اخر الاخبار

يزداد عدد الطلبة في كليات الصيدلة في مختلف مناطق البلاد، بينما تنتشر الصيدليات بشكل عشوائي في كل مكان، الامر الذي يثير قلق هؤلاء الطلاب حيال مستقبلهم المهني، معتقدين ان فرص العمل في مجال تخصصهم ستكون شحيحة.

تحذيرات

يقول نائب الأمين العام لنقابة الصيادلة، د. مصطفى الهيتي، إن «النقابة قد نبهت منذ عام 2019 بخصوص مشكلة زيادة عدد طلبة الصيدلة، وتم إرسال تقارير بهذا الشأن إلى رئاسة الوزراء. وعلى إثر ذلك، تم تشكيل لجنة برئاسة وزارة التخطيط، وعقدت أكثر من 11 اجتماعًا على مدار ثلاث سنوات، واتخذت قرارات رفعتها إلى رئاسة الوزراء»، مستدركا بالقول « لكن لم يتم تبني هذه القرارات على الرغم من اهميتها».

ويضيف الهيتي خلال حديث مع “طريق الشعب»، أن «الاتجاه نحو زيادة عدد الكليات الأهلية يعكس سياسة الدولة، وأن اللوم لا يقع فقط على وزارة التعليم العالي»، مشيرا الى ان «المشكلة لا تتعلق بأعداد خريجي اقسام الصيدلة بل في نوعية وجودة التعليم المقدم، حيث أن خريجي الصيدلة يعانون من نفس المشاكل التي تواجه خريجي الهندسة والزراعة وغيرها من التخصصات العلمية».

ويشدد على ضرورة التحرك لوضع معايير معينة في هذا الصدد، منبها إلى ان هناك «مناقشة تجري في البرلمان بشأن تحديد الأعداد التي تحتاجها وزارة الصحة وإجراء امتحان كفاءة للتخلص من المحسوبية».

ويبين، أن هناك العديد من الكليات الحكومية والأهلية التي لا تمتلك أساتذة متخصصين في العديد من الأقسام، ما يزيد من صعوبة الوضع التعليمي. كما يشير إلى وجود ضغوط سياسية من اجل فتح جامعات أهلية أو حكومية جديدة.

ويؤشر الهيتي عدم وجود انصاف في عملية توزيع الخريجين؛ حيث تتمركز 60 في المائة من الكوادر الطبية في بغداد، التي تشكل 23 في المائة من سكان العراق. بينما يفتقر باقي سكان المحافظات إلى الكوادر الجيدة.

ويختتم الدكتور الهيتي بالتأكيد على أن العراق يفتقر إلى «خارطة طبية صحيحة، مما يجعل من وضع خطة لرسم السياسة الطبية في العراق، حاجة ملحة».

قلق طلابي

يقول أحمد حمزة أحمد، طالب في قسم الصيدلة بإحدى الجامعات الاهلية ويعمل في صيدلية خاصة، أن «نقابة الصيدلة أعلنت سابقًا عن تجاوز عدد الصيادلة الحاجة الفعلية، ما يؤدي إلى غياب الحاجة إلى تعيين كافة الخريجين الجدد».

ويضيف أحمد في حديث مع مراسل «طريق الشعب»، أن «غالبية الطلاب يتوقعون العمل كمندوبين طبيين أو في مشاريع تجارة دوائية». كما أشار إلى وجود أقسام في بعض المنظمات وشركات القطاع الخاص تستقطب خريجي الصيدلة، او العمل في مهن تبتعد عن الصيدلة تماماً.

ويشير إلى ان بعض الطلاب يعانون من قلة الحماس لمواصلة الدراسة من اجل الحصول على شهادتي الماجستير والدكتوراه.

ويقدم حمزة نصيحة لطلبة لمرحلة الإعدادية بأن يتفقدوا بقية الأقسام الدراسية الأخرى، مشيرا إلى أهمية الخروج من قوقعة الدراسة المحصورة في المهن الطبية.

ويؤكد «وجود العديد من الصيدليات التي أصبحت تفوق الحاجة الفعلية في السوق، ما يجعل الوضع يحتاج إلى إعادة تقييم».

ويبلغ عدد الكليات الأهلية في العراق 70 كلية وجامعة، ويزداد الإقبال عليها سنوياً؛ ففي عام 2018 استقبلت نحو 21 ألف طالب، فيما وصل العدد عام 2021 إلى 179 ألفا، وان اغلب اقسامها ترتبط بالمهن الطبية.

وبسبب كثرة تلك الجامعات التي باتت تنتشر بين حي وآخر، أصبحت تعرف بـ «الدكاكين»، وبالرغم من أهميتها الا انها أصبحت نقمة على واقع التعليم في البلاد، حيث يترأسها شخصيات تمثل واجهات لأحزاب متنفذة تستهدف تحقيق الربح من تلك المشاريع، لا غير.

تغيير الاهداف

ويبلغ عدد كليات الصيدلة في العراق 57، منها 40 كلية أهلية، وهذا العدد لسكان لا تتجاوز نسبتهم الـ 45 مليون نسمة.

يقول الناشط في مجال التعليم علي حاكم: أن «الكليات الطبية في العراق تشهد تحولًا خطرًا يهدد مستقبل القطاع الصحي في البلاد. ويكمن الخطر في تزايد أعداد الطلبة الذين يلتحقون بهذه الكليات ليس بدافع خدمة المجتمع والحفاظ على حياة الناس، وإنما سعياً وراء فرص التعيين المركزي والحصول على وظائف».

ويضيف حاكم لـ «طريق الشعب»، أن «الهدف الأساسي من التعليم الطبي هو إعداد أطباء ومهنيين صحيين قادرين على التعامل مع حياة الناس بكل مسؤولية. إلا أن ما يحدث اليوم هو تحول في الهدف، حيث أصبحت الكليات تركز على ضمان التعيين بدلاً من تقديم تعليم نوعي. تجار التعليم استغلوا هذا الوضع وبدأوا فتح كليات طبية جديدة، تعد طلابها بوظائف مضمونة دون التركيز على جودة التعليم».

ويوضح أن «المشكلة بدأت في المعاهد والكليات ذات الاختصاصات الطبية الثانوية مثل التخدير والتحليلات. ومع تزايد أعداد الخريجين في هذه التخصصات، تقلصت فرص التعيين بشكل كبير. الآن، انتقلت المشكلة إلى مجالات مثل الصيدلة وطب الأسنان، حيث أصبح هناك فائض كبير من الخريجين الذين لا يجدون فرص عمل مناسبة».

ويتابع بالقول، أن «التعيينات المركزية، التي كانت من المفترض أن تسهم في توزيع عادل للوظائف، أثرت بشكل سلبي على وعي المجتمع. الأهل يدفعون بأبنائهم نحو الكليات الطبية بسبب المكانة الاجتماعية وفرص التعيين، ما جعل حتى العائلات المتوسطة والفقيرة تنظر إلى التعليم الطبي كاستثمار ناجح، بغض النظر عن الكلفة الباهظة أو التأثيرات السلبية على جودة التعليم».

ويستدرك بالقول أن «نتيجة لهذه السياسات، بدأت جودة التعليم الطبي في العراق تتدهور، ما أثر سلبًا على سمعة الشهادات الطبية العراقية في الخارج».

ويحمل حاكم الحكومة المسؤولية الكبرى عن هذا الوضع، حيث يجب عليها إعادة النظر في سياساتها التعليمية. كذلك، يقع جزء من المسؤولية على تجار التعليم الذين استغلوا هذا الوضع لتحقيق مكاسب مالية. وأخيرًا على العائلات التي دفعت بأبنائها نحو هذا الاتجاه دون النظر إلى العواقب طويلة الأمد».

عرض مقالات: