طوى الطلبة والشباب عاما آخر كان شبيها بما سبقه من أعوام؛ فلم يجنوا منه سوى الوعود بتحسين واقع الحال، عدا حلول ترقيعية هنا وهناك لم تحدث فارقا في حياتهم، التي تتحكم بمصيرها منظومة المحاصصة والفساد المسيطرة على نظام الحكم منذ أكثر من عقدين، ما أدى الى مزيد من التدهور في الأوضاع السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية وغيرها.

خيبة أمل

وفي هذه الأجواء المعقدة، تجولت جريدتنا “طريق الشعب” في شوارع بغداد، والتقت بشبيبتها لتستطلع آراءهم بالعام 2023 المنقضي، للتعرف الى وجهة نظر الشباب والطلبة بواقع البلاد، والى آمالهم وتطلعاتهم بالعام الجديد.  ويستعد محمد ماجد، خريج هندسة حاسبات ويدرس هندسة كهرباء في احدى الجامعات الأهلية حالياً، لاستقبال العام الجديد، بالعديد من الأمنيات والتطلعات، فهو يعمل في مجال توصيل الطعام (دلفري) الى البيوت، لإعانة عائلته وتغطية تكاليف دراسته، التي لم يتبق منها سوى عام واحد.

يقول ماجد في حديث لمراسل “طريق الشعب”، ان العام الذي يوشك على الانتهاء “كان محملاً بالصعاب. كما هو حال الأعوام التي سبقته، بسبب الضغط الذي أعاني منه وصعوبة تقسيم الوقت بين العمل لساعات متأخرة بعد منتصف الليل، وبين الدراسة؛ حيث اطمح لأن أكون متفوقاً في المرحلة الأخيرة، كما كنت في المراحل الثلاث الأولى”.

ويضيف قائلاً “عملت لسنوات بعد تخرجي من التخصص الأول (هندسة الحاسبات) دون ان أحقق طموحي وأتدبر أموري، فلم أتمكن من الظفر بوظيفة مناسبة لا في الحكومة ولا حتى في القطاع الخاص؛ فقررت دراسة اختصاص اخر”.

ويعرب ماجد عن أمنيته “ان يكون العام الجديد مفتاحاً لتحقيق تطلعاتنا وآمالنا. نتمنى من المعنيين الالتفات الى مشاكلنا ومعالجة قضايانا بجدية، فحجم المعاناة الذي قاسيناه كبير منذ عشرين عاماً، وآن الأوان لان ينتهي هذا المسلسل المؤلم”.

استغلال لمعاناة الشباب

حيدر حسين (شاب آخر)، يصف العام 2023 بأنه “لم يشهد شيئا جديداً أو تغيرا كبيرا على الصعيد الاقتصادي في عموم البلاد وفي أحوال الناس”، مردفا “سمعنا الكثير من الوعود التي يغدقها السياسيون على الشعب، لكن الواقع بالنسبة للناس في تراجع مستمر عاماً بعد اخر، سياسياً واقتصادياً وحتى اجتماعياً”.

ويقول حسين لمراسل “طريق الشعب”، إنّ “أحوال الشباب هي الأخرى كباقي مفاصل البلد وقطاعاته لا تزال تعاني من عدم اكتراث او اهتمام الطبقة السياسية بهموم الشباب. بل ربما تتعمد هذه الطبقة تعميق أزمات الشباب وزيادة حجم معاناتهم”، معللاً ذلك بأن “المتنفذين يريدون استغلال هذه المعاناة، وتوظيفها لاستقطاب اكبر عدد ممكن لخدمة مصالحهم السياسية الضيقة”.

ويؤكد حسين، أن “حالة القطيعة بين النظام السياسي والشباب العراقي، لا يمكن لها ان تشهد انفراجة في ظل الأوضاع الراهنة”.

ولا يبدو حسين متفائلا بالعام 2024: “لا أتوقع أية مستجدات كبيرة او تغييرات جوهرية في العام الجديد، وهذه ليست نظرة متشائمة او سوداوية، بل نابعة من واقع سيئ نعيشه منذ 20 عاما، والخلل واضح وفاضح، فالقوى السياسية التي تدير أمورنا فشلت وستفشل في إدارة البلد، وهذا معكوس على واقعنا الاجتماعي والاقتصادي”.

الفساد ينهش بأعمارنا

منار خالد، أشرت في مستهل حديثها لـ”طريق الشعب”، اكثر حدث مؤلم شهدته هذا العام “هو فاجعة عرس الحمدانية، والتي خلفت العشرات من الضحايا، إذ تحولت لحظة فرحهم الى مأساة كبيرة لهم ولجميع الناس، والتي كانت نتيجة تقصير في أداء الجهات المعنية، وربما الفساد أيضاً، الذي يقضم أعمارنا أينما حل وارتحل”.

وتتطلع خالد الى عام جديد “لا يشبه الأعوام الماضية التي نحتفل في بدايتها، ونقضي ما تبقى منها ونحن نواسي بعضنا، في فواجع وظواهر وصراعات. نحن الضحايا فيها، ونحن الأرقام التي تدون والقصص التي يكتب”.

غياب إشكال الدعم للشباب

وبالنسبة للشابة جيهان محمد (خريجة هندسة)، لكنها عاطلة عن العمل.

تقول جيهان إنها ترفض أن تستسلم للواقع المرير: “أواخر هذا العام اتخذت قراراً بعدم انتظار فرصة التعيين في أي مجال، وقمت بترتيب أوضاعي المادية، وبدأت بتأسيس مشروعي الخاص: متجر الكتروني”.

وشرعت جيهان بالعمل قبل شهرين، وعلى الرغم من ان المشروع في بداياته وموارده لا تزال بسيطة، إلا إنها تتوقع له النمو والنجاح.

وتحث جيهان في حديثها مع مراسل “طريق الشعب”، أقرانها الشباب على “البدء بفتح مشاريع صغيرة، والعمل من نقطة الصفر، فبرغم صعوبة البدايات لكن نهاية المطاف ستكون أفضل”.

وتشدد على ضرورة “عدم اتكال الشباب او تعويلهم على أية حلول سياسية يعد بها المسؤولون، لأنهم بعيدون كل البعد عن معاناتنا، ولا يفهمونها أيضا. كما ان الشباب ليسوا ضمن أولوياتهم”، مبينة ان حديث رئيس الوزراء الأخير هو “دليل عجز الدولة عن استيعاب الخريجين. وهذا الاعتراف منه وان جاء متأخراً، يحمله مسؤولية إيجاد الحلول بدعم القطاع الخاص وخلق البيئة المناسبة له، حتى ينشط ويوفر فرص العمل المطلوبة”.

واختتمت جيهان محمد حديثها بأهمية دعم الشباب من أصحاب المشاريع الصغيرة؛ فهؤلاء يحملون طموحاً، وقرروا الاعتماد على أنفسهم وبناء مشاريعهم في بيئة صعبة لا تشجع.