اخر الاخبار

يملك العراق مواقع بيئية تجعله موطناً للعديد من الأحياء البرية والمائية، ما يضفي على بيئته تميزاً فريداً، بخاصة أن العديد من هذه الأحياء نادرة، وأخرى يعتبر العراق موطناً أصيلاً لها.

يواجه هذا التنوع المميز خطراً يهدد وجوده، ويتمثل في الصيد الجائر الذي لم يجد قانوناً يردعه.

وفي العام 2023، اعتقلت السلطات 17 صياداً في محافظة ميسان، لقيامهم بصيد الطيور المهاجرة بطريقة غير مشروعة. وفي 2021، تم ضبط صيادين في محافظة البصرة، وهم يقومون بصيد السلاحف بطريقة غير مشروعة. وفي العام الذي تلاه ضبط صيادون في محافظة ذي قار، وهم يقومون بصيد الغزلان بطريقة غير مشروعة أيضا.

هل يوجد قانون؟

يقول الخبير البيئي جاسم الأسدي رئيس مجموعة طبيعة العراق: أن «الصيد الجائر يعد من الممارسات التي تؤثر سلبا على التنوع الإحيائي في العراق»، موضحاً أن «هذه الممارسات غالبًا ما تكون نتيجة لغياب الوعي البيئي».

ويضيف الأسدي في حديث مع «طريق الشعب»، أن العراق ملتزم باتفاقيات دولية تحتم عليه اتخاذ إجراءات لحماية الطبيعة البرية والطيور المهاجرة، مبينا أن «أربعة مواقع في الأهوار وبضمنها بحيرة ساوة، أدرجت ضمن مواقع رامسار العالمية، ما يفرض على العراق التزامات كبيرة للحفاظ على التنوع في هذه المناطق. على الرغم من وجود قانون محلي رقم 27 لعام 2010، يمنع الصيد الجائر، إلا أن الوضع لا يزال على ما هو عليه بسبب اللامبالاة من قبل السكان المحليين والحكومات المحلية والمركزية».

ويشير الأسدي الى أن «تأثير هذا القانون محدود، بينما يشمل الصيد الجائر جميع أنواع الصيد غير النظامي مثل استخدام الشباك غير القانونية، الفخاخ، قتل الحيوانات، الطيور، والأسماك»، مضيفا أن هناك من يستخدم أيضا الصعق الكهربائي والسموم لصيد الأسماك، ولصيد الطيور. بينما تستخدم المفرقعات في المناطق الغربية.

ويتراوح موسم الصيد في منطقة الأهوار الجنوبية بين 15 شباط  و15 نيسان. وبعد ذلك ينتقل إلى المناطق الوسطى والشمالية حتى 1 أيار.

وطبقا للأسدي، فان كل ذلك أفرز تأثيرا سلبيا على التنوع الأحيائي، خاصة في مواسم الجفاف الحادة التي شهدها العراق بين عامي 2015 و2018، والجفاف الأخير بين العام 2021 حتى فبراير العام 2024.

ويخمن الأسدي أن يكون موسم الصيف القادم شديد الجفاف، مما سيؤثر سلبًا على السكان المحليين والتنوع الأحيائي، لأنه جزء من السلسلة الغذائية وصحة الإنسان.

ويأمل الأسدي أن تضع الحكومة القوانين المعطلة موضع التطبيق وأن يجري تحديثها بما يضمن الحفاظ على التنوع الأحيائي في العراق، منبها الى ان الصعق الكهربائي أدى إلى خسارة أكثر من 95 في المائة من الثروة السمكية، وأصبحت الطيور المهاجرة عرضة للقتل بسبب تقليص المساحات المائية المفتوحة مثل بحيرة أم النعاج، البرق البغدادية، وبحيرة طيارة في الهور الغربي.

جهود مشتركة

فيما يقول مدير شعبة الأهوار والتراث العالمي في مديرية بيئة ميسان، خضر عباس سلمان: إنه «بناءً على توجيهات الوكيل الفني لوزارة البيئة الخاصة بمجال تنوع الأحياء والصيد الجائر، يتم إجراء زيارات ميدانية للمشروعات الحقلية الخاصة بالتنوع الأحيائي في الأهوار، بالإضافة إلى إجراء حملات توعية لسكان الأهوار بصورة عامة، ولصيادي الأسماك والطيور بصورة خاصة»، مضيفا ان «الصيد الجائر يشمل استخدام المبيدات الكيميائية والسموم، وكذلك المتفجرات، بالإضافة إلى الصيد باستخدام الصعق الكهربائي».

ويضيف سلمان لـ «طريق الشعب»، أنه «في السنوات الأربع الأخيرة، لم نشاهد أي عملية صيد جائر في مناطق الأهوار على الإطلاق، حيث بدأ الاهالي يملكون وعياً في الثقافة البيئية. بالإضافة إلى عقد ميثاق عشائري، وهو عقد يحتم على الجميع الالتزام بمنع استخدام أي نوع من أنواع الصيد الجائر، باستثناء حالات فردية».

ويؤكد أن ان الناس تدرك أهمية الحفاظ على ثروتهم السمكية، واستخدام وترشيد المياه بشكل أمثل، من خلال الحفاظ عليها وعدم انشاء البحيرات السمكية أو الطينية القريبة من الأنهار المغذية لهم.

مهنة

يقول الخبير البيئي أحمد صالح لـ «طريق الشعب»: أن «العراق يعاني بشكل كبير من مشكلة الصيد الجائر، التي تعزى إلى الانفلات في تطبيق القوانين وتنفيذها، والتي كان من شأنها الحد من هذه العمليات»، موضحا أن «المشكلة بدأت مع سنوات الحصار في التسعينات، حيث كان الناس يصطادون لتوفير الغذاء، ما خلق حاجة ملحة لدى المواطنين. ومع مرور الوقت، تحولت هذه الممارسة إلى مهنة للبعض وهواية ومتعة للبعض الآخر، ما أدى إلى تدهور كبير في النظام البيولوجي، سواء في الأهوار أو الصحارى».

ويضيف صالح، أن «النظام البيولوجي البيئي للأهوار وللصحارى كانا ضحيتين لطمع بعض هواة الصيد وأولئك الذين يمارسون الصيد بلا ضوابط، ما أدى إلى قتل الحيوانات بشكل عشوائي، بغض النظر عن كونها مهددة بالانقراض أو موجودة بأعداد كبيرة ولكن بشكل موسمي».

كما ينتقد صالح دور الحكومة في هذا الجانب، مشيراً إلى أن هذا الدور لا «يزال محدوداً جداً وأن الشرطة البيئية لم تأخذ دورها الحقيقي بعد لعدة أسباب»، معرباً عن أمله في أن يتم «تطبيق القانون بشكل صارم ضد المخالفين للحدود البيئية والصيد الجائر، حيث يساهم هذا التطبيق في منع تناقص أعداد كبيرة من الحيوانات، بما في ذلك الأنواع المهددة بالانقراض وتلك الفريدة التي لا توجد إلا في العراق أو المناطق المحيطة».

عرض مقالات: