اخر الاخبار

تتعرض فئات عديدة في المجتمع للتهميش والإهمال منذ فترة طويلة، حيث يجد أصحاب الاحتياجات الخاصة صعوبة في الحصول على مكان استراحة لائق لهم داخل المؤسسات الحكومية، وهو أقل ما يمكن أن توفره لهم الحكومة.

في غرفة الانتظار المكتظة بالمراجعين لإحدى الدوائر الحكومية، يجلس محمد البدري شاب في العشرينات من عمره، يعاني من إعاقة جسدية تجعله يحتاج إلى مساعدة في التنقل وإكمال المعاملات.

عادة ما يبحث محمد عن أماكن للاستراحة داخل أي مبنى حكومي، لكن لا يجد سوى مقاعد صغيرة ومزدحمة. كما انه يشكو عدم تخصيص ممرات خاصة للمعاقين، فيحاول الاستعانة بالموظفين والمراجعين للمساعدة على المشي.

يقول البدري لـ «طريق الشعب»، أن «ذوي الاحتياجات الخاصة، بغض النظر عن تفاوت مشاكلهم الصحية، يواجهون تحديات مؤلمة، حيث يعاني العديد منهم من الوحدة والعزلة وانعدام الثقة»، مشيرا إلى غياب سياسات الاندماج الاجتماعي.

ويضيف، أن «القوانين المحلية والمعاهدات الدولية المتعلقة بذوي الهمم والتي صادق عليها العراق، لم يتم تنفيذ أي جزء منها»، مؤكدًا عدم إنصاف التشريعات المحلية لذوي الاحتياجات الخاصة في البلاد.

وطالب بضرورة توفير كوادر متخصصة في الدوائر الحكومية تتابع أصحاب الهمم وتساعدهم في انجاز معاملاتهم.

 

تهميش

وبحسب إحصاءات غير رسمية، يمثل ذوو الإعاقة نسبة 12 في المائة من المجموع الكلي للسكان، ما يعادل أكثر من 3 ملايين شخص. ويعتبر الرجال الفئة الكبرى بنسبة تبلغ 57 في المائة من إجمالي عدد ذوي الإعاقة.

يقول مدير المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، فاضل الغراوي، أن «ذوي الإعاقة يتعرضون للتهميش في معظم مؤسسات الدولة، حيث يفتقرون تمامًا إلى أي آليات تسهل إجراءاتهم، سواء في غرف الانتظار أم أماكن الجلوس أم توقف السيارات. بالإضافة إلى ذلك، فإن العلامات الدلالية والمساعدة الخاصة بالتنقل والترجمة مفقودة تمامًا، مما يزيد من تعقيد الأمور بالنسبة لهم».

ويشدد الغراوي خلال حديثه مع «طريق الشعب»، على ضرورة الإيعاز لكافة دوائر الدولة بتطبيق الترتيبات التيسيرية لحاجة الأشخاص ذوي الإعاقة، وإلزام هيئات الاستثمار بالاستجابة لمتطلباتهم في جميع المشاريع الاستثمارية.

ويطالب بسحب الإجازة الاستثمارية في حال عدم تنفيذ هذه الترتيبات، داعيا الوزارات الى تخصيص يوم لغرض معايشة الاشخاص ذوي الاعاقة اثناء مراجعتهم لدوائر الدولة، والحرص على عدم امتهان كرامتهم.

ويؤكد، أن «ذوي الإعاقة يتعرضون الى انتهاكات يومية، منها ما يتعلق بقطاع التعليم، حيث لا يوجد منهج تعليم متكامل مخصص لهم»، مما ينعكس سلبا على واقعهم التعليمي، موضحا انه «إلى الآن، لم نشهد أي تطورات في التعامل مع الإعاقات الحركية والأنواع الأخرى. كما لم نر أي تنفيذ لقرارات مجلس الوزراء التي فرضت تعيين نسبة 10 في المائة من ذوي الإعاقة في المناصب الحكومية والإدارية».

وتشير الأرقام الصادرة عن المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان إلى أن نسب توزيع الأشخاص ذوي الإعاقة حسب المحافظة تتفاوت، حيث ترتفع نسبتهم في محافظة بغداد لتصل إلى ما يقرب من 27 في المائة، تليها محافظة البصرة بنسبة 11.7 في المائة، ومن ثم محافظة بابل بنسبة 9.8 في المائة. أما أقل النسب فتظهر في محافظتي ميسان والمثنى.

وكشفت نتائج المسح الوطني للإعاقة، عن أعلى نسبة للإعاقة هي الإعاقة الحركية والتي تصل إلى 42 في المائة، تليها صعوبات التعلم بنسبة 21 في المائة، ثم تأتي الإعاقة البصرية بنسبة 15 في المائة، وبعدها الإعاقة السمعية بنسبة 9 في المائة. أما أقل نسبة للإعاقة فتعود للاعاقة العقلية وعدم القدرة على العناية الذاتية، والتي تبلغ 6 في المائة فقط من مجموع الأشخاص ذوي الإعاقة.

 

جهود تطوعية

وفي محافظة النجف، تبدي الشابة ياسمين اهتمامًا بإنشاء بيئة آمنة تجمع ذوي الاحتياجات الخاصة، وتسعى إلى تنظيم تجمعات أسبوعية تتضمن أنشطة وفعاليات متنوعة، بهدف دمجهم في المجتمع، وتخفيف شعورهم بالوحدة والعزلة.

تقول ياسمين علي، وهي رئيس فريق تطوعي يعنى بذوي الاحتياجات الخاصة، ان هناك ضرورة لإعادة النظر في القوانين السارية وتعديلها لتلبية احتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة، موضحة أن التعديلات يجب أن «تكون متناسبة مع المتطلبات الاقتصادية والصحية والاجتماعية الحالية، بهدف تخفيف معاناتهم، وتمكين دمجهم بشكل أفضل في المجتمع؛ اذ بات راتب الرعاية الشهري لا يكفيهم لاسبوع واحد».

وتضيق في حديث مع «طريق الشعب»، أن «الفريق خلال السنوات الأخيرة بدأ يعمل على جانب التمكين السياسي والاقتصادي، ويفتح باب النقاش مع الجهات الحكومية لمناقشة القوانين وضمان تنفيذها، بالإضافة إلى السعي لتهيئة البنية التحتية للدوائر الحكومية، بما يتلاءم مع متطلبات ذوي الهمم».

وتبين، أن « الدعوات من قبل ذوي الهمم مستمرة منذ سنوات»، مطالبةً الحكومات المحلية والمركزية بتقديم الرعاية المطلوبة وتوفير متطلبات الحياة والسكن الملائم والرعاية الصحية.

وتشير إلى وجود العديد من الطاقات والمواهب المخبأة داخل هذه الشرائح المنسية والمهمشة، الامر الذي يدعو الى توفير احتياجات هذه الشريحة المهمة.

عرض مقالات: