تواصل الكثير من النساء الفلاحات عملهن في المضني الاراضي الزراعية، بحب واعتناء كبيرين، في ظل غياب أو محدودية الدعم الحكومي للإنتاج الزراعي بشكل عام وللفلاحين بشكل خاص.
الفلاحة سهام احمد تحرص على الخروج مع ساعات الصباح الاولى، يومياً، الى ارضها في مدينة المحمودية جنوب غرب بغداد، لحصد ما زرعته من القمح ولجني محاصيل البطاطا والبامية. وتقول لـ “طريق الشعب” وهي في طريقها للحقل بأنها “تواجه صعوبة كبيرة في توفير مياه السقي للمحاصيل الزراعية، ولهذا اضطرت الى حفر 9 ابار مؤخراً دون أن تنجح في توفير المياه باستثناء بئر واحد تعتمد عليه لسقي ما تمكنت من زراعته”.
وتذكر ان “اغلب الفلاحين تركوا المهنة وتوجهوا للعمل في مهن اخرى بسبب الخسائر المادية، وقلة الدعم الحكومي”.
وتشدد على ان “الفلاح اليوم يتحمل تكاليف مالية كبيرة، خاصة وان الحكومة سحبت يدها من توفير البذور باسعار مدعومة وان هناك تقصير بتوفير المبيدات والاسمدة الامر الذي تسبب بتلف وخسارة الكثير من المحاصيل الزراعية”.
وعن ادارة شؤون منزلها اضافة الى العمل في المزرعة تفيد الفلاحة سهام بانها الى جانب نساء فلاحات اخريات من افراد عائلتها يعملن في التناوب، فهناك من تتحمل ادارة الشؤون المنزلية، واخريات يعملن في الارض الزراعية”.
وتقول سهام بلهجتها البسيطة “اني احب الزراعة واحب شغل المزرعة، وحتى لو الحكومة اهملتنا سنبقى نزرع”.
ولم يختلف واقع حال سهام عن الفلاحة الخمسينية اقبال ابراهيم التي حرصت هي الاخرى الى جانب رعايتها الى الارض الزراعية وادارة الشؤون المنزلية على تعليم بناتها. وتؤكد لـ”طريق الشعب” ان “الزراعة في العراق تعاني من اهمال كبير على الرغم من توفر العوامل المساعدة على تحقيق انتاج زراعي جيد”.
وتنبه الى ان هناك “تراجعاً كبيراً تعاني منه الزراعة في جميع محافظات البلاد، بسبب التهميش الحكومي وعدم توفير مواد مدعومة الكلفة للمزارعين، فضلا عن الاستيراد الخارجي لمحاصيل زراعية، تتوفر امكانية انتاجها محليا”.
وتذكر ان ابنائها وبعد ان كانت رعاية الارض الزراعية تقع على عاتقهم، فضلوا العمل بالوظائف الحكومية، وترك العمل في الزراعة، بسبب الخسائر المالية وتدني الارباح بشكل لا يتناسب مع مستوى الجهد”.
في هذا السياق يشدد الرئيس السابق للجمعيات الفلاحية حسن التميمي على عدم وجود رغبة لدى الحكومة بتنفيذ برامج عمل كفيلة لدعم القطاع الزراعي. ويقول لـ”طريق الشعب” إن “الفلاحات في جميع المحافظات يواجهن واقعاً متردياً، جراء فشل المؤسسات الحكومية والبرلمانية في وضع التدابير والخطط اللازمة من أجل إنقاذ الفلاحات من واقع الظلم والتخلف الذي تعيشه النساء في البلاد”.
ويوضح التميمي أن “نسبة سكان الريف في البلاد تصل الى 42 بالمائة، وتمثل المرأة الفلاحة نصف عدد ممتهني الزراعة “ لافتا إلى أن “جميع الخطط التي تقدموا بها للحكومة لم تطبق بشكل فعلي، خاصة وأن قطاع الزراعة تحكمه تقاليد وظروف تختلف عن البلدان الأخرى”.
ويرى التميمي ان “المناطق الزراعية اليوم باتت تعتمد على عمل النساء، وبالتالي هناك حاجة ملحة لدعمهن، عبر توفير مواد عمل مدعومة الكلفة، فضلا عن الضمانات الصحية للعاملات”.
من جانبها، تتحدث الناشطة امال جويد عن واقع حال النساء الفلاحات بصورة عامة فتقول لـ”طريق الشعب” “للأسف لا نمتلك إحصائية دقيقة عن أعداد النسوة العاملات في الزراعة من أجل وضع الحلول لمشاكلهن واحتوائهن”.
وتلفت الإنتباه إلى أن “المرأة الريفية ضحية بسبب التقاليد والانتهاكات التي تمارسها العشيرة بحقها” وعن دور منظمات المجتمع المدني في حماية النساء تقول جويد “نعجز عن تقديم المساعدة، في ظل عدم وجود مخصصات مالية، كذلك لا توجد جهود من الحكومة لإيقاف هذا التدهور”.
وعن واقع القطاع الزراعي، أكدت جويد على أنه و “بالرغم من طرح العديد من المشاريع والإستراتيجيات للنهوض بهذا القطاع الذي يعاني تدهوراً كبيراً ، لم نلمس أي تغيير على أرض الواقع بسبب الفساد المستشري”.
وتلفت الإنتباه الى ان “التراجع في مستوى الزراعة في البلاد لا يقتصر على غياب الدعم، حيث تلعب التأثيرات المناخية هي الاخرى دوراً سلبياً يضر بعمل الفلاحات المتنوع والواسع، فارتفاع درجات الحرارة وشح مياه الامطار خلال السنوات السابقة وتجاوزات دول الجوار على الحصص المائية للعراق، ادى الى هلاك اراضي زراعية واسعة واجبار الفلاحين على الهجرة والعمل في ميادين اخرى”.