يستعد العراق للاتفاق مع عدد من الدول التي لديها باع طويل في التكنلوجيا المتقدمة، لتوريد المصانع مقابل ضمانات سيادية، وذلك في خطوة مهمة، لتطوير الانتاج الصناعي وتخليص الاقتصاد من طابعه الريعي المشوه. ويبرز أمام هذا التوجه الحكومي عدد من التحديات التي تحتاج إلى معالجات سريعة، أهمّها وجود بنية تحتية أساسية مناسبة، وتوفير التمويل اللازم للمشاريع الصناعية، إضافة الى سلسلة من التشريعات القانونية المرتبطة بهذا التوجه.

في طور الاتفاق

وفي هذا الشأن، قال مستشار رئيس الوزراء للشؤون الفنيَّة محمد الدراجي، إن “العراق في طور الاتفاق مع خمس دول لتوريد مصانع، وهناك لجنة مشكلة بتوجيه من رئيس الوزراء، لتنفيذ فقرة في الموازنة تنص على منح الحكومة ضمانات سيادية لصالح استيراد خطوط إنتاجية ومعدات زراعية للقطاع الخاص العراقي”.

وأضاف الدراجي، ان “هذه الدول هي ألمانيا وإيطاليا واليابان والصين وإسبانيا، إضافة إلى بنك التنمية الإسلامي. وتأتي هذه الخطوة المهمة لتقوية الاقتصاد العراقي وتغيير فلسفته في الأداء”.

حماية المُنتج العراقي

ووفي هذا الشأن، قال المستشار المالي لرئيس الوزراء، د. مظهر محمد صالح، أنّ السوق هو وليد الدولة ورعايتها، والرؤية الاقتصادية في العراق اليوم تتمحور حول الشراكة بين الدولة والسوق، بينما مساهمة الدولة او الحكومة بالناتج المحلي الاجمالي يصل الى 65 في المائة وهي مساهمة كبيرة.

 ونوه في حديث لـ”طريق الشعب”، بأن “جزءاً من رعاية الدولة للسوق، هو التفكير بكيفية النهوض بالصناعة العراقية، بالإستفادة مما هو موجود في بلدان العالم المتقدم، فقد تم تدمير الصناعة العراقية منذ العام 1980، لذلك يجب أن تتم اعادتها عبر تكنلوجيا جديدة مع بلدان متقدمة مثل المانيا واليابان وكوريا، وهذا كله بحاجة الى دعم ورؤية وارادة حكومية”.

وذكر صالح ان “حصة الفرد من الصادرات الصناعية سنوياً يصل الى 4 دولارات، وهو رقم مضحك، بينما حصة الفرد من الناتج الصناعي التحويلي بعيداً عن النفط يصل 108 دولارات، وبالتالي تكون مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الاجمالي اقل من 1 في المائة. بينما متوسط دخل الفرد 5000 دولار، بما معناه ان هذا الدخل يأتي من النفط”.

ولفت الى انه “على هذا الأساس هناك توجه حكومي للنهوض بالصناعة التحويلية وفي اتجاهين؛ أولهما بالشراكة مع القطاع الخاص، وتكللت بصدور قانون الإصلاح الاقتصادي، الذي صادق عليه مجلس الوزراء الثلاثاء، وأحاله الى مجلس النواب”. “أما الاتجاه الثاني فيكون عبر رعاية الدولة للصناعة والتنمية الصناعية بالقطاع الخاص، ما سينتج لدينا قطاع خاص صناعي برعاية حكومية، وهذا هو بالأساس جزء من فلسفة الدولة القائمة على الشراكة بينها وبين السوق”.

وخلص إلى القول: انّ من الضروري ان تكون هناك صناعات بتكنلوجيا متقدمة تخلق التنافسية وتحل محل الاستيرادات جزئياً او كلياً، مؤكدا “حاجتنا الى تفعيل قانون التنمية الصناعية وقوانين الاستثمار لتقديم الضرائب وحماية المنتج العراقي من الاغراق السلعي وغيره”.

بيئة جاذبة وقاعدة قانونية

الى ذلك، اكد الخبير الاقتصادي، باسم جميل انطوان ان هذه الخطوة “مهمة لإعادة بناء قاعدة انتاجية في مجال الصناعة والزراعة والنقل والسياحة والخطوط، بضمانات من البنك المركزي وبنك جي. بي. مورغان المتعاقد مع بنك TBI”، مؤكدا ضرورة ان “تدرج كل اتفاقية بمفردها وبشروطها، وان لا يكون هناك انبطاح او استسلام لكل ما يطلب”.

وقال لـ”طريق الشعب”،  إن “هذه الخطوة تحتاج بالدرجة الاساس الى ان يكون هنالك كادر فني وكفاءات وعدم استيراد عمالة من الخارج، ومن جانب اخر يجب تشجيع الاستثمار عبر خلق ظروف عمل وبيئة جاذبة ومناسبة للمستثمر، وقاعدة قانونية تتخطى الروتين والبيروقراطية ولا تعرقل العمل، وتخلق بيئة قانونية تفتح المجال امام المستثمر الحقيقي للعمل والانتاج دون التعرض لمضايقات او ابتزاز وهذه شروط اساسية”.

وشدد على ضرورة ان تكون هوية الاقتصاد العراقي واضحة ومفهومة: “نحن نرفع شعار اقتصاد السوق ونعمل بقوانين النظام السابق، وهذا تناقض كبير لا يحدد التوجه الاقتصادي، ان كان اقتصادا رأسماليا او اشتراكيا او موجها، وهنا يجب ان يكون هناك توفيق في هذه القضية بالتحديد”.

كما اكد ضرورة “عدم عرقلة سير عملية التنمية الصناعية، فلا يمكن اليوم ان ننهض بدون عملية تنمية وتعاون واتفاقيات مع دول عديدة متطورة، تمتلك امكانيات منها الصين وغيرها من دول لها باع طويل في هذا المجال”.

عرض مقالات: