اخر الاخبار

تعد محافظة الأنبار واحدة من المناطق الثقافية والتاريخية المهمة في المنطقة؛ اذ تحتضن مجموعة من المواقع الأثرية ذات الأهمية البارزة، والتي تواجه تحديات كبيرة بسبب قلة التمويل والإهمال، الامر الذي يهدد بتعرضها للاندثار.

قلة التخصيصات المالية

يقول رأفت الهيتي، ناشط في مجال البيئة والآثار من محافظة الأنبار، أن «المعالم الأثرية والتراثية في المحافظة تواجه خطر التدمير نتيجة التعرية والأعمال العسكرية والهجمات الإرهابية التي تعرضت لها»، محذرا من الإهمال المستمر لهذه المعالم، الذي يمكن أن يؤدي إلى فقدان شواهد تاريخية ثمينة، وجزء لا يتجزأ من تراث المنطقة والبلد.

ويضيف في حديث مع «طريق الشعب»، أن «المحافظة تحتضن العديد من الشواخص العريقة في مدن هيت، الفلوجة، القائم، والخالدية، وغيرها من مدن المحافظة»، مشيرا الى أنه «على امتداد نهر الفرات الذي يخترق مدينة الرمادي، نهضت حضارات تعود لحقب مختلفة موغلة في القدم، وقد تركت شواهد لا تزال قائمة، تعود لحضارات سومر وآشور، وصولاً إلى الحقبة العباسية الأولى والثانية، وحتى الفترة العثمانية الى ما قبل نحو 100 عام».

ويبين الهيتي، أن سبب عدم وجود عمليات تأهيل أو صيانة يعود إلى «قلة التخصيصات المالية الممنوحة من قبل جميع الحكومات»، مردفا أن «قطاع الآثار والتراث مهمل في كافة المحافظات العراقية».

ويشير الى أن «العديد من المواقع تعرضت للسرقة، وأخرى اندثرت بفعل عوامل طبيعية»، موضحا أن نسبة كبيرة من المواقع تعرضت للأذى بسبب الحروب، إذ استخدم موقع قرب الفلوجة ثكنة عسكرية للجيش العراقي، حيث لم يكن الجنود يعرفون انه موقع أثري، ما أدى إلى إلحاق أضرار كبيرة به.

وطبقا لتصريحات حكومية، يبلغ عدد المواقع الأثرية في الأنبار نحو 438 موقعًا، يتوزع معظمها على جانبي نهر الفرات، بينما تنتشر بعض هذه المواقع في صحراء الرطبة.

وتعتبر قلعة هيت ومنارتها أبرز الشواهد التاريخية التي ما تزال أطلالها تؤكد تاريخ الأنبار العريق.

نقطة اتصال بين العراق والشام

من جانبه، يقول منقب الآثار حيدر جنيد: إن «موقع الأنبار يعزز من أهمية هذه المنطقة، نظراً لكونها نقطة اتصال بين العراق وبلاد الشام، كما تحتوي على الصخور والقير، وهي مواد استخدمتها الحضارات القديمة في وادي الرافدين للبناء. بالإضافة إلى ذلك، يعد نهر الفرات مصدرا حيويا للمعيشة في العصور القديمة، حيث نشأت حوله العديد من القرى والمدن التي اعتمدت على الزراعة وتربية الحيوانات».

ويضيف جنيد لـ «طريق الشعب»، انه لم تجر أية عملية مسح اثري لمعظم مساحة المحافظة»، مشيرا الى أن «المواقع الأثرية في الأنبار تغطي فترات تاريخية متنوعة، بدءًا من العصور الحجرية وصولاً إلى العصور الإسلامية.

ويواصل حديثه، أن «العراق كان مراكز استيطان بشري منذ العصور الحجرية وعصر فجر السلالات، وتستمر إلى الفترات الإسلامية المتأخرة. مثال على ذلك قلعة هيت الأثرية في الأنبار، التي تشير المصادر إلى أنها كانت مأهولة منذ عصر سرجون الأكدي، واستمر الاستيطان فيها حتى اليوم».

وأرجع جنيد توقف عملية التنقيب إلى «الظروف الأمنية وقلة التخصيصات المالية»، مشيرا الى أن هذه «العوامل تعيق عمليات التنقيب في كافة المواقع الأثرية بالعراق».

فيما يقول مدير مفتشية الآثار والتراث في الأنبار، عمار علي: إن «المحافظة تحتضن العديد من الآثار التي تعود لمختلف الحضارات، ولكن ما يميزها هو اتساع الرقعة الجغرافية وانتشار المئات من المواقع الأثرية المكتشفة والمسجلة لدى الهيئة العامة للآثار والتراث».

ويشير الى أن «المسح الأثري للمحافظة لم يكتمل بعد، ولو أجريت أعمال مسح شاملة، فمن المتوقع أن يتضاعف عدد المواقع الأثرية المكتشفة»، مؤكدا ان محافظته تتميز بالأدوار التاريخية والحضارية من فترات ما قبل التاريخ وصولاً إلى العصور الحديثة.

ويعد علي أن اكتشاف النواعير في المنطقة كان «نقلة نوعية» في القطاع الزراعي، حيث انتشرت بعدها بشكل كبير لأداء وظائف متعددة.

وأكد أن «بعض المواقع الأثرية لم تُجر لها عمليات صيانة بسبب قلة التخصيصات المالية»، معربًا عن أمله في استكمال أعمال الصيانة في مواقع هامة مثل مدينة عانة الأثرية، وخان جريجب، وسور قلعة هيت.