اخر الاخبار

لا تزال آثار الدمار شاخصة في مختلف مناطق مدينة الموصل، رغم مرور 7 سنوات على انتهاء معركة استعادة المدينة من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي. وتبدو ملامح الحرب واضحة عبر انتشار عدد كبير من المباني الآيلة للسقوط، لا سيما في مركز المدينة الذي يعرف باسم المدينة القديمة.

ويتخوف السكان من انهيار مبانٍ متضررة أو مدمرة على أخرى سليمة مجاورة أو على طرقات يسلكها المارة، لا سيما أن بعض هذه المباني تسبب في حوادث خلال السنوات التي أعقبت الحرب، أدت إلى إصابات ووفيات.

4 آلاف مبنى متضرر

يقول المهندس في دائرة مشاريع نينوى أحمد العباسي، أن “هناك نحو 4 آلاف مبنى متضرر في المدينة القديمة، منازل وعمارات ومحال تجارية”.

ويوضح في حديث صحفي أن “المدينة القديم مقسّمة إلى 12 منطقة تضم نحو 12 ألف مبنى، تضرر أكثر من 30 في المائة منها بسبب تعرضها لقصف جوي أو مدفعي أو تفجير سيارات مفخخة، أو بسبب وقوعها في أماكن شهدت اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة خلال استعادة المدينة من إرهاب داعش”.

ويشير إلى أن “المباني الآيلة للسقوط تشكل خطرا على المدنيين، خاصة انها تطل على أزقة وشوارع وتجاور مباني سليمة”، منوّها إلى أن “بعض تلك المباني مهدد بالسقوط بسبب التقادم، خاصة تلك المشيّدة من الحجر والطين والجص”.

ويلفت العباسي إلى ان “السلطات المحلية لم تتخذ أي إجراءات لمعالجة مشكلة هذه المباني، بحجة وجود أولويات أكثر أهمية في ملف إعادة الإعمار”.

بين الحرب والتقادم والإهمال

من جانبها تقرّ مديرية بلدية الموصل بوجود مبانٍ كثيرة آيلة للسقوط في المنطقة القديمة، بعضها بسبب التعرض للقصف والتفجيرات، وآخر بسبب التقادم وانتهاء العمر الافتراضي.

ويقول مسؤول الإعلام في البلدية علاء الحيدر، أن “هناك عقارات متروكة ومهملة. ومع التقادم في العمر تصبح هذه المباني متهالكة ومعرضة للانهيار. وأي بناء له سقف زمني يرتبط بصلاحية مواد التشييد. لذا لا يمكن تصنيف المباني المتهالكة كلها بأنها آيلة للسقوط بسبب العمليات الحربية”.

ويضيف في حديث صحفي قائلا: “جرى تشكيل لجنة لمعالجة أوضاع المباني الآيلة للسقوط وفق المادة 59 من نظام الطرقات والمباني رقم 44 لسنة 1935، والذي أُخضع لتعديلات. وتحدد اللجنة الأجزاء الآيلة للسقوط، ثم تحوّل الملف إلى لجنة إعداد الكشف، وبعدها يُحول إلى شعبة المشاريع التابعة للبلدية من أجل تنفيذ أعمال الإزالة على نفقة بلدية الموصل”، مبينا أن “العقار الآيل للسقوط يُحجز في دائرة التسجيل العقاري حتى تسديد أجور الإزالة”.

ويشير الحيدر إلى أن “عمل اللجان المتخصصة واجه مشكلات على صعيد تأخير تزويدها بلائحة العقارات الآيلة للسقوط، وفقدان ملفات في دائرة التسجيل العقاري، ما منع إبلاغ أصحابها، وأخرّ إجراءات الإزالة”.

مخاطر تهدد حياة السكان

العميد في الدفاع المدني وعضو لجنة متابعة المباني الآيلة للسقوط في نينوى عماد نوري، يحذر من بقاء هذه المباني على حالها، كونها تهدد حياة السكان. ويقول في حديث صحفي ان “مباني المدينة القديمة معرضة للسقوط بفعل قدمها من جهة، ومن جهة أخرى بسبب العمليات الحربية”، مبينا أن “ملف معالجة تلك المباني لم يُحسم حتى الآن بسبب عدم قيام الكثيرين من أصحابها بتسجيلها لدى اللجان الخاصة. والسبب قد يعود إلى وجود ورثة في الأملاك، وهجرة أصحاب أملاك من المكون المسيحي”.

ويتابع نوري قائلا: “قامت اللجنة الخاصة بمتابعة الملف خلال الفترة الماضية، بتسجيل بعض المباني المدمرة، ثم نفذت بلدية الموصل عمليات لإزالتها بالتعاون مع أحد المستثمرين. وترافق ذلك مع حجز الأملاك حتى تسديد صاحب العقار تكاليف الإزالة.

وأخيراً، توقفت هذه الأعمال  بسبب وجود مبانٍ كثيرة آيلة للسقوط، تتطلب إزالتها توفير مبالغ مالية كبيرة”.

إعمار المباني يقع على عاتق المستأجرين!

أما عضو مجلس محافظة نينوى سمية الخابوري، فتقول أن “مباني كثيرة في المنطقة القديمة تضررت بفعل العمليات العسكرية، وهي لا تزال آيلة للسقوط في أي لحظة في حال عدم إعمارها أو إزالتها”، لافتة في حديث صحفي إلى أن “تأخر معالجة المباني المهدمة بالسقوط يرجع إلى أن الوقف السني الذي يملك عدداً كبيراً منها يرفض تبني إعمارها، وهو يطلب ذلك من المستأجرين، ما يثقل كاهل المواطنين الذين لا قدرة لهم على دفع مبالغ إعادة الإعمار”.

وتؤكد أن “معالجة المشكلة تتطلب تدخلاً حاسماً من مجلس محافظة نينوى ومجلس النواب والحكومة المركزية، إلى جانب الوقف السني نفسه وهيئة الاستثمار الخاصة به”، مشيرة إلى ان “لجنة الأوقاف في مجلس نينوى ستحرك الملف من أجل تسريع حسمه”.

وتلفت إلى ان “العديد من المباني المدمرة عمّرتها منظمات أو جمعيات أو محسنون، لكن العدد منها لا يزال على حاله، ولم تصل إليه يد الإعمار”.

الحكومة المحلية أهملت الملف

إلى ذلك، يحمّل الناشط الموصلي سيف آل حمدان الحكومات المحلية المتعاقبة في نينوى مسؤولية إهمال ملف المباني الآيلة للسقوط.

ويقول في حديث صحفي أن “الأهالي، وبعد انتهاء الحرب، كانوا يأملون من الحكومة أن تبذل جهدا في إعمار المناطق المتضررة، خاصة في الجانب الأيمن من المدينة، لكن الجميع فوجئ بأن الإعمار في ظل الحكومات المحلية السابقة اقتصر فقط على حملات تبليط الشوارع وتنظيم الأرصفة”.

ويلفت آل حمدان إلى ان “من أبرز المشكلات التي تبقي ملف المباني المدمرة قائماً، هي تأخر صرف مبالغ التعويضات للمتضررين من العمليات العسكرية”، داعيا الحكومة المحلية إلى وضع ملفي إعمار المدينة القديمة وتعويض المتضررين على رأس أولوياتها، مع مراعاة تراث المدينة الذي تعكسه مباني المنطقة القديمة.