اخر الاخبار

يعد الأطفال اكثر الشرائح السكانية تأثرا بما تواجهه البلاد من أزمات وتحديات أمنية، سياسية، اقتصادية، اجتماعية وصحية، الامر الذي جعل هذه الشريحة تفقد حقوق طفولتها، وزُجَّ بها ضمن القوى العاملة، أو في الصراعات الأسرية، وسط جهل مجتمعي وإهمال حكومي مستديم لقطاعات التعليم والصحة والرفاهية الخاصة بهم، طبقا لأحاديث باحثات في شؤون الطفولة.

ويحتفل باليوم العالمي لحماية الأطفال في 1 حزيران منذ عام 1950.

أطفالنا.. معيلو أسرهم

وفي هذا الصدد، قالت الأكاديمية في مجال علم النفس التربوي  د. ايناس هادي: «اننا في اليوم العالمي للطفل، نحتفى به بجميع الأطفال حول العالم، والطفل العراقي بشكل خاص، كما نسلط الضوء على حقوقه وأحلامه واحتياجاته»، مؤكدة ان «من واجبنا أن نضمن لهم بيئة آمنة وصحية، تتيح لهم النمو والتطور بشكل سليم. يجب أن نتذكر أن الاستثمار في الأطفال هو استثمار في مستقبل البشرية».

وأضافت قائلة لـ»طريق الشعب»: إنّ «الطفل العراقي اليوم يواجه العديد من التحديات الصعبة، بعد سنوات من الصراعات والاضطرابات. حيث انه يعاني تداعيات اجتماعية واقتصادية كبيرة تؤثر على حياته اليومية ونموه السليم»، مبينة ان «من أبرز المشاكل التي يواجهها الأطفال العراقيون هو الفقر، نقص التعليم، وسوء الخدمات الصحية. كما أن العديد من الأطفال يعانون من آثار نفسية، نتيجة العنف والنزوح المتكرر».

وفصّلت هادي الحديث عن هذه التحديات قائلة: إن «الفقر والبطالة أهمها، حيث تعاني الكثير من العائلات العراقية من الفقر، ما يضطر الأطفال للعمل بدلاً من الذهاب إلى المدرسة، وهذا هو أحد أبرز أسباب تسرب الأطفال من الدراسة. ومن جانب آخر هناك عنف ونزاعات مسلحة، تؤثر بشكل مباشر على الأطفال، ما يعرضهم لخطر الإصابة أو حتى الموت».

وأردفت أنه «برغم الجهود التي تبذل، لكن لا يزال هناك نقص في الوصول إلى التعليم الجيد والبيئات التعليمية الآمنة. كذلك الحال بالنسبة للصحة، حيث نقص الرعاية الصحية والظروف المعيشية السيّئة، التي تؤدي إلى مشاكل صحية متعددة للأطفال العراقيين».

ونبّهت هادي إلى عدة مخاطر محدقة بالأطفال تتمثل «بالإتجار بهم. للأسف، يعد الاتجار بالأطفال واستغلالهم من المشاكل الكبيرة التي يواجهها الأطفال العراقيون»، موضحة ان «اشكال هذا الاستغلال تشمل العمل القسري، التسول، وحتى في الأعمال الإجرامية. العديد من الأطفال العراقيين يضطرون للعمل في أعمال شاقة لا تناسب أعمارهم، ما يؤثر على صحتهم ونموهم النفسي والجسدي».

عنف.. استغلال.. اتجار

من جهتها، حددت الصحفية ريا الخفاجي مجموعة من المشاكل التي تحوم حول الطفولة في البلاد، أهمها ضعف البيئة القانونية الخاصة بهم، مؤكدة ضرورة إقرار قوانين وتشريعات تحمي حقوقهم وتراعي مصلحتهم بالدرجة الأساس.

وقالت الخفاجي في حديث مع «طريق الشعب»، انه «يجب ان تتوفر بيئة قانونية تدعم الأسرة والطفل على وجه الخصوص، عن طريق مناهضة العنف داخل الأسرة، عبر تشريع قانون مناهضة العنف الأسري، للحد من هذه الظاهرة التي بدأت تأخذ مساحة ومدى كبيرا».

وأضافت قائلة: إنّ «السلطة التشريعية لا تفهم دورها بالشكل الكافي، حيث إنها وحتى اللحظة تمتنع عن تشريع هذا القانون برغم أهميته ولأسباب عدة معروفة، بدفع من القوى السياسية المتنفذة، التي تقف بوجه تشريعه برغم ان القانون يدعم الأسرة».

ولفتت إلى أن «التشريعات القانونية تستغل وتشوه أي موضوع يخص الطفل والمرأة في البلاد، إضافة إلى ذلك نشهد أيضاً التلويح بمسودات قانونية مثل الإصرار على تعديل المادة 57، وتهديد العديد من الناشطات في هذا المجال، اللواتي صرحن بالضد من هذا التعديل. وبرغم الرفض الواسع لهذا التعديل إلا أن أحزاب السلطة تدفع وتقف مع هذا التعديل الذي يعمّق المشكلة، لا يحلها».

وأشارت إلى ان «المشاكل الأسرية على مرأى ومسمع الطفل، والناجم أغلبها عن الفقر، وسط عدم توفر فرص عمل جيدة للأب أو الأم، حتى يتمكنوا من تربية طفل محصّن من أية عقد نفسية. ولهذه الأسباب نفسها يتم زج الأطفال في سوق العمل بسن مبكر ويتعرضون الى عنف وتعسف في الشارع».

قوانين معطلة

أمّا الناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل د. طاهرة داخل، فتجد أنّ «الدولة التي تراعي وتضع مصلحة حماية وحقوق الطفل في مقدمة اولوياتها، وتكرس قوانينها وادواتها لحمايته، ستغدو دولة ذات شأن كبير. وهذا مفهوم حقيقي ونظرية لبناء الانسان».

وفيما إذا كان النظام السياسي قد حمى الطفولة، تعتقد داخل في حديثها لـ»طريق الشعب»، أن هناك الكثير من القوانين التي تحمي الطفل لكنها لا تزال تنتظر التشريع حتى الان في مجلس النواب، بضمنها قانون العنف الاسري، الذي لم يشرع حتى اللحظة برغم انه موجود بين أروقة البرلمان منذ العام 2011.

وتضيف قائلة إن «الحال ذاته بالنسبة لقانون رعاية الطفولة، الذي اهمل بالكامل، بينما تضمن مواده وبنوده الحماية والوصاية المؤسساتية على الطفل، وإبعاده عن العنف والإساءة والاستغلال، والحفاظ على صحته وتعليمه ومطبوعاته الأدبية وتنمية مهاراته ومواهبه».

وتشير إلى أنّ «قانون هيئة رعاية الطفولة هو الآخر لم يشرع بعد، فهذه الهيئة تعد النواة المهمة في وزارة العمل، وتنضوي فيها 11 وزارة، إذ تهتم بمختلف المواضيع التي تخص الطفل العراقي ومتعلقاته. وفيه الكثير من الحماية القانونية للشخصية المعنوية والأصيلة للطفل العراقي».

وأشارت الى ان هناك ضعفا في تفعيل وتطبيق القوانين الموجودة، مثل: «قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، ففيه الكثير من المواد التي تصب في مصلحة الطفل، والتي لو فعلت وطبقت بالشكل الصحيح، فستكفل حماية الطفل. وفي ذات الوقت هناك ايضا جهل لدى الناس بمعرفة القانون وحقوقهم».