يعد العراق واحدا من أكثر الدول تلوثا بالألغام ومخلفات الحروب غير المتفجرة، والتي هي بمثابة قنابل موقوتة تحصد أرواح عراقيين كثر أو تتسبب لهم بعاهات مستديمة.

وفي وقت سابق، أعلنت وزارة البيئة، أنها بصدد وضع خطة سيتمكن العراق وفقها بحلول العام 2028 من حسم الملف.

وتدور أعداد ضحايا الألغام وفق الوزارة حول رقم 30 ألفا.

وفي تصريح سابق للوزارة خصت به “طريق الشعب”، فإنها تنتظر إقرار الموازنة كي تحسم الملف بحلول العام 2028، إلا انها وجدت الأموال “غير ملبيّة للطموح” بعد إقرار الموازنة، الامر الذي يعني تمدد ملف الألغام الى ما بعد التوقيتات المتفق عليها.

شحّ الأموال

تقول هند الزاملي (عاملة في منظمة متخصصة بمسح الأراضي الزراعية من الألغام)، إن “أغلب الألغام مرتبطة بالحرب العراقية الإيرانية وما تلتها من حروب، وصولا إلى احتلال تنظيم داعش لبعض الأراضي العراقية”.

وتضيف الزاملي في حديث مع “طريق الشعب”، ان هناك خطرا كبيرا على المواطنين الساكنين بالقرب من الأراضي الملوثة، حيث تحرص المنظمة على “وضع اللافتات التحذيرية في المناطق المشبوهة لحين تنظيفها بالكامل”، مبينة أن “العديد من الأشخاص لقوا مصرعهم وبعضهم تعرض إلى تشوهات مستدامة. وتعود اغلب الأراضي إلى مزارعين، تلوثت أراضيهم خلال نزوحهم منها”.

وتوضح الزاملي، أن التلوث البيئي الناتج عن انفجار الألغام والذخائر، ليس محصوراً بالهواء والتربة والمياه السطحية والضجيج فقط انما هناك مواد كيماوية خطرة تذهب عن طريق المنافذ التصريفية إلى الأنهار والمناطق المجاورة لمواقع الانفجارات، مسببة تلوثاً للمياه الجوفية.

وتعد الزاملي، أنّ سبب عدم إنهاء ملف الألغام في العراق، يعود إلى “قلة التخصيصات المالية، وضعف الدعم البشري”، مشيرة إلى أن العراق ملتزم باتفاقيات دولية محددة بتوقيتات زمنية لإنهاء ملف الألغام.

تحديات

وفي سياق السعي لمعالجة هذا الملف، صادقت اللجنة الوطنية العليا لشؤون الألغام على استراتيجية دائرة شؤون الألغام الوطنية للأعوام 2023-2028.

يقول مدير قسم التوعية في دائرة شؤون الألغام، مصطفى حميد إن “الألغام في العراق تنقسم إلى عدة أنواع، فهناك الذخائر العنقودية والألغام المضادة للأفراد والدروع بالإضافة إلى العبوات الناسفة”. ويبين حميد خلال حديث مع “طريق الشعب”، أن “محافظة البصرة تتصدر القوائم الأولى بحجم التلوث في العراق، تليها كل من ديالى والأنبار وبابل”.

ويشير حميد إلى وجود ثلاث اتفاقيات تهدف إلى التخلص من التلوث بالألغام: اتفاقية أوتاوا للألغام المضادة للأفراد، واتفاقية القنابل العنقودية، واتفاقية خاصة بالعبوات الناسفة.

ويشير إلى أن السقف الزمني للاتفاقيتين الأولى والثانية ينتهي سنة 2028، عازياً تأخر العراق في تنفيذ الاتفاقية السابقة، التي كان من المفترض الانتهاء منها سنة 2018، الى “الحرب التي خاضعها العراق مع تنظيم داعش وعدم توفر الموارد المالية، بالإضافة إلى عدم إقرار الموازنات السابقة”.

وعن مدى إمكانية غلق ملف الألغام بموجب الاتفاقيات الجديدة، يؤكد حميد أن “خلو العراق من الألغام يعتمد على القدرات البشرية والمالية واللوجستية”، لافتا إلى أن الموازنة الثلاثية وفرت بعض التمويل لتنظيف الأراضي الملوثة، إلا انه تمويل لا يلبي الطموح.

وتأسست دائرة شؤون الألغام في عام 2003، وحُدد وقتها حجم التلوث بالألغام والذخائر بحوالي 6400 كيلومتر مربع، وتقدر المساحة الملوثة اليوم بحوالي 2100 كيلومتر مربع، اي بنسبة إزالة تتجاوز الـ 57 في المائة، حسب ما أدلى به مصطفى حميد في حديثه.

خطر أمني وبيئي

من جانبه، يؤكد مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية د. غازي فيصل أن “وجود الألغام في الأراضي العراقية يسبب مشاكل أمنية وبيئية، كما يحول مناطق زراعية شاسعة وأخرى صحراوية إلى حقول موت وخراب”.

ويضيف في حديث مع “طريق الشعب”، إن “وجود تلك الالغام ينعكس سلبا على عجلة التنمية والتطوير في تلك المناطق، وحتى المحيطة بها والقريبة منها”.