اخر الاخبار

بات تفشي الأمية الرقمية ظاهرة يعاني منها الكثير من أبناء شعبنا في ظل إهمال حكومي لتطوير إمكانيات المواطنين للتعامل مع التقنيات الحديثة. وتعاني الكثير من النساء من صعوبة الحصول على وظائف أو النهوض بمهنهن بسبب انتشار الأمية الرقميّة والمعلوماتية بينهن.

 وتتحدث المواطنة زهرة حسن عن مستوى معرفتها بالقول: «على مدار 35 عاماً وأنا مشغولة في تلبية متطلبات بيتي وتربية أطفالي وتعليمهم. وحين كبروا وباتوا يعتمدون على أنفسهم، صار لدي وقت فراغ ووجدت نفسي أميّة في التعامل مع الأجهزة الذكية (الموبايل، الكمبيوتر)، فأضطر لطلب المساعدة عند حاجتي إلى استخدامها».

وقد تجاوز عمر المواطنة 55 عاماً، وهي زوجة وأم وكانت تعمل معلمة، قضت نصف عمرها في تدبير أمور المنزل والأبناء بعيداً عن التكنلوجيا ولا تمتلك أية معرفة رقمية. وقد تخرجت من معهد المعلمين عام 1990، لكنها تعتمد على الورقة والقلم حتى الآن لتدوين ملاحظاتها.

وتذكر لـ»طريق الشعب» أن «التعليم الرقمي الذي نشهده اليوم في المدارس والجامعات لم يكن بذات المستوى، وحتى الكوادر التعليمية لم تكن بذات الإلمام للتعامل مع التكنلوجيا، الأمر الذي جعل من جيلي والأجيال التي تسبقني بعدة أعوام عاجزين عن التعامل مع الأجهزة الذكية، التي تغزو اليوم جميع مفاصل حياتنا اليومية».

وتلفت المواطنة الخمسينية إلى أن أغلب الطلبة لم يكونوا يعون أهمية التعليم الرقمي في حياتنا، خاصة ونحن من البلدان التي شهدت التطور التكنلوجي بعد عام 2003.

وتضيف أن «المعاهد المتخصصة بتعليم الحاسوب كانت محدودة، ولم تكن تتوفر فيها الحاسبات بما يناسب أعداد الطلبة، الراغبين في التعليم».

و لا تقتصر الأمية الرقمية على الأجيال متوسطة الاعمار، بل تشمل أيضا شباب اليوم. وتقول المواطنة حنين محمد (34 عاما) وهي طالبة جامعية لـ»طريق الشعب» إنها اكتشفت أميتها في التعامل مع برامج الحاسوب بعد ان طلب منها استاذها في الجامعة إعداد وطبع بحث التخرج، مشيرة في هذا الخصوص إلى أن معرفتها كانت تقتصر على استخدام برامج الموبايل التي هي في اغلب الأحيان برامج ترفيهية بسيطة.

وتذكر حنين أن «الأمية الرقمية التي أعانيها اثرت سلباً على قبولي في الكثير من فرص العمل، التي هي اليوم بحاجة إلى اتقان الكثير من برامج الحاسبة، كالوورد والاكسل والفوتوشوب وغيرها».

وعن أسباب عدم سعيها لتطوير مهاراتها الرقمية تقول إن «اغلب دورات تعليم الحاسبات مكلفة، خاصة وأنا طالبة ومصروفي اليومي أحصل عليه من والدي وهو بسيط، فضلا عن أن الحصول على حاسبة خاصة مكلف أيضا، وأن هناك عدم مبالاة من قبل وزارتي التعليم العالي والتربية بتعليم الطلاب على الأقل الأسس الرقمية البسيطة».

الباحثة في الشأن الاجتماعي د. إيمان حميد وصفت الأمية الرقمية التي يعاني منها الكثير من المواطنين بانها «لا تقل خطورة عن أمية القراءة والكتابة».

وتقول لـ»طريق الشعب» إن «النساء وبصورة عامة وبسبب التزامات الحياة التي تترتب عليهن، مقصرات في تطوير مهاراتهن بما ينسجم مع تطور العصر، الذي باتت فيه التكنلوجيا ركنا أساسيا».

وحمّلت د. إيمان خلال حديثها وزارة التربية مسؤولية ارتفاع نسب الأمية الرقمية بين النساء، وقالت إن «مدارس البنات تعاني من عجز وتقصير كبيرين في الاهتمام بمادة الحاسوب « وتوضح أن «اغلب المدارس تفتقر إلى مختبرات للحاسوب، فضلا عن نقص كبير في الكوادر التدريسية، حتى جعلت وزارة التربية من مادة الحاسوب مادة ثانوية شأن مواد الفنية والرياضة والأسرية، على الرغم من أهميتها في الحياة اليومية».

وترى د. إيمان أن «ارتفاع نسب الأمية في البلاد لا يتحمل مسؤوليته فقط الجهاز الحكومي، وانما أيضا هناك الكثير من العوائل حجّمت من دور النساء وفرضت عليهن قيوداً منعتهن من التعليم وجعلت منهن أسيرات المنازل في انتظار من يتقدم لزواجهن، لتتحمل بعدها تلبية المتطلبات المنزلية لا أكثر».