لم تكن صفاء عبود (35 عاما) تعرف أن المرض الخبيث الذي أصاب قدمها سيحولها من ضحية إلى بطلة رياضية تحقق إنجازات كبيرة، لترفع من سقف طموحها رغم الظروف الصحية التي مرت بها طوال سنوات، والتي تسببت ببتر قدمها.

وتحمل صفاء وهي من مواليد مدينة الناصرية معاناتها وهمومها كامرأة، عاشت في ظروف استثنائية تتحدى الوجع لتقتنص فرص النجاح والفوز في كل مناسبة رياضية، تقف عند كل منها حاملة علامة الانتصار.

تقول صفاء لـ”طريق الشعب” إن والدتها عملت المستحيل من أجلها كي تتجاوز التحديات المجتمعية، والأهم هو مساعدتها في إكمال الدراسة، وتضيف “أمي أخرجتني من العدم”.

ولأيام طويلة ظلت الأم تدفع صفاء على الكرسي المتحرك، رغم سوء حالة الشوارع والظروف الجوية الصعبة التي مرت بها طوال فترة دراستها، حيث تقضي الأم اليوم كاملا مع ابنتها في المدرسة.

الشابة صفاء تعد محظوظة مقارنة بالكثير من النساء ذوات الهمم، فهناك الكثير منهن يعشن في ظروف صحية واجتماعية واقتصادية أصعب.

وفي هذا السياق تفيد الناشطة نوال مهدي عباس أن “ذوات الاحتياجات الخاصة يفتقدن كافة اشكال الرعاية الصحية، فضلا عن قلة الرواتب التي تمنحها لهن الرعاية الاجتماعية”.

وتقول لـ”طريق الشعب” أن “رواتب النساء المستفيدات من الرعاية الاجتماعية لا تتجاوز 250 ألف دينار شهريا” مشيرة إلى أن “هذا المبلغ لا يكفي لسد متطلبات العلاج، الذي ترافقه ظروف معيشية صعبة”.

وتذكر نوال أن “النساء ذوات الهمم لا تقتصر معاناتهن على ضآلة المخصصات المالية وغياب الرعاية الصحية، وإنما أيضا يعانين من تهميش مجتمعي كبير”، موضحة ان “البنى التحتية التي تعمل الحكومة على تحقيقها خالية من احتياجات مواطني الاحتياجات الخاصة”.

  وتواجه النساء والفتيات من ذوات الإعاقة والاحتياجات الخاصة التمييز بشكل مضاعف، مرة بسبب النوع الاجتماعي ومرة بسبب الإعاقة.

وتقول الباحثة الاجتماعية إخلاص حبيب إنه على الرغم من وجود يوم عالمي لذوي الإعاقة، إلا أن أغلب النساء ذوات الهمم يتعرضن للعنف والمعاملة السيئة من العائلة، ومن المجتمع الذي يرى وجودهن وصمة عار لعوائلهن، لا يمكن التغاضي عنها أو نسيانها. مشيرة إلى وجود انتهاكات وإهمال كبير تتعرض له ذوات الاحتياجات الخاصة من قبل أسرهن “فضلا عن سلوكيات استغلال رواتبهن ورواتب المستفيد المتفرغ، وإهمال رعايتهن”.

وتنبه الباحثة الاجتماعية إلى وجود تقصير حكومي كبير في متابعة الأوضاع الصحية للمواطنين ذوي الاحتياجات الخاصة بصورة عامة،  وان من الواجب بصورة خاصة محاسبة كل من يعنف النساء من ذوات الهمم وينتهك حقوقهن.

من جانبها تقول المحامية والناشطة وداد الكعبي أنه “على الرغم من ان القوانين الدولية والمحلية تقر بأحقية العمل والتعليم لجميع المواطنين دون تمييز، إلا أن ذوي الاحتياجات الخاصة يواجهون ظروف حياة صحية واقتصادية صعبة”. وتشير إلى أن العوامل الاجتماعية والتقاليد لا تعطي الحق لذوات الإعاقة الإناث في الخدمات الصحية والتعليمية والتأهيلية مقارنة بالذكور.

وتذكر لـ”طريق الشعب” أن الأمية عند النساء ذوات الإعاقة في تزايد كبير، كما أنهن مستبعدات بشكل كامل من الخدمات التأهيلية التعليمية المهمة، ومن العمل والاندماج في المجتمع، فضلا عن رفض فكرة تزويجهن وتكوين أسرة.

وتنبه إلى ضرورة أن تعمل الحكومة ومنظمات المجتمع المدني بشكل مكثف، لاحتواء النساء ذوات الهمم، خاصة وان الكثير منهن يمتلكن مواهب كبيرة على الرغم من الإعاقة.