اخر الاخبار

لا تختلف نهاية العام الحالي عن نهاية سابقه كثيرًا، فقد عادت الحشود المنادية بتعديل سلم الرواتب لموظفي الدولة وتوفير فرص العمل، للتظاهر مجددًا، مذكّرة المسؤولين بالوعود التي أطلقوها قبل تشكيل الحكومة الحالية وتعهدهم بمعالجة هذه المشكلات التي يبدو أنها تفاقمت أكثر نتيجةً لاعتماد سياسات “إطفاء الحرائق” وقد تكون ساهمت في تهدئة الشارع قليلًا قبل أن يعود للاحتجاج، وربما بشكل أكبر في الأيام القادمة.

تعديل سلم الرواتب

وشهدت ثمان من المحافظات، أمس السبت، تظاهرات احتجاجية طالبت بتعديل سلم الرواتب للموظفين في مؤسسات الدولة.

وقال مراسلو “طريق الشعب”، ان “المئات من الموظفين نظموا تظاهرة احتجاجية كبيرة امام مبنى وزارة المالية في العاصمة بغداد، مطالبين بإقرار قانون الخدمة المدنية الذي يشمل فقرة سلم الرواتب”.

وأضافوا أنّ “موظفي محافظة ذي قار نظموا تظاهرة كبيرة أمام مبنى المحافظة، رافعين شعارات تطالب الحكومة بالوفاء بوعودها وتعديل سلم الرواتب”، كما أنّ “موظفي السماوة جابوا شوارع المحافظة في مسيرة كبيرة مطالبين فيها الحكومة بالنظر إلى أوضاعهم وعدم إغفال وتجاوز مطالبهم المشروعة”.

ونوه المراسلون الى ان “محافظات كربلاء والنجف والديوانية ونينوى شهدت هي الأخرى تظاهرات حاشدة طالبت بتعديل سلم الرواتب، فيما لوح المحتجون بالتصعيد في حال عدم الاستجابة لمطالبهم”، مشددين على أن “المحتجين طالبوا الحكومة بالوفاء بوعودها وتعديل سلم الرواتب، ولاسيما في ظل الغلاء المعيشي الحاصل جراء ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار والذي أدى الى ارتفاع أسعار اغلب السلع والبضائع ولاسيما المواد الغذائية منها”.

وأضافوا أن “محافظة البصرة شهدت تظاهرة احتجاجية مطالبة بتعديل سلم الرواتب تزامناً مع زيارة رئيس الحكومة اليها”.

اشتباكات مع المتظاهرين

واشتبكت قوات مكافحة الشغب مع المتظاهرين المطالبين بتوفير العمل وأصحاب العقود عند بوابة مدينة الفاو جنوبي البصرة، واستخدمت القوات الأمنية الهراوات لتفريق المتظاهرين الذين تجمعوا بانتظار وصول رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. كما تجمع العشرات في تظاهرة ثانية عند بوابة المستودع النفطي، إذ زار السيد السوداني قضاء الفاو بهدف افتتاح مشروع طريق الفاو – بصرة، وحضور مناسبة رسو أول سفينة على الرصيف رقم واحد في ميناء الفاو الكبير.

ونظم موظفون في شركة kent بحقل الرميلة الشمالية النفطي، اعتصاما امس أمام مقر الشركة بمحافظة البصرة، بسبب تحويل رواتب الموظفين من الدولار إلى الدينار العراقي بسعر الصرف العام للدولة، ما يؤدي إلى استقطاع 20 في المئة  أو أكثر من الراتب الإجمالي للموظف.

وفي السياق، نظم العشرات من المهندسين العاملين في الشركات النفطية الأجنبية وقفة أمام مقر شركة نفط ميسان، احتجاجا على عدم استلام رواتبهم الشهرية بعملة الدولار، ما تسبب بخسارات مالية لهم بسبب فرق سعر الصرف.

وقال عدد منهم إن الشركات النفطية لم تحترم أصل العقد بينها وبين الكوادر العراقية العاملة معها والالتزام بتسليم الراتب الشهري كما وردت قيمته العقدية بالدولار. كذلك لم تعمل بجدية على تعزيز العمالة الوطنية وتفعيل دور المهندس العراقي وكل تلك المطالب سيقدمونها من خلال هذه الوقفة إلى شركة النفط، كونها تتمتع بسلطة التواصل والضغط على الشركات النفطية الأجنبية.

احتجاجات للمعلمين

الى ذلك، نظم العشرات من الكوادر التربوية في محافظة ذي قار وقفة احتجاجية أمام مبنى إدارة المحافظة، مطالبين بتنفيذ الوعود التي قطعتها بشأن تصميم حي سكني يلبي طلبات المعلمين والتربويين بأسرع وقت، وقبل موعد الانتخابات المقبلة.

وقال أحد المحتجين في بيان تمت قراءته، تابعته “طريق الشعب”، إنهم يحذرون من تصعيد احتجاجي يتمثل بإغلاق دائرتي البلدية والأملاك حتى الاستجابة لمطالبهم، مشيرا إلى أنهم يعانون من عدم نيل استحقاقهم بقطع أراض سكنية أسوة بالشرائح الأخرى على الرغم من ترويج معاملاتهم منذ فترة طويلة.

ويواصل المعلمون والمدرسون فضلاً عن المحاضرين بالمجان في السليمانية وحلبجة وإدارتي گرميان ورابرين إضرابهم العام منذ 72 يوماً بسبب تأخر صرف رواتبهم. فيما ينظم المعلمون والمحاضرون في المحافظة تظاهراتهم بشكل مستمر (كل أحد من كل أسبوع) في المحافظة، منذ إعلان إضرابهم عن الدوام في أيلول الماضي.

السوداني يعلق

وعلق رئيس الحكومة محمد شياع السوداني على هذه المطالب بشكل ضمني خلال حضوره افتتاح منتدى الشراكات الصناعية الذي انطلقت أعماله، امس السبت، في محافظة البصرة بالقول: أن الدولة لا يمكن لها أن توظف جميع الأعداد الهائلة من الخريجين.

وقال في الجلسة الحوارية خلال المنتدى، إن “تغيير فلسفة الدولة الأحادية الاقتصاد يتم عبر دعم القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية والسياحية”، مضيفاً “لدينا موارد طبيعية لتأسيس صناعة مستدامة متطورة، تلبي احتياجات السوق المحلية، ويمكن أن تصدر منتجاتها إلى الخارج”.

وشدد بالقول على انه “لا يمكن أن يبقى العراق سوقاً استهلاكية للمواد والسلع المستوردة”، مبيناً أن “فرصة العمل الواحدة المباشرة في القطاع الصناعي تولد 4-6 فرص عمل غير مباشرة في قطاعات أخرى”.

وبيّن، أنّ “نسبة المساهمة في إجمالي الإنتاج الصناعي ما زالت تقاد من قبل الشركات الصناعية العامة الحكومية”، مؤكداً “الحاجة إلى أن يسهم القطاع الخاص في الإنتاج الصناعي للصناعات الغذائية والدوائية والإنشائيّة والتعدينية”.

وأردف بالقول “عانينا كثيراً من الشراكات التجارية التي أساءت للشركات الحكومية، وهناك شراكات ناجحة أسهمت في إضافة خطوط إنتاجية وتأهيل العاملين”، مؤكداً “السعي إلى تمكين القطاع الصناعي الخاص من خلال الملكية للوحدات الصناعية والمساهمة بالإنتاج”.

وأشار إلى أن “الحكومة عملت خلال عام على خطوات إجرائية عملية، منها تأسيس صندوق العراق للتنمية، الذي يؤسس لبيئة صحيحة من الاستثمار للقطاع الخاص، بدأنا برأس مال واحد تريليون دينار، وسيزداد مع عام 2024، وتمت زيادة رأس مال المصرف الصناعي، ولأول مرة قدمت ضمانات سيادية للاستثمار في القطاع الخاص”.

أين الحلول؟

من جانبه، قال الناشط المدني علي البهادلي ان “حديث الحكومة ما يزال في العموميات، فالجميع يعلم ان قطاع الدولة لا يمكنه استيعاب اعداد الباحثين عن فرص العمل، لكن يبدو انها تناست واجبها الأساسي الذي هو توفير فرص العمل للباحثين عنها”، مبينا ان “الحكومة تنظر الى الباحثين عن فرص العمل على انهم من الخريجين فقط، لكن هناك أعداداً هائلة من غير الخريجين يلفهم النسيان، ولا يوجد قطاع يستوعبهم سوى المؤسسات العسكرية والأمنية ان وجدت فيها فرص عمل”.

وأضاف البهادلي، أن “العمل هو حق أساسي للإنسان وعلى الحكومة إيجاد مخرج للأزمة المتجذرة بدل تكرار الحديث المعروف للقاصي والداني”، موضحا أن “الحكومة تحاول تجاهل ارتفاع الأسعار للمواد الغذائية والدوائية وتصر على نهجها الذي لا يعتمد على مؤشرات واقعية”.

وخلص البهادلي الى أن “مداخيل الموظفين ما زالت نفسها في وقت ترتفع الأسعار، الأمر الذي يدعو إلى مراجعة سلم الرواتب”، مبينا ان “الموظفين في القطاع العام مثل الصحة والتربية والزراعة والبلدية وغيرها بحاجة الى عمل إضافي من أجل توفير احتياجاتهم”.