناك البعض منهم يتعاونون مع النساء البائعات بحكم الظروف المعيشية الصعبة التي تواجههن واضطرارهن إلى العمل على الرصيف”.

ومع ساعات الصباح الأولى، تنطلق المواطنة قبيلة حمادي إلى علوة الخضار الرئيسية للتبضع، وافتتاح بسطيتها، على أن يكون كل شيء جاهزًا قبل الساعة 6 صباحًا.

المواطنة قبيلة (60 عامًا) وهي المعيلة الوحيدة لأسرتها بعد وفاة زوجها تقول لـ “طريق الشعب” إن معظم النسوة البائعات تجاوزن الستين عامًا، وهن من الأرامل أو بلا مُعيل، ولا يحصلن على رواتب الرعاية الاجتماعية.

وتفيد، أعمل في هذه المهنة منذ أربعة أعوام، ولدينا زبائن ثابتون، نعاني في فصل الصيف من الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة، لكننا اعتدنا على الأمر”.

دخل محدود

وتطرقت السيدة إلى رواتب الرعاية الاجتماعية وتذكر أنها “شملت قبل عامين براتب الرعاية الاجتماعية، إلا أنه قليل ولا يسد شيئًا من متطلبات البيت”.

وتبيع المواطنة أم أركان، وقد جلس إلى جانبها ابنها في منطقة الزعفرانية، السكائر والعلكة وملابس الأطفال.

وتوضح أن “الدخل اليومي لا يتجاوز العشرة آلاف دينار من عملي على البسطية، وأنه على الرغم من الارهاق الشديد فإن الحاجة المادية تفرض المواصلة”.

بدورها، عدت الناشطة النسوية أبرار الساعدي أن “انتشار ظاهرة بائعات البسطيات، يُشير إلى ارتفاع نسب الفقر ومعاناة المرأة الاقتصادية”.

وتقول لـ “طريق الشعب”: “جميع الإجراءات الحكومية للنهوض بواقع العوائل الفقيرة، ترقيعية ودون المستوى المطلوب”، موضحة “فرواتب الرعاية الاجتماعية لا تسد شيئًا من متطلبات الأسرة مع الارتفاع الشديد في أسعار معظم المنتجات، حتى الغذائية منها”.

وتنبه الساعدي إلى أن “واقع المرأة بحاجة إلى نهضة قانونية كبيرة، تضع حدًا لجميع الانتهاكات والاستغلال التي تتعرض له”.

عرض مقالات: