اخر الاخبار

لا يزال المضاربون في الاسواق، يمرحون كما يحلو لهم، ويتلاعبون بأسعار الصرف وفق ما تقتضيه مصالحهم، وفي الوقت الذي تحدد فيه الحكومة سعر الصرف الرسمي عبر مؤسساتها الرسمية المعنية، نجد ان هذه المافيات لا تنصاع للقرارات والتدابير الحكومية، ومن جانب الاخر يعتقد اصحاب الاختصاص بأن الحكومة حتى الان لم تكن بالمستوى المطلوب في التعاطي مع هذا الملف، ملاحظين ان الأسباب التي تؤدي الى زيادة سعر الصرف غير واضحة للكل حتى الان، فالمشكلة اليوم غير معروفة، وكل طرف يعزو الاسباب لقضية معينة، بالتالي فان محاولة ايجاد حلول لمشكلة غير معروفة امر غير صحيح.

على صعيد متصل، قال محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، في تصريح ادلى به على هامش المؤتمر المصرفي العراقي السنوي في اقليم كردستان العراق الذي انعقد بنسخته الأولى في مدينة أربيل، إن المبيعات اليومية للبنك من الدولار في مزاد بيع العملة تبلغ قرابة 200 مليون دولار وذلك من أجل الحفاظ على استقرار سعر الصرف في السوق.

واكد على “فتح قنوات جديدة يومياً للحوالات المالية الخارجية لتقديم مزيد من التسهيلات في هذا المجال”.

الحكومة توضح

وكشف رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي الاخير، عن أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي، واكد الحاجة الى  عقوبات قانونية صارمة بحق المضاربين بالعملة.

وقال السوداني ان هناك “مشاكل في الإصلاح المصرفي وتحديات كبيرة تواجهها الحكومة، وان سعر صرف الدولار الحالي في الأسواق هو سعر المضاربين بالعملة، اضافة الى ان هناك جهات ومصارف أهلية وتجارا وأصحاب شركات صيرفة يريدون من لسعر صرف الدولار الحالي ان يستمر”.

وأكد رئيس الوزراء دعم الحكومة “لبعض المصارف التي نثق بأنها جيدة وحققت نجاحات، لأجل ان تكون جزءاً من الحل”، مضيفاً أن “واحدا من الإشكالات التي نواجهها اليوم هي أن القانون العراقي لا يتضمن عقوبات قوية وصارمة، بحق الذين يتم إلقاء القبض عليهم من المضاربين بسعر صرف الدولار”.

ولفت إلى أنه على الرغم من “ارتفاع سعر صرف الدولار إلا أن أسعار المواد الغذائية مستقرة وجيدة، والحكومة ستأخذ دور بعض التجار في بعض الأمور، كما أن هناك مبادرة جيدة لتوفير الأدوية من مناشئ عالمية للأمراض المزمنة وبيعها في السوق بأسعار مدعومة، وكذلك المواد الإنشائية سنوفرها ونبيعها بسعر مدعوم، وذلك ما سيجبر التجار والمضاربين على خفض سعر الدولار في السوق”.

سوء تنظيم

المستشار الاقتصادي، لرئيس الوزراء د. مظهر محمد صالح قال: إن “مشكلة الاسواق في العراق هي ان 60 _ 65 في المائة منها اسواق غير مجازة وغامضة وايضا غير معرفة امام الهيئات الضريبية والمصرفية كمؤسسات سوق”.

 وتابع قائلا ان “مثل هذا السوق يكثر فيه المضاربين، وهم مضاربون بقوت الناس ومعيشتهم، وهذه السوق اليوم بواقع الحال لا تشكل شيئاً امام قوة الدولة واقتصادها”، مبينا ان “اقتصاد الدولة قوي من ناحيتين، الاولى لأنه يوفر نافذة للاستيرادات بسعر صرف مستقر وهذه هي المسألة الكبرى في الحقيقة، اضافة للدعم الحكومي والاستيرادات الحكومية”.

واوضح صالح بقوله: ان اسواق “المضاربين جاءت من سوء تنظيم وعدم وجود مؤسسات سوق بشكل صحيح، وبالتالي نجد انها تتسبب بآثار جانبية، برغم انها ليست كبيرة”، مشددا على ضرورة ان “ يكون الذراع الاقتصادي للدولة قويا ويتدخل بشكل اكبر لكبح جماح هذه السوق، وهذا هو التوجه الصحيح في هذا الصدد”.

وكشف عن ان سوء تنظيم الاسواق الرمادية لكونها غير قانونية بشكل عام، موضحا ان هناك اجراءات قانونية وتنظيمية مستمرة لكبح جماح هذه المؤسسات غير القانونية التي تسبب ضررا للظروف المعيشية، مؤكدا اهمية ان يكون هناك تدخل قوي من جلنب الدولة بذراعها الاقتصادي او التنظيمي، عبر توفير الدولار بالسعر الرسمي عن طريق قنوات التحويل بشكل كبير، اضافة للتجارة الحكومية والبطاقة التموينية والسلال التي تقدمها الدولة.

وكشف ان هناك “برنامجا في هذا الجانب للدولة وربما سيتم الاعلان عنه قريباً، لحماية مستوى المعيشة بقوتها الاقتصادية”.

الرقابة الحكومية

الخبير الاقتصادي منار العبيدي، قال في مستهل حديثه: حتى الان نجد ان الاسباب التي تؤدي الى زيادة سعر الصرف غير واضحة؛ قسم يعزوها الى الطلب على الاستيراد، وقسم الى طلب بعض الدول المفروضة عليها عقوبات امريكية وتحديداً ايران، وبالتالي فإن المشكلة اليوم غير معروفة، ومحاولة ايجاد حلول لمشكلة غير معروفة امر غير صحيح.

وعلق على حديث رئيس الوزراء قائلا، ان “ما ذكره رئيس الوزراء في بعض الجوانب غير مبني على معطيات حقيقية، فاذا كانت المصارف الاهلية تقوم بالتلاعب بسعر الصرف، فهنالك جهات رقابية والبنك المركزي قادر على ايقاف هذه المصارف وشركات الصيرفة”.

واكد العبيدي لـ”طريق الشعب”، ان “الموضوع اكبر من شركات الصيرفة والمصارف: هناك طلب كبير على الدولار في السوق المحلية، والحاجة الملحة اليوم هي السيطرة على المنافذ الحدودية لمعرفة هل الدولار مطلوب فعلاً لتغطية الاستيراد ام لأغراض اخرى؟”.

واردف قائلاً ان “المواطن العراقي لا يهمه سعر الصرف، بقدر اهتمامه بعدم ارتفاع اسعار المواد الاساسية، وهذا يقودنا بالتالي الى موضوع اخر وهو التضخم، فهل فعلا التضخم متأثر بأسعار الصرف؟”.

وتابع “نلاحظ ان تأثير سعر الصرف هو تأثير نفسي اكثر من تأثيره على اسعار المواد، وخصوصاً المواد الاساسية، فأسعار المواد الغذائية لم نشهد ارتفاعا في اسعارها مثل ارتفاع اسعار الصرف. نحن نتحدث عن فرق بنسبة 20 في المائة عن السنة السابقة في ما يخص سعر الصرف”.

وشدد على ضرورة ان “تعمل الحكومة على مراقبة نسب التضخم لكل سلعة وخدمة، ومحاولة تقليلها من أجل ان لا يكون هناك تأثير مباشر على المواطن العراقي، اما محاولة ايجاد حل جذري لمسألة سعر الصرف، فلا أرى حالياً انه يمكن ان يحل بهذه الطريقة”.

وعن تقييمه لأداء الحكومة والجهات المعنية قال “كانت هناك مجموعة تحديات في الفترة السابقة، منها ارتفاع سعر الصرف الموازي والعقوبات على البنوك وصرف الاموال بالدينار للمودعين بالدولار”، لافتا الى ان” الحكومة او الجهة المسؤولة لم تكن موفقة في ايجاد حلول جذرية لهذه المشاكل”.