اخر الاخبار

يطاول الإهمال على مستوى الخدمات والبنى التحتية، أحياء بغداد السكنية مثلما في بقية مدن البلاد. إذ لا تزال تلك الأحياء تعتمد على طرقات أُنشئت قبل أكثر من 40 و50 عاما، ولم تصلها منذ ذلك الحين يد الصيانة والتأهيل، ولم يطرأ عليها أي تجديد، ما جعل عددا كبيرا منها غير صالح للاستخدام، بعد تآكل أرضياتها وامتلائها بالحفر والمطبات.

ولم تكن شوارع بغداد وبناها التحتية وخدماتها من شبكات الصرف الصحي ومياه الإسالة وشبكات الكهرباء، قد صممت لتناسب الكثافة السكانية التي تشهدها العاصمة اليوم، إضافة للتجاوزات التي تتسع في الكثير من الأحياء السكنية، والتقسيمات غير النظامية للمنازل.

وعلى الرغم من أنّ الحكومة الحالية شكّلت فريقاً خدمياً معنياً بتأهيل شوارع بغداد، إلا أن هذا الفريق راح يركّز اهتمامه على الشوارع الرئيسة في مركز المدينة، دون الشوارع الفرعية وأزقة الأحياء السكنية، ومنها أزقة الأحياء الشعبية القديمة. وفي الأحياء التجارية كما السكنية، يشكو البغداديون من نقص حاد في الخدمات، خصوصاً في مناطق الكرادة والمنصور والباب الشرقي والبتاويين والشيخ عمر والباب المعظم

 غرق واختناق!

المواطن ستار فاضل (أبو إبراهيم)، وهو من سكان مدينة الحرية غربي العاصمة منذ 30 عاما، يقول أنّ “مياه المجاري والأمطار تدخل إلى بيوتنا في الشتاء، والأتربة تأكل أثاثنا وتخنقنا صيفا”، موضحا أن “مدينة الحرية من المناطق القديمة، وهي ما زالت تعتمد على طرقات أُنشئت فيها منذ تأسيسها قبل عقود، ولم تشهد أي تأهيل”.

ويلفت في حديث لوكالة أنباء “العربي الجديد”، إلى أن “المدينة توسعت وزادت كثافتها السكانية، وهي بالتالي تحتاج إلى تأهيل يناسب هذا التوسع”، مشيرا إلى ان “شبكات الصرف الصحي في المدينة لم يطرأ عليها أي تطوير، الأمر الذي يتسبب في اختناقها باستمرار، خاصة خلال موسم الأمطار، ما يؤدي إلى غرق الشوارع والمنازل”.

وينوّه أبو إبراهيم في حديثه لوكالة الأنباء إلى ان “فرق أمانة بغداد تجري أحيانا حفريات في الشوارع، ثمّ تترك الوضع على حاله فترات طويلة، ما يضطرنا نحن أهالي المنطقة إلى معالجة المشكلة بأنفسنا. إذن نجمع أحيانا المال بيننا لتصليح التعرجات التي تخلفها تلك الأعمال أمام منازلنا”.

 عملية غير مكتملة

من جانبها، تقول المواطنة فردوس (أم علي)، وهي من سكان حي الكرادة داخل، أن منطقتهم تعاني سوء الخدمات، موضحة في حديث صحفي أن “عملية تأهيل شارع الكرّادة داخل الرئيس الذي يبدأ من ساحة كهرمانة ويمتد حتى نهاية المنطقة، أثارت جدلا واسعا بين السكان وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. ففي حين عدّ البعض عملية التأهيل خطوة جيدة، رأها البعض الآخر عملية غير مكتملة. إذ لم يشمل التأهيل الشارع بأكمله، ولم يمتد إلى الطرقات الفرعية”.

وتُعَدّ منطقة الكرادة من أبرز مناطق بغداد على المستوى التجاري، بالإضافة إلى أنّها مقصد الوافدين إلى العاصمة، نظراً إلى الحيوية التي تتميّز بها على مدار ساعات النهار والليل.

وتؤكد أم علي أنّ “الكرّادة تعاني الإهمال منذ سنوات طوال، ولم تؤهَّل شوارعها ولا طرقاتها الفرعية ولا مبانيها”، مشيرة إلى أنّ “أهالي المنطقة طالبوا بأن تشمل عمليات التعبيد الشوارع الصغيرة والفرعية، حتى يتجنبوا غرقها في موسم الأمطار، مثلما يحصل كل عام”.

يُذكر أنّ أمانة بغداد أطلقت في نيسان الماضي، حملة متكاملة تشمل مسوحات وتصاميم ميدانية للشوارع الرئيسة والمتضررة من أجل تعبيدها. وقد استهدفت الحملة أربعة ملايين متر مربّع من الشوارع.

وأفادت الأمانة في بيان رسمي بأنّ حملتها “سوف تشمل كلّ قواطع الدوائر البلدية، وسوف يلاحظ المواطن البغدادي تطوّراً كبيراً في واقع الطرقات، استجابة لتوجيهات رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني”، مضيفة أنّ “أمين بغداد عمار موسى عمد إلى تحديد شارع رئيس من ضمن حدود كلّ دائرة بلدية لتحويله إلى شارع نموذجي”.

 الفساد وغياب الرقابة

وفي سياق حملات إعمار الشوارع، أُعيد تأهيل وتعبيد الشارع الرئيس لمنطقة الشعب شمالي بغداد، التي تربط العاصمة بالمحافظات الشمالية، إلا أنّه بعد أسبوع واحد تقريباً على إنجاز العمل شهد الشارع انخسافاً كبيراً وقعت فيه شاحنة، الأمر الذي خلّف ردات فعل سلبية من قبل المواطنين تجاه الجهات التي نفّذت العمل.

وفي هذا الإطار، يتحدّث المهندس في مديرية الطرق والجسور محمد الدايني عن سوء المواد المستخدمة في تعبيد الشوارع، عازياً الأمر إلى “الفساد وغياب الرقابة”.

ويوضح في حديث صحفي ان “الشركات التي تنفّذ مشاريع تعبيد الطرقات، تقدّم بداية خطة كاملة عن أنواع المواد التي سوف تستخدمها. إذ تعرض أفضل أنواع الأسفلت وأجوده في حين تستخدم نوعاً آخر أقلّ جودة وتحمّلاً”.

ويضيف الدايني أنّ “هذا الأمر يوفّر أموالاً طائلة للشركات، إضافة إلى أنّه يحقق ديمومة عملها بعد ضمان الحاجة إليها بوتيرة سنوية. فلو كانت الشركات تعمل بأجود المواد، لانتفت الحاجة الضرورية إلى صيانة الطرق كل عام”.

 خسائر مادية

من جهة أخرى، فإنّ الطرقات الرديئة تتسبّب في خسائر للمواطنين، نظرا لما يلحق بمركباتهم من أضرار.

وفي هذا الصدد يقول حسين (أبو علي)، وهو ميكانيكي سيارات، أن “تردي الطرقات يرهق المواطن مادياً”، مبينا في حديث صحفي أن “الطرقات الفرعية في معظم مناطق بغداد لم تُعبّد منذ أعوام. وبما أنّ الشوارع الرئيسة تشهد باستمرار اختناقات مرورية، يضطر السائقون، خاصة سائقو مركبات الأجرة، إلى سلك الطرقات الفرعية، وبالتالي تتأذى مركباتهم”.