اخر الاخبار

كان نحو ثلاثة أرباع الإنتاج العالمي من التمر يأتي من العراق، قبل أن تحطم الحروب والتغييرات المناخية والإهمال على مدى عقود، هذا الإنتاج حيث تراجعت حصة البلاد من الإنتاج العالمي إلى نحو 5 بالمائة فقط.

ويعود العمل في تعبئة التمور قبل تصديرها، الى ثمانينات القرن الماضي. وفي عام 2009، وبمساعدة قرض من الحكومة، اقيم معمل لتعليب التمور في قضاء الحسينية بمحافظة كربلاء، والذي يتيح اليوم فرص عمل للكثير من النساء، من العوائل الفقيرة والمتعففة، واللواتي يتوليّن فرز أطنان من التمر قبل تعبئتها، ليتسنى لصاحب المعمل تصديرها الى خارج البلاد.  وبهذا الصدد يقول حسين عبود، صاحب المعمل إن « المعمل يضم نحو 100 عاملة بأعمار مختلفة تبدأ من 18 إلى 70 عاماً، ويوزّع العمل بما ينسجم مع عمر العاملة، حيث يكون من مهام العاملات الصغيرات في السن، الوظائف التي تتطلب الحركة والنقل، أما الأكبر سناً فيعملن في الفرز». ويضيف، أن «العاملات بصورة عامة من محافظات مختلفة، ولسن من كربلاء فقط، حيث هناك من ذي قار ويسكن مع أقربائهن في المحافظة، أما اللواتي في محافظة بابل فهناك خط نقل خاص يتولى توصيلهن ذهاباً وإياباً كل يوم».

عمل مكثف وشاق

يتواصل العمل في المعمل لمدة 6 أيام في الإسبوع فيما يحصل العاملون على يوم الجمعة كأجازة اسبوعية. وتتحدد ساعات العمل اليومي بثماني ساعات، حيث تبدأ في الساعة 7 صباحاً وتنتهي عند الساعة الرابعة مساءً، مع ساعة لاستراحة الغداء. ويعّد العمل موسمياً، إذ يغطي سبعة اشهر فقط من السنة، بين شهر أيلول حين يتم استلام التمور من الفلاحين، وشهر نيسان. وتكون ذروة النشاط خلال فصل الخريف، لإرتفاع الطلب على التمور.

تمر عراقي متميز

يضيف صاحب المعمل قائلاً «انتاجنا ليس للأسواق المحلية، وإنما جميعه يُصدّر للخارج ولعدة دول، أبرزها الهند، ومن ثم تأتي بعدها تركيا ومصر وباكستان وبنغلادش واليمن، ويقدر تصدير هذا العام بألف طن شهرياً».

ومن أفضل انواع التمر العراقي التي يتعامل معها المعمل، تمر الزهدي، الذي يعّد من «أكثر أنواع التمور وذلك لوفرته محلياً، حيث يتم توزيع صناديق بلاستيك على الفلاحين من كربلاء وبابل، ومن الكوت والصويرة بواسط، ومن الطارمية ببغداد، لتعبئة التمور من الدرجة الأولى فيها، وبعدها يتم جلب هذه التمور إلى المعمل لتعليبها تمهيداً للتصدير» حسب ما يفيدنا به صاحب المعمل.

وفيما يتعلق بتأثير أزمة الدولار على العمل، يشير إلى أن «حركة سعر صرف الدولار صعوداً وانخفاضاً تؤثر على العمل، إذ إن البيع للخارج يتم بالدولار، لذلك تحصل خسارة عند تسديد مستحقات الفلاح بالدينار العراقي».

قصة كفاح مثالية

أم سعد (65 عاماً)، كادحة من محافظة بابل، رفضت أن تستسلم لظروف الحياة بعد وفاة زوجها، وواجهتها بشجاعة لتربي أولادها وتعلمهم وتزوجهم، وكل ذلك من خلال العمل الشاق في معمل تعبئة التمور. تقول أم سعد التي تشغل وظيفة مسؤولة النساء في المعمل «أعمل منذ أكثر من 20 عاماً هنا، ومن هذا العمل استطعت أن أوفر لأطفالي ما يحتاجوه. كما ساعدتُ في توظيف 20 امرأة من بابل، يأتين معي يومياً عبر خط نقل خاص يوفره المعمل «. عاملة أخرى تدعى أم خلود (32 عاماً) من محافظة كربلاء، تقول إن «العمل يتم بأياد نسائية فقط، ويجري بأجواء مريحة، حيث إن الزميلات يساعدن بعضهن في العمل، وانا راضية بعملي ومقتنعة به».