لا تخرج المدارس الأهلية في العراق من خانة الاستثمار الذي يستهدف الربح بعيدا عن الأهداف التربوية والتعليمية، الامر الذي أثر بصورة ملحوظة على هذا القطاع الحيوي، الذي أضحى عبئا على الأهالي والطلبة والحكومة أيضا، وفقا لناشطين.

سوء المعاملة

نادية الحلفي الى نقل ابنتها الى مدرسة أهلية بسبب «سوء التعامل» في المدرسة الحكومية.

تؤكد الحلفي لـ»طريق الشعب»، أن «مدرسات بعض المواد في مدرسة ابنتها سارة، مارسن نوعا من الابتزاز غير المباشر: من لم تشترك في الدروس الخصوصية لتلك المدرسات، تواجه التضييق والمحاربة داخل الصف، وبطرق مختلفة: التعامل، الدرجات، طريقة التدريس وغيرها».

وتردف الحلفي قولها: إنه «بسبب محدودية الدخل العائلة لم نستطع الحاق ابنتنا الصغرى بأختها الكبرى».

وتتراوح أجور المدارس الأهلية الثانوية بين مليون ونصف المليون و5 ملايين دينار في بغداد، ولا تشمل تلك الأجور تجهيز الطلبة بالكتب المنهجية والزي المدرسي.

ويصل عدد المدارس الأهلية الابتدائية والثانوية في العراق إلى 2884 مدرسة، بحسب إحصائية لوزارة التخطيط، نشرت منتصف العام الحالي.

تجارة تعليمية

يقول الناشط في مجال التعليم، علي حاكم: إن «العملية التعليمية في العراق فقدت جوهرها الحقيقي، وحصر هدف التعليم بالمنفعة وليس التعلم»، مشيرا إلى أن «الطلاب لا يدرسون لاكتساب المعرفة انما للحصول على شهادة دراسية بأي بصورة ممكنة، أملا في الحصول على وظيفة حكومية، تلحقه بجيوش البطالة المقنعة في مؤسسات الدولة».

ويضيف حاكم لـ «طريق الشعب»، أن «الحصول على وظيفة يشكل حقا مشروعا لكل مجتهد، لكنه أضحى هو الهدف الأساسي من العملية التربوية!»، مشيرا الى ان «الكثير من الخدع التعليمية أضحت تمارس داخل القطاع عبر المدارس والمعاهد الأهلية؛ منها (التعليم عن بعد) حيث يتم دفع مبالغ مالية مقابل الحصول على فيديوهات تعليمية، أو بيع (كارتات الامتحانات)، حيث إنّ العديد من معاهد التدريس يقف خلفها تجار التعليم، بالإضافة إلى استحداث ملازم إضافية وبأسعار كبيرة».

وينصح المتحدث بضرورة العودة إلى أساسيات التعليم التي تستهدف تمكين الطالب من المواد العلمية، مستدركا بالقول إنّه «في السابق لم يكن هناك مشكلة او ملاحظات على التعليم الحكومي او الأهلي، كون الجوهر كان ذاته في القطاعين»، لكنه يجد اليوم أن هذه المشاريع «ساءت الى العملية التربوية في البلاد، وأصبح الجميع يتاجر بها سواء من جانب الاهل ام من قبل المستثمرين الذين وجدوا ان البيئة الحالية مهيأة لإنشاء تلك المعاهد والمدارس التي تستهدف الربح».

ابتزاز

تقول سميرة الخفاجي ـ مدرسة في إحدى المدارس الثانوية ببغداد ـ إن «بعض الطلبة في المدرسة يتفاخرون باشتراكهم في الدروس الخصوصية عند المدرسين الأعلى أجرا»، مشيرة إلى ان ذلك أضحى عرفا لدى طلبة المدارس لا سيما في مناطق وسط العاصمة.

وتضيف الخفاجي في حديث مع مراسل «طريق الشعب»، أن بعض الأساتذة يمارسون الابتزاز بحق الطلبة ربما بصورة غير مباشرة، من اجل إجبارهم على الاشتراك في الدروس الخصوصية التي يقدمونها للطلبة في المعاهد الأهلية»، والتي عادة ما تكون بالقرب من المدارس الحكومية، لأنها تستهدف طلبها.

وفي مقابل ذلك، تذكر الخفاجي أن كثيرا من الطلبة لا يزالون يعتمدون على مصادر بسيطة، ويستعينون بوسائل التواصل الاجتماعي او قنوات اليوتيوب لاستيعاب الدروس».

وتأمل الخفاجي من كافة التدريسيين والمعلمين أن يكونوا فعلا رسل التعليم والتربية، ويعملون بمهنية ومصداقية، تليق بما يحملون من ألقاب علمية.