اخر الاخبار

 يُعتبر المسيحيون أوائل سكان وادي الرافدين، ويشكلون جزءًا من السكان الأصليين للمنطقة. لكن هذا المكون واجه العديد من التحديات عبر العصور؛ حيث يصف بعض أبنائه الوضع الحالي بأنه «مربك»، نتيجة للمحاصصة الحزبية وتقلبات المشهد السياسي، بالاضافة إلى غياب القوانين الفعّالة التي تحمي وجود الأقليات في العراق.

 يذكر بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس ساكو في بيان صحفي، ان اوضاع المسيحيين في العراق باتت كارثية، وانهم غدوا «مكونا صغيرا» يعيش في قلق كبير، بسبب ما يواجهون من تهميش ومضايقة واضطهاد.

وأضاف ساكو، أن «المحاصصة شلت مفاصل مهمة ما اسهم في نشاط مافيات الفساد، إذ أن عمليات الاحتيال على العقود والمشاريع خلقت شبكة من المصالح والنفاق»، مشيرا الى إن «إصلاح النظام السياسي يتم عبر إلغاء المحاصصة وعدم السماح لأيٍّ كان بممارسة الضغوطات على الحكومة لتنفيذ أجندات خاصة به او بحزبه او مكوّنه». وشدد ساكو على «ضرورة ايجاد معالجة جذرية للتطرف وفصل الدين عن السياسة، لأن تسييس الدين كارثي على الدين وقيمه السامية».

 غياب القوانين

يقول عضو المكتب السياسي لحزب أبناء النهرين، أدد يوسف، إن «المسيحيين بعد انتهاء النظام السابق استبشروا خيرا حالهم حال جميع العراقيين، الا ان ما حصل تمثل بنشوء بيئة اجتماعية وامنية طاردة لجميع الاقليات بضمنهم المسيحيون، اذ هجروا لأكثر من مرة من مناطق سكناهم وقتل الكثير منهم على الهوية من قبل جهات تكفيرية، بالنتيجة تراجعت اعدادهم في العراق منذ 2003 الى الان، لتصل الى ارقام هزيلة جدا، ضمن خطط ممنهجة تدفع باتجاه انهاء وجودهم في العراق».

ويردف يوسف كلامه لـ»طريق الشعب»، قائلاً إن «استمرار الوضع على ما هو عليه، وغياب التحرك الحكومي لحمايتهم والحفاظ عليهم، يساهم في مهمة الانهاء المخطط لها». ويقول أدد أن «المحاصصة لها دور سلبي كبير تجاه المكون المسيحي، حيث تم اقصاء كافة المسيحيين عن مناصب الكوادر المتقدمة في الوزارات، برغم انهم كفاءات يشهد لها بنزاهتها واخلاصها للعمل والعراق».

ويضيف، أن «الأحزاب التقليدية لا تسمح لاحد ان يتبوأ أي منصب الا اذا توافق مع اجندتها الطائفية والدينية، لذلك لا يجد المسيحي أي فرصة لان يكون ضمن السلطة بشكل فاعل. بالتالي يتخذ من الهجرة خيارا قسريا».

ويجد أن العراق بحاجة الى «احداث تغييرات للحفاظ على ما تبقى من المسيحيين فيه»، مطالباً بتشريع قوانين تحمي وجودهم وتحافظ على هويتهم الثقافية، وتضمن مشاركتهم السياسية الفعالة في مفاصل الدولة، على جميع المستويات، كون ما يحدث هو عكس ذلك، اذ لا تزال القوانين والأنظمة لا تدفع باتجاه الحفاظ على الاقليات في العراق».

ويخلص يوسف الى القول ان «جميع الحكومات المتعاقبة تعلن موقفها الإيجابي من قضايا الأقليات، لكن على أرض الواقع لا نرى أية خطوات إيجابية جدية لحماية وجودهم وحماية ارثهم الثقافي والحضاري، ولا تزال المؤشرات تدل على ان العراق ما زال طاردا لوجودهم».

وضعهم «مربك»

ويشير الاعلامي والناشط من المكون المسيحي، بسام بولص، إلى وجود ارباك في وضع المسيحيين في عموم العراق بالوقت الحالي، مرجعا سبب ذلك الى «وجود تقلبات في اوضاع البلد من حيث عدم استقرار المشهد السياسي الذي لا يشجع على بقاء المواطنين من المسيحيين في العراق».

ويؤكد بولص لـ «طريق الشعب»، إن «السلطات العراقية لا تتعامل مع ابناء المكون المسيحي بالمستوى المطلوب، ولا تقترب من تطلعات وامال المكون المسيحي»، مشيرا الى ان اعداد المسيحيين باتت تتناقص بسبب الهجرة الكبيرة، كما أن سحب المرسوم عن البطريرك الكلداني لويس ساكو الذي يعد رئيس اكبر كنيسة وجماعة مسيحية عراقية اصيلة، كان سببا بزيادة الهجرة.

ولفت الى ان السلطات العراقية «تتجاهل مطالبهم المتكررة، لا سيما في مناطق سهل نينوى، التي تشهد صراعات سياسية وتغييرا ديموغرافيا» بحسب قوله.

وفي ختام حديثه، اكد بولص إن البلاد «بحاجة إلى إحداث تغييرات شاملة في منظومة الحكم، باتجاه ترسيخ العدالة الاجتماعية وتعزيز سيادة القانون، والحفاظ على كرامة الجميع وتوفير فرص العمل بشكل متكافئ لجميع العراقيين».