اخر الاخبار

 مثلما يحصل في فصل الصيف من كل عام، ازدادت الكهرباء الوطنية تدهورا من حيث التجهيز والنوعية، مع بداية ارتفاع درجات الحرارة مطلع حزيران الفائت، ليدخل المواطن في دوامة البحث عن بدائل لتعويض الطاقة المفقودة.

وبالمقابل، لا يزال الغضب الجماهيري على تردي الكهرباء، قائما في الكثير من مدن وقصبات المحافظات الجنوبية والوسطى، والذي واجه في بعض المناطق قمعا حكوميا، بدل التحرك الجاد لوضع حل جذري للمشكلة.  

وكانت المولدات الاهلية، ولا تزال المنقذ الأول للمواطن من لفحة الحر، إلا أنها في الوقت نفسه، تسلب ما يتبقى من راتبه أو دخله الشهري. إذ وصل سعر الأمبير الواحد لدى هذه المولدات، إلى 25 ألف دينار، ما يعني أن المواطن الذي يشترك في 5 أمبيرات، عليه أن يدفع شهريا 125 ألف دينار، وهذا مبلغ ربما يعادل ربع راتب الموظف البسيط، ونصف الدخل الشهري لأكثر الكسبة من المواطنين.. كل ذلك يحصل في وقت لا تزال فيه وعود المسؤولين بتوفير الطاقة الكهربائية خلال الصيف “حبرا على ورق”!

كابوس الانقطاع

يصف المواطن عباس زاهد، وهو سائق سيارة أجرة، الانقطاع المستمر للكهرباء بـ “الكابوس”، مشيرا في حديث صحفي، إلى أن ما يحصل عليه من دخل يذهب معظمه إلى جيوب أصحاب المولدات “الذين باتوا يتسابقون في رفع سعر الامبير، نتيجة عدم توفر الكهرباء الوطنية في معظم الأحيان”.

ويؤكد، ان “الكهرباء في العراق اصبحت معضلة لا يمكن حلها”، مضيفا أن وعود تحسن الطاقة الكهربائية التي يطلقها سنويا المسؤولون في وزارة الكهرباء، ليست سوى “تخدير وحبر على ورق”.

فيما يقول المواطن عمار حسين، ان “وزارة الكهرباء في كل عام، تدعي أن الصيف المقبل سيكون الأفضل في تجهيز الطاقة الكهربائية، الا انها، وبمجرد دخول الصيف، تبدأ بتسويق المبررات لعدم قدرتها على الإيفاء بوعدها”.

ويبين حسين في حديث صحفي، ان “المواطن اصبح في حيرة من أمره. فهو يدفع اجور الكهرباء مرتين، مرة لصاحب المولدة الاهلية، وأخرى للجباية الحكومية”.

اجندات داخلية وخارجية

من جانبه، يشير الخبير الاقتصادي محمد الحسني، إلى ان “الفساد المستشري في مفاصل الدولة، هو السبب الرئيس لبقاء مشكلة الكهرباء من دون حل”، مؤكدا في حديث صحفي، أن “ما تم تخصيصه من أموال لإصلاح المنظومة الكهربائية خلال الفترة الماضية، يمكن أن يكفي لإنشاء مدن عصرية متكاملة”.

ويضيف، انه “لا يمكن حل أزمة الكهرباء بالكلام فقط. فالأمر يحتاج إلى شركات كبيرة، تقدم معالجات جذرية لمشكلات انتاج الطاقة ونقلها وتوزيعها”، معتقدا أن “هناك أجندات داخلية وخارجية مستفيدة، تدفع باتجاه عدم تصليح وتطوير المنظومة الكهربائية”.

وينوّه الحسني إلى أن “كل دول العالم اتجهت حاليا للحصول على الطاقة الكهربائية من الطاقات النظيفة، إلا في العراق الذي لا يزال حتى الوقت الحاضر، متأخرا عن الدول بآلاف السنين!”.

بين التفجير والحرارة

إلى ذلك، يقول المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، ان “التفجيرات الارهابية التي طالت بعض أبراج نقل الطاقة، كانت سببا في ازدياد ساعات انقطاع الكهرباء”، مضيفا في حديث صحفي، أن “ارتفاع درجات الحرارة، ساهم هو الآخر في زيادة ساعات الانقطاع مع إقبال المواطنين على زيادة استهلاك الطاقة، فضلا عن محدودية تجهيز الغاز المستورد من إيران مقارنة بالعام الماضي”.

وكانت وزارة الكهرباء قد أكدت في وقت سابق، على لسان وزيرها، أن إنتاج منظومة الطاقة الكهربائية في البلد، سيصل الى 22 ألف ميكا واط مع بداية حزيران (الفائت)، وأن المواطن سيلمس تحسنا في تجهيز الكهرباء. ومقابل ذلك، وصف الكثير من الاختصاصيين، حديث الوزير بأنه “احلام وردية في ظل تردي واقع المنظومة الكهربائية”!