اخر الاخبار

تشهد الأسواق العراقية تذبذبًا ملحوظًا في أسعار صرف الدولار مقابل الدينار، ما يثير تساؤلات حول مدى تحقيق الحكومة وعودها بتخفيض سعر الدولار، فيما يربط الخبراء هذا التذبذب بعدة عوامل، بعيدا عن سياسات الحكومة الاقتصادية.

وفي الوقت نفسه، سلط الخبراء ضوءا على الهدر المالي الكبير الناتج عن الفساد وسوء إدارة الموارد، ما يؤدي إلى خسائر فادحة في الميزانية العامة.

هل نجحت الحكومة في مواجهة الدولار؟

يقول الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد عيد: إن “ما يحدث في السوق من تذبذب في أسعار صرف الدولار مقابل الدينار يعود إلى عدة عوامل، منها: فنية تتعلق بسياسة البنك المركزي، وحصر الهدر الحاصل في الدولار، والحد النسبي من عمليات التهريب المفرط، وتشديد الرقابة على الحوالات الخارجية. وهناك أيضًا عوامل سوقية متعلقة بحجم المعروض من العملة الصعبة مقارنة بالطلب الكبير على الدولار من قبل عدة فئات مجتمعية، مثل التجار والمسافرين”.

ويضيف أن “هذا لا يخلو من عمليات احتيال وتلاعب من قبل التجار وشركات الصرافة التي تتخذ من المضاربة وسيلة لتحقيق أكبر عائد من الأرباح”.

ويتحدث عيد لـ”طريق الشعب” عن عوامل أخرى قائلاً: ان “سياسة البنك المركزي المتبعة من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي، والرقابة الشديدة، فضلاً عن زيارة السوداني لواشنطن وعقد شراكات واتفاقات متعلقة بالسياسة النقدية، هي الأخرى عوامل ساهمت في فك الضبابية الحاصلة في عمليات حصر الدولار في السوق العراقية”.

دولار الحجاج

من جانبه، يعرب المراقب للشأن الاقتصادي أحمد عبد ربه عن قلقه من تذبذب أسعار صرف الدولار، مؤكدا أن “نزول الدولار خلال الفترة الجارية لا يمكن اعتباره انخفاضاً حقيقياً، انما هو تذبذب”.

ويضيف عبد ربه في حديث مع مراسل “طريق الشعب”، أنه “بالرغم من توفير البنك المركزي الدولار للحجاج العراقيين، الا ان هناك عرضا كبيرا للدولار، وهذا لا يمنع صعود الدولار في أي لحظة”.

ويشدد على وجود حاجة ملحة لإجراء إصلاحات اقتصادية حقيقية، تتمثل بترتيب أوراق النظام المصرفي والقطاع المالي أمام البنك المركزي الأمريكي، لضمان حماية هذا القطاع من العقوبات وإبعاد المخاطر عن هذا القطاع بشكل عام.

هدر المال

ويشير إلى أن “غياب السياسات الاقتصادية والإصلاحات الحقيقية من قبل الحكومات العراقية السابقة وحتى الحالية، سبب هدراً كبيراً في الأموال العامة”.

ويضيف أن “عمليات الإعمار والتأهيل هي أحد أشكال هدر المال العام، حيث لا يوجد أي تخطيط عمراني حقيقي”، داعيا الى تعزيز طرق الإيرادات الأخرى وعدم الاعتماد على النفط فقط، ودعم المشاريع الإنتاجية الأخرى من أموال النفط.

فيما يتحدث احمد عيد عن الهدر المالي في مؤسسات الدولة العراقية، ويؤكد أنه “كبير جدا، نتيجة للفساد والمحسوبية وسوء إدارة الموارد والمؤسسات”.

ووفقا لعيد، فان الهدر السنوي للمال يصل إلى ارقام مخيفة بحدود ٥٠ مليار دولار سنوياً.

ويتابع الحديث قائلاً: إن “هناك أكثر من ١٥٠ ألف موظف فضائي وأكثر من ٢٠٠ ألف موظف يتقاضون رواتب مزدوجة أو أكثر، ما يكلف خزينة الدولة حوالي ٣٠ مليار دولار سنوياً. بالإضافة إلى ذلك، هناك أموال طائلة من الجمارك والضرائب لم تدخل خزينة الدولة بسبب التحايل والتلاعب والفساد. وتقدر هذه الأموال بحوالي ٦ إلى ٧ مليارات دولار سنوياً”.

ويتأسف عيد لفقدان العراق مصداقيته مع “المنظمات الدولية والبنوك وصناديق التنمية العالمية، ومنها صندوق النقد الدولي، الذي رفض إقراض العراق مبلغ ٦ مليارات دولار في سنة ٢٠٢١، بسبب عدم وجود مشاريع تنمية وسياسة اقتصادية واضحة”.

ويشير إلى وجود “تلاعب وهدر آخر مغطى بصيغة رسمية، يتمثل بلجان المشتريات وعقود الإنشاء والمقاولة، التي تُحال بمبالغ طائلة أكثر من قيمتها الحقيقية، وتستفيد منها جهات سياسية وميليشيات منفلتة تحصل على العقود بالقوة أو الوساطة”، موضحاً أن “هذا يعني أن الهدر المالي في الرواتب والمصروفات يحمل موازنة الدولة أكثر من ٥٠ مليار دولار سنوياً، وهي نسبة خطرة تؤدي إلى ترهل كبير وارتفاع خطير في حجم النفقات”.

ويخلص الى أن “هذا يحتم على الدولة تقليص النفقات الفائضة، والعمل على تنويع مصادر الدخل القومي، والحد من عمليات الفساد، وتفعيل الدور الرقابي والقانوني، وضرب الفاسدين بتطبيق فقرات قانون سرقة أموال الدولة”.

عرض مقالات: