اخر الاخبار

تتكبّد الأسر العراقية مبالغ مالية كبيرة لتأمين دراسة أبنائها في المدارس الأهلية أو تسجيلهم في الدروس الخصوصية. تضاف إلى ذلك مبالغ شراء مستلزمات الدراسة والملابس، والكتب المنهجية التي عجزت وزارة التربية عن توفيرها في الموعد المحدد، فضلا عن أجور النقل وغيرها من المتطلبات الكثيرة.

 يأتي ذلك مع استمرار تردي التعليم في المدارس الحكومية، التي تواجه مشكلات عديدة تتمثل في عدم تطوير المناهج وأساليب التدريس، وضعف أداء بعض الكوادر التدريسية، وصولا إلى اكتظاظ الطلبة في الصفوف.

وتفاقمت مشكلات الدراسة في العراق خلال السنوات الأخيرة، بشكل لافت، وطرأت عليها تعقيدات إضافية. ووفقا لاختصاصيين في مجال التعليم، فإن انتقال الطلبة من المدارس أو الجامعات الحكومية إلى مثيلاتها الأهلية، وتسجيلهم في دورات الدروس الخصوصية، باتا من الأمور الضرورية بالنسبة للكثير من الأسر، التي ترى أن بقاء أبنائها في المؤسسات الدراسية الحكومية لن يجدي نفعا في ظل تراجع قطاع التعليم. 

وتُقدم الدروس الخصوصية في البيوت أو في المعاهد، ويتولاها غالبا مدرسون منتسبون إلى وزارة التربية، يقدمون الدروس للطبة مقابل مبالغ مالية كبيرة جدا.

 ضعف مرتّب المعلم

نقيب المعلمين في العراق عباس السوداني، يرى ان من بين أسباب انتشار التعليم الخصوصي في البلاد “ضعف الدخل الشهري للمعلم”.

ويوضح السوداني في حديث صحفي أنّ “الكثيرين من المعلمين يبررون ممارسة التعليم الخصوصي بضعف دخلهم الشهري الذي لا يكفي لسد احتياجاتهم واحتياجات عائلاتهم”، لافتا إلى أنّ “نقابة المعلمين تقف ضد التعليم الخصوصي. فهو يخلق فوارق طبقية بين الطلبة، لا سيما أنّ أغلب العائلات ذات دخل محدود”. ويدعو السوداني وزارة التربية إلى “فتح معاهد خاصة تكون تحت إشرافها، تستقطب الطاقات التدريسية التي اضطرت للتقاعد بسبب قانون التقاعد الجديد”، مشيرا إلى أنّ “الحكومة غير مهتمة بالقطاع التربوي على الإطلاق، ولم تخصص له أموالاً في الموازنة تنتشله من واقعه المزري”.

وينوّه إلى أن “الحكومة لا تطبق القانون الخاص بمنحة الطلبة المالية، والتي ستساهم بشكل كبير في تخفيف معاناتهم ومعاناة أهاليهم”.

 لا فائدة من المدارس الحكومية!

محمد كاظم، موظف لديه 4 أولاد اضطر إلى إلحاق اثنين منهم بدورات تقوية استعداداً لاجتياز مرحلة السادس الإعدادي.

ويعمل كاظم موظفا في المديرية العامة لصناعة السيارات، ويتقاضى راتباً شهريا قدره مليون دينار.

يقول في حديث صحفي: “أنفق قرابة 20 مليون دينار مقابل إدخال ولديّ الاثنين إلى معهد خصوصي لتقوية مستواهما العلمي. إذ إنّ المدارس الحكومية باتت لا تقدم أي فائدة للطالب” - حسب تعبيره.

ويؤكد أنه رهن دخله الشهري كله من أجل تعليم أبنائه، واضطر للعمل سائق سيارة أجرة لتوفير متطلبات العيش الأخرى، لافتاً إلى أنّ “كل مادة علمية يتلقاها أولادي في التعليم الخصوصي تصل رسومها إلى مليوني دينار”.

 بحاجة إلى جهود كبيرة

تُوجّه وزارة التربية المديريات التابعة لها في بغداد والمحافظات، بضرورة حث المشرفين على متابعة الإدارات المدرسية ومطالبتها بأخذ التعهدات من المعلمين والمدرسين بالامتناع عن التدريس الخصوصي. فيما تحذرهم من عقوبة المخالفة التي قد تصل إلى فصلهم الوظيفي، إلا أن هذه الإجراءات لا تُطبّق على أرض الواقع.

المتحدث باسم وزارة التربية كريم السيد، يرى أن القضاء على ظاهرة التدريس الخصوصي يحتاج إلى جهود كبيرة جداً، على مستوى المراقبة من جهاز الإشراف، ومن خلال طرح برنامج حكومي في هذا الشأن.

ويوضح في حديث صحفي أن “الوزارة كانت لديها في السنوات السابقة ضوابط صارمة بالنسبة لظاهرة التدريس الخصوصي، وكانت تستقبل الشكاوى ضد المعلمين الذين يبتزون طلبتهم، ويفرضون عليهم دفع الأموال أو يجبرونهم على تلقي الدروس الخصوصية خلال الدوام الرسمي، الذي هم بالأصل مكلفون به”.

وبالرغم من الضوابط التي وضعتها التربية، لا تزال ظاهرة التدريس الخصوصي تتفاقم، وبحسب السيد فإن “اللجان التي شكلت لمتابعة هذه الظاهرة، بالرغم من كثرتها، ربما لم تكن رادعة”.

 المدارس الأهلية لا تتعامل بمهنية!

خلال الأعوام الأخيرة نشط الاستثمار في مشاريع المدارس الأهلية بشكل واسع في عموم البلاد، والتي تزايدت أعدادها كثيرا، على الرغم من الاتهامات التي تلاحق هذا القطاع بعدم المهنية في التعاطي مع الطلبة.

ووفقا لما ذكره عضو نقابة المعلمين العراقيين أسعد المعاضيدي، في حديث صحفي سابق، فإن المدارس الأهلية تمتاز عن الحكومية بكونها لا تعاني كثافة في عدد الطلبة، ولا تعتمد الدوام المزدوج، فضلا عن احتوائها على المستلزمات الضرورية للتعليم، مستدركا “لكن التعليم في تلك المدارس ليس بالمستوى المطلوب، لكون الهم الوحيد للمستثمرين هو كسب أكبر عدد من الطلبة، وبكل الطرق، مستغلين الخلل الموجود في المدارس الحكومية”.